تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من هو القرطبي مؤلف: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد .. ؟]

ـ[سمير القدوري]ــــــــ[28 Dec 2005, 03:23 م]ـ

من هو القرطبي مؤلف كتاب الإعلام في الرد على النصارى؟

بقلم: سمير القدوري

وقع لجماعة من المعنيين بالتراث العربي لبس بشأن هوية " الإمام القرطبي" المبهم اسمه صاحب كتاب الإعلام, بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام. فلما وقفت على هوية المؤلف الحقيقي وجب إحقاق الحق و إرجاع الفضل إلى أصحابه ورفع ذلك اللبس الذي لايزال مستمرا إلى اليوم في ما يكتب و ما ينشر من بحوث حول تاريخ الجدل الإسلامي المسيحي.

لنبدأ بعرض ومناقشة أولائك الذين غلطوا في أمر القرطبي, وأقدمهم وفاة هو إسماعيل باشا البغدادي الذي نسب الكتاب المذكور إلى أبي عبد الله محمد بن أحمد بن فَرْح الأنصاري القرطبي (ت.671هـ) مفسر القرآن الكريم. ثم تابع البغداديَّ على هذا القول المستشرقُ الألماني كارل بروكلمان في الملحق الأول على كتابه تاريخ الأدب العربي.

ثم أخذ بقوليهما بعد ذلك, الدكتور القصبي محمود زلط فقال عند تعداده لكتب القرطبي المفسر ما نصه:" ومنها: الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام, ولقد أشار البغدادي إلى هذا الكتاب في هدية العارفين, وحدد بروكلمان مكان هذا الكتاب فذكر في كتابه تاريخ الأدب العربي أنه يوجد منه نسختان خطيتان بمكتبة كوبريلي بتركيا تحت رقم 794 - 814". وعن هؤلاء الثلاثة انتشرت نسبة كتاب الإعلام إلى القرطبي المفسر في الدراسات العربية, فرغم أن الكتاب حقق كاملا مرتين, الأولى من طرف أحمد حجازي السقا سنة 1980م , الذي تردد بعض الشيء في نسبة الكتاب إلى القرطبي المفسر, و الثانية من طرف الباحثة فايزة سعيد صالح عزام, في نطاق رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى للعام الجامعي 1405هـ و الباحثة بدورها تنسب الكتاب للقرطبي المفسر تقليدا لأسلافها في هذه القضية.

وحقق الكتاب جزئيا ثلاث مرات على الأقل, من طرف كل من:

- عبد الله الخلائفي محقق القسم الثاني من الكتاب.

- علي بو عمامة من جامعة ستراسبورغ بفرنسا عام 1978م.

كل هؤلاء لم يفلحوا في تجاوز ما قاله البغدادي و كارل بروكلمان, ونحن نفند إن شاء الله ما ذهبوا إليه من ثلاثة وجوه.

الوجه الأول: يلاحظ القارئ لكتاب الإعلام اختلاف أسلوب صاحبه و أسلوب القرطبي المفسر.

الوجه الثاني: يلاحظ اختلاف جوهري بين مؤلف الإعلام و بين القرطبي المفسر فيما يتعلق بمسألة إعجاز القرآن, فحينما يقول صاحب الإعلام بالصَّرْفة أي" أن البشر قد صرفوا عن الإتيان بمثل القرآن, بل عن الإتيان بآية طويلة من آياته". في حين كان القرطبي المفسر يرفض تماما هذا المذهب ويقول في شأنه:" وهذا فاسد لأن لإجماع الأمة قبل حدوث المخالف, أن القرآن هو المعجز, فلو قلنا إن المنع و الصَّرْفَة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا, وذلك خلاف القرآن". فنحن نرى أن مذهب القرطبي المفسر على النقيض تماما من مذهب مؤلف الإعلام في قضية من أمهات المسائل العقيدة الإسلامية وهذا ليس دليلا هينا على استبعاد كون المفسر مؤلفا لكتاب الإعلام.

الوجه الثالث: أننا لم نجد أحدا, قبل البغدادي, ممن ترجم للقرطبي المفسر ذكر أن له كتابا في الرد على النصارى يسمى الإعلام.

ثم جاء الباحث بول دوفيلار ( Paul Devillard) ليطلع علينا في رسالته للدكتوراه برأي طريف, حيث صرح بأن مؤلف الإعلام هو الفقيه أبو جعفر أحمد بن نصر الروادي (كذا) مؤلف كتاب الأموال (كان لايزال مخطوطا بالأسكوريال في نسخة (عدد 1165) كتبت عام 677هـ) , فلما اعتقد أن كتاب الأموال ألف سنة 677هـ, و ادعى أن كتاب الإعلام ألف سنة 684هـ استنادا على غلط ورد في فهرست خزانة كوبريلي, تجرأ فقال بما أن كتاب الأموال به بعض النصوص بشأن أحكام أهل الذمة, فلن نجد في القرن السابع عالما يمكن أن يؤلف الإعلام خيرا منه.

وهذا ليس بشيء يعتمد عليه أو يستحق أن يلتفت إليه ونحن نستخرج إن شاء الله ما في قول دوفيلار من أوهام بعضها فوق بعض.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير