تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ابكِ مثل النساء!

ـ[ hedaya] ــــــــ[09 Jan 2006, 08:13 ص]ـ

ابكِ مثل النساء!

في 2 يناير 1492 م سقطت مدينة "غرناطة" آخر مدن الأندلس المسلمة، ورفع العلم الصليبي على قصر الحمراء فيها! "غرناطة" كما يقول زوارها مدينة تنطق العربية والإسلامية في كل بقعة من بقاعها، تقع على هضاب حمراء راسخة في تضرعها الى خالقها، ومعترفة بهذا التراث الاسلامي الذي شيدها وبناها.

وقصر الحمراء درة "غرناطة" وعنوانها وشعارها التاريخي الأول، يكاد يكون هو المعلم العربي الأبرز في الأندلس يطل على المدينة الحديثة من هضاب عالية تشكل جزءا منها، أو على الأصح هي في موقع القلب من المدينة ... والقصر ولا شك شاهد معجز على عظمة المسلمين ورقيهم الحضاري ونهضتهم العمرانية والهندسية والفنية وقتذاك.

وكأني أنظر إلى القصر من بعيد يبكي مكان الدموع دمًا أحمرًا على ماضٍ تليد، حكم فعدل وشيد وبني، يبكي أمة كان لها في هذا المكان وجودٌ أنهته الفتن والمؤمرات وحب الملك والسلطان واستعانة الأخ على أخيه بالعدو، وصارت طوائف تقاتل بعضها بعضا ويحقد بعضها على بعض وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: "ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى ان تفتح الدنيا عليكم فتتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"، تنافسوا الدنيا ونسوا صيانة الدين والملك فاهلكتهم وجعلتهم أثر بعد عين وأصبحت حضارتهم مزارا للسياح يقال لهذه الآثار: "كان ها هنا عربٌ"!

ومما يزهدني في أرض أندلسا،،، ألقاب معتمدٍ فيها ومعتضدِ

ألقاب مملكةٍ في غير موضعها،،، كالهر يحكي انتفاخًا صولة الأسدِ

ويؤلمني المشهد الأخير حين سار السلطان المنكسر أبو عبدالله الصغير مع نفر من أتباعه الى خارج غرناطة ينتظر الفاتحين الجدد ليسلم المدينة اليهم اينهى آخر عهد للمسلمين بالأندلس وحين سلمها القى على المدينة آخر نظرة وداع عليها فهاجت نفسه وخرجت العبرات من عينية وبكى!

فتراه أمه في هذه الحالة وتقول له: "إبكِ مثل النساء ملكًا مضاعًا لم تحافظ عليه مثل الرجال"، وصدقت فالملك لا يحفظه إلا الرجال والدين لا يحفظه إلا الرجال، ولا أعني بذلك الجنس فرب أمرأة بألف من الذكران، والعرض لا يحفظه إلا الرجال، والمجد لا يحفظه إلا الرجال، والحرية لا يطلبها إلا الرجال، أما أشباه الرجال فليس هذا ميدانهم ولا بضاعتهم، إنما مكانهم في الخلف مع القاعدين؛ {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم، وقيل اقعدوا مع القاعدين}

Hedaya

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير