تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مختارات 104 (أنظمة وحقوق في خطبة عرفة)]

ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[09 Jan 2006, 02:07 م]ـ

(تقبل الله طاعتنا وطاعتكم، وعفا عنا وعنكم، وغفرلنا ولكم، وعقبى للأمة توحدا واجتماعا ونصرا. ولخصوم الحق عودا إليه حميدا،أو هزيمة إلى الأبد واندحارا. وكل عام والجميع بخير.)

[مختارات 104 (أنظمة وحقوق في خطبة عرفة)]

9/ 1/2006

النبي الذي أذّن بحقوق الإنسان على عرفة .. لتعرف له البشرية حقه - زين العابدين الركابي*

متابعات (الصحوة):

في مثل هذه الايام، قبل أكثر من 1400 سنة، وقف معلم البشرية والحق والجمال والرحمة والكمال .. وقف نبي الاسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ بـ (عرفة) يؤذن في الناس بما يسمى اليوم بـ (حقوق الانسان): يؤذن بكرامة الانسان، وحرمة الدماء والعرض والمال .. يؤذن بالمساواة ـ بالمساواة امام الشريعة او القانون .. ويؤذن بالسلام العام .. ويؤذن بالنظام .. ويؤذن باحترام المرأة وتقديرها .. الى غير ذلك من المفاهيم والقيم التي صدح وصدع بها وهو يودع الناس في ذلك المشهد العظيم الذي احتشد فيه معظم المسلمين في ذلك العصر (حج مع النبي مئة الف مسلم).

وهذا تمام مهيب بديع لما عمل له النبي قريبا من ربع قرن (23 سنة) .. وما عمل له عبر هذه المدة ـ القصيرة جدا في عمر النهضات والحضارات ـ هو: تأسيس (النهضة التنويرية الأكبر والأعمق) في تاريخ البشرية كله .. وهذه جملة تحتاج الى تفصيل:

ولندع نخبة من غير المسلمين من عقلاء البشر تتحدث عن هذه النهضة السعيدة المشرقة الواعدة:

1 ـ كتب المؤرخ البريطاني الشهير (ارنولد توينبي) في كتابه (تاريخ البشرية) كتب يقول: «كان لعبقرية النبي محمد اثر كبير في نقل رسالة ربه الى قومه، وقد كان تاريخ الجزيرة العربية مرتبطا بذلك. وفي سنة 622 م تبدل الوضع تماما لمصلحة محمد ورسالته. فقد جاءه مجموعة من الواحة الزراعية، أي يثرب او المدينة، يطلبون اليه ان ينتقل اليهم، ويتولى امورهم. وبعد ذلك انتشر الاسلام في العالم واثر فيه بعمق».

2 ـ وكتب الفيزيائي الايرلندي النابه جون ديزموند برنال في كتابه الموسوعي (العلم في التاريخ) كتب يقول: «سرعان ما اضيف الى تلك العوامل السلبية، ومنها الفراغ الذي يعيشه العالم: عامل ايجابي وهو ظهور دين عالمي جديد وانتشاره بسرعة. فالحواجز اللغوية والدينية والحكومية التي كانت حتى القرن السابع الميلادي: تعزل كل ثقافة داخل محيط اقليمها. هذه الحواجز قد زالت فجأة في كل الارجاء تقريبا ما بين المحيطين: الهندي والاطلسي، وقد اشاع الاسلام المحبة الاخوية بين كل الاجناس، وحدد لتابعيه شعائر دقيقة، وكانت فلسفته قائمة على التوحيد. لقد كان دينا راسخ الأسس في قلوب الناس».

3 ـ وكتب الزعيم الهندي المعروف (جواهر لال نهرو) في كتابه (لمحات من تاريخ العالم) .. كتب يقول: «والمدهش حقا ان نلاحظ ان هذا الشعب العربي الذي ظل منسيا اجيالا عديدة: بعيدا عما يجري حوله، قد استيقظ فجأة، ووثب بنشاط فائق ادهش العالم وقلبه رأسا على عقب. ان قصة انتشار العرب في آسيا واوربا وافريقيا والحضارة الراقية، والمدنية الزاهرة التي قدموها للعالم هي اعجوبة من اعجوبات التاريخ. والاسلام هو الباعث لهذه اليقظة بما بثه من ثقافة وثقة ونشاط».

وهذا ذاته شيء من التفصيل يحتاج الى مزيد من التفصيل.

فمن نماذج النهضة التنويرية الكبرى التي قادها نبي الاسلام:

اولا: نهضة التنوير العقلانية، وهي البداية الحقة، إذ لا نهضة حقيقية في أي حقل، في غياب العقل، او في حال تحجره وجموده. لذا نستطيع ان نقرر ـ بهدوء وثقة ويقين ـ: ان النهضة التنويرية العظمى على يد نبي الاسلام، كان (العقل) مفتاحها ونافذتها وآليتها ومدخلها.

وهذا هو التعليل العقلي والمنهجي لهذه الحقيقة .. لقد كانت الجزيرة العربية، وكان العالم كله في (غيبوبة عقلية)، وكان (الجمود الفكري) هو: العملة الرائجة والعرف الضاغط السائد الطاغي .. ويستحيل ـ باطلاق ـ: ان يحصل تقدم ونهوض وتحرير وتنوير بينما العقل (غائب) والفكر (متحجر) .. ومن هنا: فقد كانت الاسبقية المنهجية والتطبيقية هي: (استحضار العقل الغائب)، وتحريك الفكر الجامد وتشغيله بأعلى معدلات طاقته.

ولقد تبدت هذه الأسبقية المنهجية في سياقات متنوعة منها:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير