تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري (مأخوذة من طبعة دار طيبة)]

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Dec 2005, 02:15 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ ليظهرَه على الدِّين كُلِّه ولو كره المشركون، وصلى الله على نبينا محمد وآله، وسلم تسليما كثيرا أما بعد:

فلا يخفى عليكم أن كتاب "فتح الباري شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر العسقلاني من أعظم كتب المسلمين ..

إلا أن عمل البشر ـ مهما بلغ صاحبه من العلم ـ لا بد فيه من النقص .. وهذا النقص يختلف من كتاب لآخر كما، ونوعا ..

ومن المعلوم أنّ من النقص الذي لا يحسن التساهل معه هو:

ما كان متعلقا بالعقيدة؛ إذ هي أغلى ما يملك العبد، وأولى ما يحافظ عليه.

ولما أراد الإخوة في دار طيبة إخراج الكتاب بتحقيق الشيخ أبي قتيبة نظر الفاريابي، كان في مقدمة اهتماماتهم التعليق على المسائل التي وقعت فيها مخالفة من الحافظ ابن حجر لمذهب أهل السنة والجماعة بسبب تأثره ـ غفر الله له ـ بعقائد الأشاعرة؛ فكان أن يسر الله لهذه المهمة الكريمة الشيخ عبد العزيز الجليل، فقام بعرض فكرة التعليق على الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك، وعرض مشروع التحقيق عليه = فشرح الله صدره لذلك، فعلق على مواضع كثيرة بيَّن فيها الحق ـ مذهب أهل السنة والجماعة ـ بيانا شافيا، ومعلوم إمامة الشيخ في هذه الباب فقد أمضى حفظه الله قرابة نص قرن من الزمان في تدريس العقيدة السلفية، ونشرها للناس؛ فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.

ولما كان من الصعب وصول الكتاب لإخواننا المسلمين في بعض البلاد، أو عدم قدرة بعضهم على اقتنائه = عقدت العزم على نقل تلك التعليقات النفيسة النافعة؛ ليعلقها الإخوة على نسخهم، وسأبدأ ـ بإذن الله ـ بنقلها هنا واحدا تلو الآخر .. أسأل الله الإعانة على ذلك.

تنبيه: العزو للطبعة السلفية الأولى.

1 - قال الحافظ في المقدمة ص 136:

قوله " استوى على العرش " هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى، ووقع تفسيره في الأصل.اهـ

قال الشيخ البراك: قوله: " هو من المتشابه ... الخ " إن أراد ما يشتبه معناه على بعض الناس فهذا حق؛ فإن نصوص الصفات ومنها الاستواء قد خفي معناها على كثير من الناس، فوقعوا في الاضطراب فيها وعلِم العلماء من السلف وأتباعهم معانيها المرادة منها، فأثبتوها، وفوضوا علم حقائقها وكيفياتها إلى الله تعالى؛ كما قال الإمام مالك وشيخه ربيعة لما سئل عن الاستواء: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب" وهذه قاعدة يجب اتباعها في جميع صفات الله تعالى، وقد فسر السلف الاستواء: بالعلو والارتفاع والاستقرار.

وإن أراد بالمتشابه: (ما لا يفهم معناه أحد، فيجب تفويض علم معناه إلى الله تعالى) فهذا قول أهل التفويض من النفاة المعطلة، وهو باطل؛ لأنه يقتضي أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمه أحد، وهذا خلاف ما وصف الله به كتابه من البيان والهدى والشفاء.

وهذا الاحتمال الثاني هو الذي يقتضيه سياق الحافظ عفا الله عنه ..

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Dec 2005, 06:35 م]ـ

شكر الله لك.

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Dec 2005, 08:53 م]ـ

جزاك الله خيرا


2 - قال الحافظ في المقدمة ص 208:
قوله: (أطولهن يدًا) أي: أسمحهن، ووقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافًا إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك. اهـ

قال الشيخ البراك: قوله: "واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة ... الخ": لفظ الجارحة لم يرد إطلاقه في الكتاب والسنة ولا في كلام السلف على صفة الرب سبحانه؛ لا نفيًا ولا إثباتًا، وهو لفظ مجمل، فيجب التفصيل فيه نفيًا وإثباتًا؛ فإن أريد بالجارحة اليد التي تماثل أيدي المخلوقين، فيد الله سبحانه ليست مثل يد أحد من الخلق.
وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط؛ فيد الله كذلك؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما كما جاء في الكتاب والسنة؛ فالنافي للمعنى الأول محق، والنافي للمعنى الثاني مبطل.
ولا ريب أن أهل السنة متفقون على نفي مماثلة الله لخلقه في شيء من صفاته ـ لا اليد ولا غيرها ـ بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية.
وقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "واتفق أهل السنة والجماعة": يدخل فيهم الأشاعرة ونحوهم من طوائف الإثبات كما يقتضيه آخر كلامه، ومذهبهم في صفة اليدين لله نفي حقيقتهما، ثم لهم في النصوص الواردة بذكر اليدين أحد منهجين:
إما التفويض، أي: تفويض المعنى.
وإما التأويل: بصرف لفظ اليد عن المعنى المتبادر ـ وهو الراجح ـ إلى معنى مرجوح كالقدرة والنعمة.
وهو صرف للكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة يسمونه تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير