تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال:" قال أبو عمر فمن الحب في الله: حب أولياء الله, وهم الأتقياء العلماء الفضلاء ومن البغض في الله: بغض من حاد الله وجاهر بمعاصيه, أو ألحد في صفاته, وكفر به وكذب رسله, أو نحو هذا كله.

وأما قوله: "في ظل الله" فإنه أراد- والله أعلم – في ظل عرشه, وقد يكون الظل كناية عن الرحمة كما قال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ) يعني بذلك: ما هم فيه من الرحمة والنعيم , وقال: (أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا).

والظاهر أن ابن عبد البر يرجح ما دل عليه الحديث.

5 – الذين أشار إليهم البيهقي بقوله: فيما سبق "وقيل المراد بالخبر ظل العرش" فإن هؤلاء الذين أشار إليهم وقد يكونون عدداً كثيراً من علماء أهل السنة وأئمتهم الموجودين قبل عصره.

6 - الإمام ابن القيم شمس الدين محمد بن أبي بكر رحمه الله

- قال رحمه الله في طريق الهجرتين (ص/ 293) طـ - دار الوطن:

"لا ريب أن الحب والأنس المجرد عن التعظيم والإجلال يبسط النفس، ويحملها على بعض الدعاوى والرعونات والأماني الباطلة وإساءَة الأدب والجناية على حق المحبة.

فإذا قارن المحبة مهابة المحبوب وإجلاله وتعظيمه وشهود عز جلاله وعظيم سلطانه، انكسرت نفسه له وذلت لعظمته واستكانت لعزته وتصاغرت لجلاله وصفت من رعونات النفس وحماقاتها ودعاويها الباطلة وأمانيها الكاذبة، ولهذا في الحديث: (يقول الله عَزَّ وجَلَّ: أين المتحابون بجلالى؟ اليوم أُظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، فقال: (أين المتحابون بجلالي)، فهو حب بجلاله [سبحانه] وتعظيمه ومهابته ليس حباً لمجرد جماله، فإنه سبحانه الجليل الجميل.

والحب الناشئ عن شهود هذين الوصفين هو الحب النافع الموجب لكونهم في ظل عرشه يوم القيامة. فشهود الجلال وحده يوجب خوفاً وخشية وانكساراً، وشهود الجمال وحده يوجب حباً بانبساط وإدلال ورعونة. وشهود الوصفين معاً يوجب حباً مقروناً بتعظيم وإجلال ومهابة. وهذا هو غاية كمال العبد. والله أعلم.1هـ.

فأنت ترى أن هذا الإمام قد فسر الظل هنا بظل العرش الذي يستظل به المتحابون.

وقال -رحمه الله- في الكتاب نفسه (ص354):

"الطبقة الخامسة: أئمة العدل وولاته الذين تؤمَّن بهم السبل، ويستقيم بهم العالم ويستنصر بهم الضعيف، ويذل بهم الظالم ويأْمن بهم الخائف، وتقام بهم الحدود ويدفع بهم الفساد ويأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقام بهم حكم الكتاب والسنة وتطفأُ بهم نيران البدع والضلالة.

وهؤلاء الذين تنصب لهم المنابر من النور عن يمين الرحمن عز وجل يوم القيامة فيكونون عليها.

والولاة الظلمة قد صهرهم حر الشمس وقد بلغ منهم العرق مبلغه وهم يحملون أثقال مظالمهم العظيمة على ظهورهم الضعيفة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يُرى سبيل أحدهم إما إلى الجنة وإما إلى النار.

قال النبي ?: ((المقسطون على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن تبارك وتعالى وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) وعنه: ((إن أحب الخلق إلى الله وأقربهم منه منزلة يوم القيامة إمام عادل، وإن أبغض الخلق إلى الله وأبعدهم منه منزلة يوم القيامة إمام جائر)) أو كما قال. وهم أحد السبعة الأصناف الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وكما كان الناس في ظل عدلهم في الدنيا كانوا في ظل عرش الرحمن يوم القيامة ظلاً بظل جزاءً وفاقاً". 1هـ. ّ

وهنا ذكر حديث السبعة الذي قال فيه النبي: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " ومع ذلك حمل هذا الظل على ظل العرش.

وقال -رحمه الله- في الوابل الصيب (ص/54 - 55. ط: دار الكتاب العربي)

جاء في الحديث "من ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه، ومن أقال نادما أقال الله تعالى عثرته، ومن أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله تعالى في ظل عرشه ".

لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر ونجاه من حر المطالبة وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجزه نجّاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش " اهـ.

وهنا ذكر حديث: (من أنظر معسرا أظله الله في ظل عرشه) الذي رواه أبو هريرة وأبو قتادة وأقر ما دل عليه بل احتج به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير