تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يتبين منها إن الناجي من الخسران في جنس الإنسان عموما –حسب تحديد السورة - هو من يتحرى الحق من مضانه ويحوله إلى ممارسة صحيحة ويوصله إلى غيره. ويحيط ذلك بسياج من الصبر على ركيزتين:

1 - البحث والتحري والدقة في تقرير الحق كون البحث مضنيا.

2 - أذى الناس عند إيصال التوصية إليهم كون بعضهم يركبه أوصاف سيئة مثل الاستكبار والغرور والجهل.

مع الاتصاف بصفتي الإيمان والعمل الصالح؛ وغير المسلم يفتقد هذين الشرطين؛ لقد أقسم الله تعالى على ذلك؛ ولم يبق لمؤمن مجال للشك في هذا؛ إنه المسئول عن تحري الحق والعمل به وإيصاله للآخرين.

* سورة الهمزة قال تعالى {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) في عمد ممدة (9) [3]

" أي: الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله. فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله. ومن صفة هذا الغماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده، والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه، في طرق الخيرات، وصلة الأرحام، ونحو ذلك ". [4]

وامتلاك المال أو الجاه أو السلطان بدون تقوى وورع وإيمان باليوم الآخر يدفع إلى الإساءة إلى الآخرين تحت وطأة الكبر والغرور والعجب فيقعون في الهمز واللمز للآخرين ومن اللمز ما هو فعل كالصور الساخرة.

وليس مبتغى أصحاب الصحيفة سوى حفنة من المال يكسبونها من الخبر المثير، أو شهرة يلهثون وراءها ...

* سورة الفيل قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [5]

جفا أصحاب الفيل الحقيقة واستهانوا بالمقدسات ونسوا قدرة الله؛ ظنوا أن بقدرتهم محاربة الحق، ورحلوا مسافات لهدم الكعبة. فحاربتهم الطيور بأمر الله؛ فقال عبد المطلب في ذلك:

أنت منعت الحبش والأفيالا وقد رعوا بمكة الأجبالا

وقد خشينا منهم القتالا وكل أمر لهم معضالا

شكرا وحمدا لك ذا الجلالا

خفيت عنهم الحقيقة، وغفلوا عن قدرة الله تعالى فسيقوا إلى تلك النهاية وما هي من الظالمين ببعيد.

ورفع المنهج الإسلامي الضرر والحرج في نصوصه وقعّد علماء الأصول لذلك قواعد تصلح للجميع زمانا ومكانا للمسلم وغيره. مستنبطة من نصوص القرآن والسنة منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله e قال لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاق الله عليه؛ هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه [6]

فرفع كل ضرر ومشقة في كافة المعاملات، وأضحى كل فرد في الأمة مسئولا مسئولية كاملة عما يأتي من قبله من ضرر ومشقة تؤثر على من سواه كائنا من كان مسلما أو كافرا ما لم يبدأ بالضرر؛ وهذه قناعة داخل ضمير المؤمن ودين يتعبد الله بها على المستوى الفردي والمؤسسي الخاص والعام ... وقد وردت هذه القاعدة وسواها من طرق متعددة [7].

وتعدت هذه القاعدة الإنسان إلى غيره من الأحياء حتى النملة

قال أبو هريرة هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح [8] والبيهقي عن أبي هريرة [9]

ربى أصحابه على الاعتماد على الله والعمل على إرضائه فهانت في أعينهم الدنيا فحرصوا على الآخرة فلم يتعمدوا إضرار أحد فبشروا بجزاء عملهم في ذلك اليوم في نعيم لايفني ولا يبيد، كلما اشتهت النفس شيئا حصلت عليه بمجرد التمني فإذا قارن هذا النعيم المقيم بما في الدنيا من نعم هانت الدنيا وما فيها، وأضحى يعمل فيها صالحا ليحصل على نتيجة هذا العمل في الآخرة ومن صور النعيم في الجنة لفئة من الناس أتقنوا العمل في الدنيا ما تضمنته الآية {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير