تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد وقال قتادة مطهرة من الأذى والمأثم (1). وهذا يبين لنا كيف تلك الآلاء العظيمة التي يتمتع بها المسلم في جنة الله، وكيف أن الله عز وجل يوفر لهم كل ما تشتهيه أنفسهم، سواء الروحية، أو الجسدية، فجمال الخضرة، والأنهار، والفواكه، والزوجات، والمأكل والمشرب، وكل ماتتمناه النفس موجود، فيا من أغرق نفسه في شهوات الدنيا، يا من نسيت الآخرة ونعيمها، وغرقت في المعاصي والآثام، يا من أردت حياة قصيرة، وتناسيت حياة دائمة خالدة، متى تستيقظ وتعود إلى رشدك، متى تترك جميع ما يغضب الله من كبائر أو صغائر، متى تعرف أن الجنة للمعرضين عن الحرام، فهلا صحوت من غفلتك، هلا عرفت أن الحق واضح ناصع وأن الباطل مزين من شياطين الإنس والجن، نسأل الله أن يشملنا برحمته وعفوه، لهذا فإن هذه الآية فيها دعوة عظيمة لإيقاظ القلوب الغافلة عن تلك النعم التي لا يشابهها نعم في الحياة الدنيا فقد جاء في الحديث (يغمس أنعم أهل الأرض في النار غمسه فيقول له الرب هل ذقن نعيم قط، فقال لا وعزتك يارب، ويؤتى بأشقى أهل الأرض فيغمس في الجنة غمسه فيقول له الرب هل ذقت شقاءً قط قال لا وعزتك يارب)، ثم قال سبحانه وتعالى (وهم فيها خالدون) أي مخلدون إلى الأبد ولا يخرجون منها ويحل عليهم رضا الرب سبحانه فلا يغضب عليهم أبداً.

الوقفات

1 - تبشير المؤمنين بالجنة ونعيمها فيه الحث على فعل الصالحات.

2 - ما في الجنة لا يشابه الذي في الدنيا إلا بالمسميات فقط وإلا ففي الجنة يختلف كل شيء في جماله وفضله.

3 - الخلود التام في الجنة وتذكر ذلك يجعل المسلم يستحقر هذه الدنيا القصيرة فيعرض عنها وعن ارتكاب المعاصي والآثام كي لا يتردى في جهنم أعاذنا الله والمؤمنين منها.

آيات ووقفات (الحلقة الخامسة والعشرون)

إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين (26)

إن الله عز وجل يعلمنا في هذه الآية كيف يكون الأسلوب في تعليم الناس، بضرب الأمثلة، وتبسيط الأمور، وشرحها كي يتفهمها الناس، فالله عز وجل يرد في هذه الآية على من أنكر كيف أن الله يذكر ألأمثال في الأشياء قليلة الشأن، وليس الأمر يقتضي الإنكار بل هذا من التربية الربانية، وحسن التعليم الرباني لعباده، فما علينا إلا التسليم والقبول لذلك (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم) المؤمنين يقرون، ويعترفون بمراد الله، ومشيئته، ويتفهمون مقاصده، وتعليمه لهم.

وفي المقابل ينكر الله عز وجل على أفعال الكفار، وأقوالهم حيث قالوا (ماذا أراد الله بهذا مثلاً) فيزدادون بذلك الإعتراض كفرا، وبعداً عن منهج الله، والمؤمنين يزدادون إيماناً وقرباً لله. فإن علم المؤمنين ما تضمنته الآيات، والأمثلة المذكورة فيها، أزدادوا إيماناً، وإن لم يعلموا مقصد الله فيها، وخفي عليهم ذلك أيقنوا بأن الله لم يضرب تلك الأمثال عبثاً، بل لحكمة أرادها سبحانه وتعالى.

فعلى العبد أن يسلم لله أموره، ويضبط سلوكياته على المنهج الذي يريده سبحانه وتعالى، وأن يخضع لأوامر الله، ويجعل في قرارة نفسه أن الله لم يضرب تلك الأمثال إلا لحكمة بالغة، ولكنه سبحانه يضل المعرضين عن منهجه، المعاندين لشرعه، وذلك بعدله سبحانه وتعالى (وما يضل به إلا الفاسقين) المعاندين لله، والذين صار الفسق صفة من صفاتهم التي يتصفون بها. قال السعدي رحمه الله: الفسق نوعان: مخرج من الدين كالمذكور في هذه الآية، وغير مخرج من الدين كالذي جاء في قوله (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا).

الوقفات

1 - الله يضرب الأمثال لتقريب المعاني في عقول البشر ليفهموا مقاصد الله.

2 - وجوب الرضوخ لأوامر الرب تبارك وتعالى.

3 - الضلال لا يكون إلا على من استحقه ممن تمرد وعصى أوامر الله، إلا أن يتوب.


آيات ووقفات (الحلقة السادسة والعشرون)
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون (27)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير