ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[19 May 2006, 11:02 م]ـ
الفروق في المجلد الخامس:
43 - ص (24)
قوله: " وجبت عليه وانعقدت به "، يعني إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به؛ لأنه من أهل الوجوب، لكن سقط عنه الحضور للعذر، فإذا حضر ثبت الوجوب.
مثال ذلك:
مريض سقطت عنه الجمعة من أجل المرض، ولكنه تحمل المشقة وحضر إلى الجمعة، فإنها تنعقد به، فيحسب من الأربعين ويصح أن يكون إماماً، وأن يخطب فيها؛ لأنه أهل للوجوب، ولكن وجد فيه مانع الوجوب؛ وفرق بين من فقد منه شرط الوجوب، ومن وجد فيه مانع الوجوب لأن من فقد منه شرط الوجوب ليس أهلاً للعبادة أصلاً، ومن وجد فيه مانع الوجوب فهو في الأصل أهل للوجوب، فإذا وصل إلى محل الجمعة زال مانع الوجوب؛ لأن مانع الوجوب مشقة الوصول إلى المسجد فصار الآن من أهل الوجوب فتلزمه، وتنعقد به، ويصح أن يؤم فيها.
وكذا الخائف: تسقط عنه الجمعة، لكنه إذا حضرها تلزمه وتنعقد به، ويصح أن يكون إماماً فيها.
فإذا قال قائل: ما الفرق بينه وبين المسافر والعبد؟
فالجواب: أن المسافر والعبد لم يوجد فيهما شرط الوجوب، فليسا من أهله، وأما من سقطت عنه لعذر ففيه مانع الوجوب وهو من أهله، فإذا حضر إلى مكانها زال المانع، فصار كالذي ليس فيه مانع.
44 - ص (31)
وهنا يجب أن تعرف الفرق بين شروط الشيء والشروط في الشيء، فمنها:
1 - شروط الشيء موضوعة من قبل الشرع، فلا يمكن لأحد إسقاطها، والشروط في الشيء موضوعة من قبل العبد فيجوز لمن هي له أن يسقطها.
2 - شروط الشيء ما يتوقف عليه الشيء صحة أو وجوباً أو إجزاء، أو وجوداً في أمور العقليات، والشروط في الشيء ما يتوقف عليه لزوم الشيء.
مثال ذلك: العلم بالمبيع شرط للصحة، فلو باع مجهولاً لم يصح البيع ولو رضي الطرفان؛ فلا يسقط ولو مع الرضا؛ لأنه من وضع الشرع.
مثال آخر:
باع شخص بيتاً، واشترط سكناه لمدة سنة، فهذا شرط في البيع لو أسقطه من له الشرط جاز ولو لم يشترط البائع سكنى الدار لم يثبت له سكنى الدار، فهو لم يثبت إلا من وضع البشر، لمن له الحق أن يسقطه.
فشروط صحة الجمعة ما يتوقف عليها صحة الجمعة، أي: إذا فقد واحد من الشروط لم تصح الجمعة.
45 - ص (95)
وقوله: " إلا لحاجة "، والمراد بالحاجة هنا: ما يشبه الضرورة؛ لأن هناك ضرورة وحاجة والفرق بين الحاجة والضرورة:
أن الحاجة: هي التي يكون بها الكمال.
والضرورة: هي التي يندفع بها الضرر؛ ولهذا نقول: المحرَّم لا تبيحه إلا الضرورة، قال الله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه} (الأنعام: من الآية 119) والمكروه تبيحه الحاجة.
مثال الحاجة: إذا ضاق المسجد عن أهله، ولم يمكن توسيعه؛ لأن الناس لا يمكن أن يصلوا في الصيف في الشمس، ولا في المطر في أيام الشتاء.
46 - ص (97)
قوله: " أو أذن فيها "، أي: إن لم يباشرها، مثل: أن يكون بلد الإمام في محل آخر وهذا البلد الذي فيه تعدد الجمعة لم يكن فيه الإمام حاضراً، لكنه قال: أذنت لكم أن تقيموا جمعتين فأكثر وهذه المسألة ليست مبنية على ما سبق في قول المؤلف: " لا يشترط لها إذن الإمام "؛ لأن إذن الإمام هناك لا يشترط في إقامة الجمعة الواحدة، أما في التعدد فلا بد من إذن الإمام، والفرق بينهما ظاهر، فالأولى لو قلنا: إنه يشترط لإقامة الجمعة إذن الإمام لكانت الفرائض باختيار الأئمة، أما تعدد الجمعة فلا بد من إذن الإمام؛ لئلا يفتات عليه وتتفرق الأمة، وهذا أمر يرجع إلى الدين من جهة، وإلى نظام الدولة من جهة أخرى.
فرجوعه إلى الدين؛ لأن الدين ينهانا عن التفرق في دين الله قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: من الآية 103)، وقال تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى: من الآية 13).
وأما رجوعه إلى نظام الدولة فإن ولي الأمر هو الذي له الكلمة فيكون في إقامة الجمعة الثانية افتيات على الإمام، فتكون كل طائفة من الناس تود أن تتزعم البلد فتجعل في محلها جمعة.
47 - ص (212)
¥