والفرق بين الهدية والصدقة: أن ما قصد به التودد والألفة فهو هدية؛ لما جاء في الحديث: " تهادوا تحابوا "، وما قصد به التقرب إلى الله فهو صدقة، وعلى هذا فتكون الصدقة للمحتاج والهدية للغني.
86 - ص (525):
وقوله: " ويسن أن يأكل ويهدي ويتصدق "، ظاهر كلام المؤلف أن هذا الحكم في كل أضحية حتى الواجب بالنذر فإنه يأكل منها، ويهدي ويتصدق، وهو صحيح، بخلاف الواجب في الهدي فإنه لا يأكل منه إذا كان جبراناً، ويأكل منه إذا كان شكراناً، فدم هدي التمتع والقران يأكل منه، والدم الواجب لترك الواجب أو فعل المحظور لا يأكل منه، والفرق أن الثاني كفارة والأول شكر، فلذلك أكل النبي صلّى الله عليه وسلّم من هديه، وهو واجب بالقران.
إذاً الأضحية يأكل منها، سواء كانت واجبة بالنذر أو غير واجبة، وأما الهدي ففيه تفصيل كما يلي:
أولاً: ما وجب لفعل محظور أو ترك واجب فإنه لا يأكل منه؛ لأنه يقع موقع الكفارة.
ثانياً: ما وجب لشكر النعمة كهدي التمتع والقران، فإنه يأكل منه، كما جاءت بذلك السنة أما التطوع فلا إشكال أنه يأكل منه ويتصدق ويهدي.
87 - ص (532):
مسألة: سكت المؤلف عن شيء جاء به الحديث وهو " الظفر "، ولا أعلم أن أحداً من العلماء أهمل حكمه، ولعل المؤلف - رحمه الله - تركه اقتصاراً أي ذكر شيئين مما جاء به الحديث وأسقط الثالث، ولكن الحكم واحد فلا يأخذن من ظفره شيئاً، لكن لو أنه انكسر الظفر وتأذى به فيجوز أن يزيل الجزء الذي يحصل به الأذية ولا شيء عليه، وكذلك لو سقط في عينه شعرة، أو نبت في داخل الجفن شعر تتأذى به العين، فأخذه بالمنقاش جائز؛ لأنه لدفع أذاه.
وفهم من كلام المؤلف أنه إذا أخذ شيئاً من ذلك فلا فدية عليه وهو كذلك، ولا يصح أن يقاس على المحرم؛ لأن الاختلاف ظاهر لما يلي:
أولاً: المحرم لا يحرم عليه إلا أخذ الرأس، وما سواه فإنه بالقياس، وهذا الحديث عام للرأس وغير الرأس.
ثانياً: المحرم لا يحرم عليه أخذ شيء من بشرته، وهذا يحرم.
ثالثاً: المحرم عليه محظورات أخرى غير هذا، فالإحرام أشد وأوكد فلذلك وجبت الفدية فيه أما هذا فإنه لا فدية فيه.
88 - ص (546):
قوله: " وحكمها كالأضحية "، أي: حكم العقيقة حكم الأضحية في أكثر الأحكام ومنها:
أولاً: أنه لا بد أن تكون من بهيمة الأنعام، فلو عق الإنسان بفرس لم تقبل؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "، وقد قال: " عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة ".
ثانياً: أنه لا بد أن تبلغ السن المعتبرة، وهو ستة أشهر في الضأن، وسنة في المعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل.
ثالثاً: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء كالعور البيِّن، والمرض البيِّن، والعرج البيِّن، وما أشبه ذلك.
وتخالف الأضحية في مسائل منها:
أولاً: أن طبخها أفضل من توزيعها نِيَّة؛ لأن ذلك أسهل لمن أطعمت له.
ثانياً: ما سبق أنه لا يكسر عظمها، وهذا خاص بها.
ثالثاً: ما ذكره المؤلف أنه لا يجزئ فيها شرك في دم بقوله:
" إلا أنه لا يجزئ فيها شرك في دم "، أي العقيقة لا يجزئ فيها شرك دم، فلا تجزئ البعير عن اثنين، ولا البقرة عن اثنين، ولا تجزئ عن ثلاثة ولا عن أربعة من باب أولى. . .
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[12 Jun 2006, 06:47 م]ـ
الفروق في المجلد الثامن:
89 - ص (16)
قوله: " وإذا كان أبواه مسلمين لم يجاهد تطوعاً إلا بإذنهما "
أي: أبوا الشخص يعني أمه وأباه، وأُطْلِق عليهما الأبوان من باب التغليب، كما يقال: القمران للشمس والقمر، ويقال العمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فإذا كان الإنسان له أبوان مسلمان، وأراد الجهاد تطوعاً فإنه لابد من إذنهما، فإن أذنا له وإلا حرم عليه الجهاد.
فإن قال قائل: هل يلزم استئذان الأب والأم لكل تطوع قياساً على الجهاد، بمعنى أنه إذا أراد أن يقوم الليل هل يشترط إذن الأبوين؟ وإذا أراد أن يصلي الراتبة أو أراد أن يطلب العلم هل يستأذن الأبوين؟
¥