فإذا باع عليه من القطيع كل شاة بدرهم فلا يصح البيع؛ لأن من للتبعيض فلا ندري هل يأخذ من هذا القطيع شيئاً كثيراً أو شيئاً قليلاً، فعاد الأمر إلى جهالة المبيع؛ لأنه قد يأخذ من القطيع مثلاً خمسين رأساً أو عشرين رأساً أو كل القطيع، فهو مجهول فلهذا لا يصح.
والفرق بين المسألتين: أنه في الأولى وقع البيع على الجميع، وكون كل واحد بكذا إنما هو لمعرفة قدر الثمن، فالمبيع الآن معلوم.
وفي المسألة الثانية يقول: ((من القطيع كل شاة بدرهم)) ((من)) هذه للتبعيض، فلو أخذ من القطيع الذي عدده ألف ثلاثاً لم نلزمه بأكثر من ثلاث؛ لأنه قال: ((من))، ومن تأتي للتبعيض والحكم كذلك فيما لو أخذ أكثر، فلا أدري ماذا يأخذ من القطيع فهو مجهول لي، هذا هو الفرق.
والقول الثاني في المسألة الثانية: أن هذا صحيح؛ وذلك لأن البائع قد اطمأن على أنه ربما يأخذ المشتري جميع القطيع، وأنه أتى بـ ((من)) للتبعيض لأجل أن يكون المشتري بالخيار، إن شاء أخذ كثيراً، وإن شاء أخذ قليلاً، ثم إن المسألة ستعلم، فإذا قال أنا أريد عشرة من القطيع عُلم فيصح، وهذا القول هو القول الراجح في هذه المسألة: أنه إذا باعه من القطيع كل شاة بدرهم أو من الثوب كل ذراع بدرهم، أو من الصبرة كل قفيز بدرهم فإن البيع صحيح كما لو باعه الكل، وقد ذكرنا سابقاً أن الناس جرت عادتهم أن المشتري إذا جاء إلى القطيع وقال له صاحب القطيع: خذ ما شئت مثلاً: شاتين أو ثلاثاً أو أربعاً تخير، فيأخذ واحدة أو ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ويمشي، والناس يتبايعون بهذا، وعليه العمل، فالصواب إذاً صحة ذلك في هذا وفي هذا.
102 - ص (197):
قوله: " ولو باع مشاعاً بينه وبين غيره " هذه المسألة الثانية ((مشاعاً)) أي يكون مشتركاً بينه وبين غيره.
قوله: " كعبد " وكسيارة، أو أرض، أو أي شيء يكون مشتركاً مشاعاً باعه جميعاً.
فمثلاً هذه السيارة بيني وبين أخي فبعتها على إنسان كلها، فالآن بعت مشاعاً بيني وبين غيري فبيعي لملكي صحيح، لأنه من مالك، وبيعي لملك أخي لا يصح، لأني لست وكيلاً، إذاً فرقنا الصفقة، فنقول للمشتري: لك الآن نصف السيارة، لأنه صح فيه البيع، أما بيع نصيب أخي فلا يصح.
لو قال المشتري: أنا سأذهب بالسيارة إلى مكة والمدينة، وقال الشريك الثاني: إذا سافرت عليها فيكون ذلك بنصف الأجرة، فهل يكون للمشتري الخيار في هذه الحال لتفريق الصفقة عليه؟
نقول: نعم له الخيار، لأن تفريق الصفقة يضره.
قوله: " أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء " أي ليس مشاعاً لكن ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كصاعين من بر، أحدهما لي، والثاني للآخر.
خلطتهما ثم بعتهما، فهل يصح البيع في الصاعين، أو في الصاع الذي لي فقط؟
الجواب: في الصاع الذي لي فقط، ولا يصح في الصاع الآخر، والفرق بين هذه المسألة والأولى: أن الأولى الشركة فيها مشاعة، والثانية الشركة فيها بالأجزاء، لأن الحب الآن حبة لي وحبة للآخر، ولكن المشاع أي ذرة في المملوك فهي مشتركة.
فإذا باع ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء بعضه له، وبعضه للآخر صح البيع فيما هو له، ولم يصح البيع للآخر؛ لأن الآخر لا يملكه ولم يوكل فيه، وهذه المسألة الثانية من مسائل تفريق الصفقة.
103 - ص (198):
قوله: " وإن باع عبده وعبد غيره بغير إذنه " أي: باع عينين قائمتين كل واحدة قائمة بنفسها عبده وعبد غيره، أخذ عبد غيره من بيته وذهب به معه إلى السوق ومعه عبده فنادى عليهما جميعاً وباعهما، فالآن وقع العقد على ما يملك بيعه وما لا يملك فنقول: يصح في عبده، ولا يصح في عبد غيره، والفرق بين هذه وبين التي قبلها واضح، فهذه ليس فيها اختلاط، فكل عين متميزة، باع سيارته وسيارة غيره يصح في سيارته، ولا يصح في سيارة غيره.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[21 Jun 2006, 09:16 م]ـ
104 - ص (234):
باب الشروط في البيع
...
الشروط في البيع غير شروط البيع:
الشروط في البيع: هي إلزام أحد المتعاقدين الآخر مالا يلزمه بمقتضى العقد، وكذلك في غيره.
وأما ما يلزمه بمقتضى العقد فإنه إن شرط فهو من باب التوكيد.
والفرق بينهما – أي الشروط في البيع – وبين شروط البيع من وجوه أربعة:
¥