تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قوله: " ودواب مستأجرة هرب ربها " مثاله: إنسان عنده ناقة أجرها شخصاً يسافر عليها إلى مكة، وهرب المالك من أجل أن يورطه وينفق عليها، والدواب تحتاج إلى نفقة فهي تريد علفاً وشراباً، فهذا الرجل الذي استأجر الدواب قد أذن له ربها بأن ينفق عليها، فأنفق عليها فصار يشتري لها علفاً وماءً ويقوم برعايتها، فيرجع على ربها؛ لأنه أذن له فيكون وكيلاً عنه، وأما لو لم يأذن له ربها وتعذر استئذانه؛ والحاجة ملحة في الإنفاق عليها عاجلاً فيرجع عليه، فإن كان موجوداً وتسهل مراجعته وأنفق عليها بدون إذنه، فإنه يضمن، بمعنى أنه لا يرجع بما أنفق على صاحب هذه الدواب ....

قوله: " ولو خرب الرهن فعمَّره بلا إذن رجع بآلته فقط " لو خرب الرهن كالدار - مثلاً - ((فعمَّره)) المرتهن ((رجع بآلته فقط)) والآلة عندهم أي: مادة الشيء، يعني مواد البناء أي: بما جعل فيه فقط، كاللَّبِن والحديد والأبواب وما أشبهها، فيرجع بهذه فقط دون أجرة العمال، والماء، وما أشبه ذلك، والفرق بين هذا وبين الحيوان، أن الحيوان يحتاج إلى نفقة أما هذا فلا.

مثال ذلك: إنسان ارتهن داراً وسقط جزء منها، فقام بإصلاحه وأحضر اللَّبِن والمواد والأبواب وبناها، فمادة البناء بعشرة آلاف ريال وأجرة العمال وجلب الماء بعشرة آلاف ريال، فبماذا يرجع؟

الجواب: بعشرة آلاف ريال التي هي الآلة فقط، وأما الباقي فلا يرجع به، هذا إذا كان لم يستأذن من رب البيت الذي هو الراهن، أما لو استأذن فإنه يرجع بالجميع؛ لأنه وكيل.

وقال بعض العلماء: بل يرجع بالجميع؛ لأنه ليس كالإنفاق على الحيوان، فالإنفاق على الحيوان إذا أكله الحيوان ذهب، ولم ينتفع به الراهن لكن هذا ينتفع به الراهن؛ لأن أثر العمل باق والمصلحة للجميع، للراهن؛ لأنه ملكه عُمّر، وللمرتهن؛ لأن وثيقته بقيت، لأنه لو خرب ما بقي له شيء.

وفصَّل بعضهم فقال: إن عمّره بما يكفي لتوثيق دينه فقط يرجع، وإن كان بأزيد لم يرجع؛ لأنه ليس في ضرورة إلى أن يعمّره بأكثر مما يوثق الدين، فلو فرضنا أن الذي خرب غرفتان ولو أصلح واحدة كفى لتوثقته في دينه ولكنه عمَّر الاثنتين جميعاً، فهو يرجع بالأولى ولا يرجع بالثانية إلا بالآلة فقط، وهذا القول قول وسط بين القولين، أي: أن يقال: إن المرتهن يرجع يقدر ما يتوثق به دينه فقط؛ ووجهه أن ما زاد لم يعمّره لحفظ حقه بل زاد على ذلك.

وبعض العلماء يقول: إذا كان لو تركه - أي التعمير - لتداعى بقية البيت، وهذا وارد، يعني لو ترك عمارة المنهدم لانهدم البيت كله فهنا يرجع بالجميع؛ لأن هذا لحفظ البيت كله، وأما إذا كان ما بقي من البيت لا يتأثر بما انهدم فعلى التفصيل الذي سبق.

122 - ص (202)

قوله: " فصل: وتصح الكفالة " الكفالة هي العقد الثالث من عقود التوثقة؛ لأن عقود التوثقة رهن وضمان وكفالة.

والكفالة التزام جائز التصرف إحضار بدن من عليه الحق، وإن شئت فقل: إحضار من يصح ضمانه؛ حتى تدخل الأعيان المضمونة كالعواري على القول بأنها مضمونة بكل حال، والمغصوب وعهدة المبيع، وضمان التعدي في الأمانات.

وبهذا التعريف نعرف الفرق بينها وبين الضمان، فالضمان أن يلتزم إحضار الدين، وهذا إحضار البدن، فإذا أحضر الكافل المكفول وسلمه لصاحب الحق برئ منه، سواء أوفاه أو لم يوفه وهذا فرق واضح وحينئذٍ تكون الكفالة أدنى توثقة من الضمان؛ لأن الضمان يضمن الدين وهذا يضمن من عليه الدين، فإذا أحضره برئ منه، وإذا مات المكفول برئ، وإذا مات في الضمان لا يبرأ.

123 - ص (208)

قوله: " فإن مات " الضمير يعود على المكفول، أي: إن مات برئ الكفيل حتى من الدين لأنه لما مات المكفول فلا يمكن إحضاره، فإن طالب من له الحق بإحضاره، قال له الكفيل: تعال وأوقفه عند المقبرة، وقال له: خذ حقك منه!! وهذا لا يمكن، ولو قيل هذا القول له، لقال: إنها سخرية بي، فيقال: إذا مات المكفول برئ الكفيل، وهذا من الفروق بين الكفالة والضمان فالضمان إذا مات المضمون لم يبرأ الضامن، أما الكفالة فإذا مات المكفول برئ الكفيل.

124 - ص (229)

قوله: " وممن لا يصح تبرعه " هذه الجملة معطوفة على قوله: ((شرطاه)) يعني وإن لم يكن ممن لا يصح تبرعه، أي: ويشترط - أيضاً - ألا يكون ممن لا يصح تبرعه، أي: بذله المال مجاناً وهناك فرق بين من يصح تبرعه ومن يصح تصرفه، فالذي يصح تصرفه أوسع من الذي يصح تبرعه، فمثلاً ولي اليتيم يصح تصرفه ولا يصح تبرعه، وكذلك الوكيل.

إذاً يشترط أن يكون الإسقاط أو الهبة ممن يصح تبرعه، فإن كان ممن لا يصح تبرعه لم يصح الإسقاط ولا الهبة لفوات الشرط.

125 - ص (280)

قوله: " ولا ينفذ تصرفه في ماله بعد الحجر " يعني بعد أن نحجر عليه لا ينفذ تصرفه في ماله ... والخلاصة الآن: يحجر على المدين إذا كان ماله أقل من دينه، لكن بشرط سؤال الغرماء أو بعضهم، فإن لم يسألوا فلا حرج إذا لم يحجر عليه، لكن الصحيح أنه محجور عليه شرعاً، لا حكماً، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مطل الغني ظلم))، والتبرع بماله يؤدي إلى المطل، وعدم الوفاء، فيكون ذلك ظلماً، لكن يفترق عن المحجور عليه حكماً، بأن هذا يصح أن يتصرف في ماله بغير التبرع، فيجوز أن يتصرف لكن لا يتبرع فيبيع ويشتري - مثلاً - ولا حرج، فهذا هو الفرق.

ولهذا نقول للمدين الذي ماله أقل من دينه ولم يحجر عليه: بع واشتر ليس ثمة مانع، لكن لا تتصدق ولا تتبرع، وإذا جاءه صاحب له وأراد لأن يبيع عليه ما يساوي عشرة بثمانية فهذا لا يجوز؛ لأن هذا تبرع في الواقع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير