تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأذكرُ أنَّ شخصا ذكر عند الشيخ مسألةً قالها أحد طلبة العلم، فقال أحد الحاضرين: هذه سمعنا منك يا شيخ قبل أن يُعرف فلان، فربما استفادها منك، فكره الشيخُ كلامه وقال –ما محصله- إنّ العلم رحم بين أهله، ولا ينبغي لطالب العلم أن يعود نفسه هذه الأخلاق، فينسب لنفسه المسائل والاختيارات، ويتهم الناس بأنهم سرقوا أفكاره وأقواله، وذكر أنَّ السلف رضوان الله عليهم يأتون بالمسائل العظيمة والفوائد النفيسة ولا يريدون أن تنسب إليهم خوفا على أنفسهم من الرياء والسمعة فكانوا من ذلك برآء لشدة إخلاصهم ومراقبتهم لربهم في أعمالهم وذكر قول الشافعي المشهور: «وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا ينسب إلى شيء منه أبدا فأوجر عليه ولا يحمدوني»، ثم بين أن القبول من الله وأنّ الله إذا أحب عبدا أوقع حبه في قلوب الناس كما في الحديث المشهور ... إلى آخر ما قال الشيخ، وبين ونصح جزاه الله خيرا.

وكلام الشيخ هذا ذكرني بمقولة جميلة قالها أحد الفضلاء وهي: «إننا نحن (نحتكر) أفكارنا وعقائدنا، ونغضب حين ينتحلها الآخرون لأنفسهم، ونجتهد في توكيد نسبتها إلينا، وعدوان الآخرين عليها! إننا إنما نصنع ذلك كله، حين لا يكون إيماننا بهذه الأفكار والعقائد كبيراً، حين لا تكون منبثقة من أعماقنا كما لو كانت بغير إرادة منا حين لا تكون هي ذاتها أحب إلينا من ذواتنا! إن الفرح الصافي هو الثمرة الطبيعية لأن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكاً للآخرين، ونحن بعد أحياء. إن مجرد تصورنا لها أنها ستصبح ـ ولو بعد مفارقتنا لوجه الأرض ـ زاداً للآخرين ورياً، ليكفي لأن تفيض قلوبنا بالرضى والسعادة والاطمئنان! (التجار) وحدهم هم الذين يحرصون على (العلامات التجارية) لبضائعهم كي لا يستغلها الآخرون ويسلبوهم حقهم من الربح، أما المفكرون وأصحاب العقائد فكل سعادتهم في أن يتقاسم الناس أفكارهم وعقائدهم ويؤمنوا بها إلى حد أن ينسبوها لأنفسهم لا إلى أصحابها الأولين!».

- «التجول في المدن والقرى للدعوة ونشر الخير ونفع المسلمين»:

وقد خصص الشيخ سيارة خاصة للدعوة ونشر لخير وإلقاء الدروس في المدن والقرى وقد مرّ الشيخ على غالب مدن المملكة للدعوة، وله في كل مدينة تلاميذ ومحبون يتشوقون إلى لقائه والاستفادة منه، والشيخ لم يسافر قط خارج السعودية؛ لأنه لا يملك جوازا بسبب الصورة.

- «الكرم والبذل على قدر الاستطاعة». - «الحرص على المداومة على الأعمال الصالحة». - «تواضع الشيخ الجم، وحسن أخلاقه، وسلامة صدره».

هذه بعض اللمحات العامة والسريعة عن منهج الشيخ العلمي والعلمي مما سنح لي في هذا المقام، ونشطتُ لذكره وبيانه، وهذا «ما عرفته عن شيخي المحدث عبد الله السعد» ولعل الله أن ييسر مقاما أتوسع فيه أكثر ليستفيد طالب العلم من سير العلماء وطلبة العلم المعاصرين ويعرف لهم منزلتهم وقدرهم. نسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يحفظ شيخنا وأن يمد في عمره على عمل صالح، وأن يثبته على دينه، وأن يحفظه من فتنة القول والعمل، وأن يجنبه الحساد والوشاة وأهل الشر والفساد، وأن يصبره على ما أصابه من بلاء لا يكاد يسلم منه داع للحق!، وأن يعظم أجره، وأن يغفر له ولوالديه ولأهله ولجميع المسلمين.

الأوَّل: لمحات من منهج الشيخ العلمي

من منهج الشيخ:

- «ربط طالب العلم بالمصادر الأصلية في كل فن»:

من ذلك أن شيخنا يعتني كثيرا بالمصادر الأصلية في كل فن، ومنه علم الحديث وفروعه، فقد ربى طلابه على ذلك من البداية مما جعل عندهم معرفة كبيرة بكتب المتقدمين وكيفية التعامل معها، والحرص على تحصيلها، وفهم ألفاظ مؤلفيها ومصطلحاتهم، ومن هذه الكتب: كتاب «العلل» لعلي بن المديني، وكتب ابن معين، وأحمد، والبخاري، ومسلم وغيرهم كثير.

وهذه العناية جعلت بعض الناس يظن أنّ الشيخ لا يعبأ بكتب الأئمة المتأخرين، وهذا خطأ كبير على الشيخ، فالشيخ يحث على الاستفادة من هذه وتلك، ولكنه ينزل كلاً منزلته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير