أما السؤال الثاني والثالث فأوافق على إجابة أستاذي أبي بشر، أما السؤال الأول فلي فيه رأي لا أعلم مدى صوابه ( ops ، وسأحاول أن أفسر الفقرة التي ورد بها نص السؤال الأول كي تتضح الإجابة، والله المستعان.
قال سيبويه:
وكذلك: من لي إلا أبوك صديقاً، لأنك أخليت مَنْ للأب ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ.
1ـ (كذلك) يقصد تشبيه هذا المثال بأمثلة استحسان إبدال المستثنى بعد ذكر المبدل منه.
2ـ (من لي إلا أبوك صديقاً) وهو أسلوب تام غير موجب (من: مبتدأ، لي: جار ومجرورمتعلق بخبر محذوف) يجوز فيه الإبدال راجحا والنصب مرجوحا، فأداة الاستفهام (من) أشربت معنى النفي، فقد قال ابن هشام في المغني:" وإذا قيل من يفعل هذا إلا زيد فهي من الاستفهامية أشربت معنى النفي ومنه (ومن يغفر الذنوب إلا الله) "أهـ. والبدل هنا (أبوك) والمبدل منه الضمير المستكن في الجار والمجرور وهو عائد على (من).
3ـ (لأنك أخليت مَنْ للأب) يقصد أن معنى إبدال المستثنى من المستثنى منه إنما يقوم على إحلال البدل مكان المبدل منه ومن ثم توجيه ما أسند للمبدل منه إلى البدل على سبيل الاستدراك فمعنى التخلية التوحيه أوإعادة التوجيه، "كأنه قال: ألي أحد إلا أبوك"، وهو مقتضى كلام السيرافي.
4ـ (ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ) يقصد أنك لم تجعله مثل المبتدأ فيعمل في خبره؛ وذلك لأنك أخليته للبدل وتركت توجيهه للخبر في المعنى؛ لأن هذا ما يقتضيه إبدال المستثنى.
أما بالنسبة لرفع عمرو الوارد في قول سيبويه وهو:
فإن قلت: ما أتاني أحدٌ إلا أبوك خيرٌ من زيد، وما مررتُ بأحدٍ إلا عمروٌٌ خيرٍ من زيد [وما مررتُ بأحد إلا عمرو خيرٍ من زيدٍ]
أما الرفع فليس من توجيه المحقق وإنما نقله من طبعة بولاق مصر، فهو ثابت فيها، وما بين القوسين ليس زيادة من المحقق وإنما هو من قول سيبويه كما ورد في طبعة بولاق مصر، وعلامة القوسين دلالة على سقوط هذه الجملة في بعض النسخ كما يتضح من صنيع المحقق.
والرفع في عمرو تصحيف من النساخ، وكذلك ذكر هاتين الجملتين على هذا النحو (وما مررتُ بأحدٍ إلا عمروٌٌ خيرٍ من زيد وما مررتُ بأحد إلا عمرو خيرٍ من زيدٍ)، وأستطيع أن أتكهن بأصل هذا الخطأ وما كانت عليه الفقرة قبل التصحيف بأنه لا يخرج عن أحد أمرين:
1ـ إما أن الجملة الأولى والتي ورد فيها عمرو مرفوعا ـ زيادة ولا وجود لها في الأصل وهي من تصحيفات النساخ المعتادة.
2ـ أو أن أصل الجملة مثال غير ذلك يصلح للتمثيل على جواز النصب على الإبدال والنصب على الاستثناء؛ وسبب قولي هذا تلك القسمة العقلية التي اعتداها النحاة في ضرب الأمثلة من حيث الإتيان بالمثال في حالات الإعراب الثلاثة الرفع والنصب والجر، وقد أتى سيبويه بمثالين لجواز الإبدال من المرفوع والمجرور فلم يبق إلا المنصوب.
وليغفر لي سيبويه تقولي عليه بغير حجة، وماذا أفعل وأستاذي هو الذي أقحمنا وجرأنا على كلامه. والله أعلم!
والسلام!
ـ[علي المعشي]ــــــــ[18 - 04 - 2007, 07:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أستاذي د. الأغر: أعتذر عن تأخري لعطل في جهازي إذ أستعمل الآن جهازا معارا!!
وهذه تتمة مشاركتي الأولى:
2 - ما وجه الشبه بين قولنا: من لي إلا أبوك صديقاً، وقولنا: ما مررت بأحد إلا أبيك خيرا منه، وقول الشاعر: لا أمر للمعصي إلا مضيعاً؟
سأحاول القبض على وجه الشبه ولا أدري أهو ما يرمي إليه شيخنا الأغر أم غيره، ولكن حسبي المحاولة!
أرى التشابه بين ثلاثة الأمثلة في أمرين أحدهما إلغاء (إلا) الاستثنائية وإعراب ما بعدها إعرابا آخرجوازا، مع جواز نصبه على الاستثناء إن أُرِيدَ ذلك. والآخر انتصاب الأوصاف بعد إلا (صديقا، خيرا، مضيعا) على الحال معمولات لما قبل (إلا) كما تفضل أخونا أبو بشر.
3 - ما وجه الشبه بين: لا أمر للمعصي إلا مضيعا، وقولنا: لا أحد فيها إلا زيداً؟
¥