أستاذي الجليل د. الأغر، لا أملك إلا أن أدعو الله لك في ظهر الغيب بأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يديم عليك نعمه ظاهرة وباطنة، ويحفظك لطلبة العلم مشعل نور، ومعين علم لا ينضب!
ولك مني كل محبة وتقدير.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[19 - 04 - 2007, 09:20 م]ـ
أخي الحبيب أبا بشر
السلام عليكم ورحمة الله
أرى أن تحليل الأستاذ علي (حفظه الله وزاده علماً) سليم لولا المعنى أو التقدير المترتب عليه.
أخي إنما نحن بصدد تفسير عبارة سيبويه ـ رحمه الله ـ على حالها، أما إن كان مصيبا أو مخطئا فهذا حسبه (على أن المعنى المترتب على ذلك جدير بالأخذ فلا هو فاسد ولا ضعيف) وسأوضحه أدناه إن شاء الله.
فمعروف أن البدل على نية تكرار العامل أو المخلى فلا يسعفه المعنى إذ التقدير حينئذ: "من لي من أبوك" لأننا أخلينا "من" للأب لا للخبر "لي"، لكن كل شيء يشير إلى أن المعنى والتقدير: "من لي، لي أبوك"
حينما يتم الإبدال في باب الاستثناء يحدث لبس كبير عند بعض المعربين، وذلك لأنهم يبدلون ما بعد إلا مما قبلها ويتناسون (إلا) عند تقدير المعنى فلا يستقيم لهم المعنى بل يفسد تماما!!
أرأيت لو قلنا: ما قام القوم إلا زيدٌ، فزيد تعرب بدلا من القوم ولكننا عند تقدير المعنى لو جعلنا الاسم (زيد) وحده مكان المبدل منه لفسد المعنى إذ يصير: ما قام زيدٌ، وهذا خلاف المراد لأن أصل الجملة يشير إلى أن قيام زيد ثابت. وعليه يكون الصواب أن نعرب (زيد) بدلا أما عند تقدير المعنى فلا بد أن نستحضر (إلا) قبله، فلا يكون التقدير: ما قام زيدٌ، وإنما التقدير من حيث المعنى ما قام (إلا زيدٌ). وكأنما البدل (إلا زيد).
وعلى ذلك يكون تقدير المعنى في مثال سيبويه رحمه الله: من (إلا أبوك) صديقا.
فيكون (أبوك) بدلا من حيث الإعراب، أما من حيث المعنى فالبدل (إلا أبوك).
وقد زاد سيبويه الأمر وضوحاً حيث قال بعد إيراد هذا المثال: وإن شئت قلت "ما لي إلا أبوك صديقاً" كأنك قلت: "لي أبوك صديقاً" كما قلت: "من لي إلا أبوك صديقاً ... حين جعلته مثل: ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه ..
لعلك هنا تريد الاستدلال على أن سيبويه يشبه (لي أبوك صديقا) بـ (من لي إلا أبوك صديقا) وهذا خلاف ما أراده سيبويه رحمه الله (وقد أضفتُ تتمة عبارته عقب الاقتباس ليتضح المراد).
فهو يريد أن قياس (ما لي إلا أبوك صديقاً) على (لي أبوك صديقاً) كقياس (من لي إلا أبوك صديقاً) على (ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه)
هذا وتقبل خالص شكري ووافر ودي.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[19 - 04 - 2007, 09:33 م]ـ
السلام عليكم
أود أن أنقل إليكم رأي السيرافي والمبرد رحمهما الله
1) يقول السيرافي في شرحه المخطوط لكلام سيبويه يرحمه الله الجزء الثالث / 119ب:
(وقوله لأنك أخليت من للأب ولم تفرده ..
معنى أخليت من للأب أي: أبدلت الأب منه ولم تفرد من لأن "لي" خبرها.
وقد فسر مثل ما فسرت غير أبي العباس من مفسري كلام سيبويه.
ومما يدل على أن "لي" خبر "من" أن الظروف وحروف الحر إذا وقعت مع المبتدأ فإنما هي خبر أو في صلة الخبر أو في صلة المبتدأ إذا كان فيه معنى الفعل.
فأما كونها خبرا فزيد عندك والعلا قولي، وأما كونها في صلة الخبر فقولك زيد قائم عندك وزيد لي مملوك، وأما كونها في صلة المبتدأ فقولك القائم عندي زيد والشارب في دارك زيد، فإذا قلنا: من لي إلا أبوك ولم يجعل لي خبرا فليس في المبتدأ ولا في معنى فعل. أهـ
2) ويقول المبرد في المقتضب 4/ 398: (
وتقول: من لي إلا أباك صديق. إذا أردت أن تجعل "صديق" خبرا ل"من" كأنك قلت: من صديق لي؟
فإن أردت غير هذا الوجه قلت: من لي إلا أبوك صديقا. جعلت "من" ابتداء، وقولك أبوك خبره، وجعلت صديقا حالا. .. )
وشكرا لشيخنا د/الأغر
ـ[أبو بشر]ــــــــ[20 - 04 - 2007, 06:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم علي
إذا دققنا النظر في تحليلك فلا بد أن يكون التقدير الأصلي كاتالي: "من (كائن) لي (هو) إلا أبوك صديقاً" فـ"أبوك" بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف لا من الخبر نفسه إذ الخبر وصف بمنزلة الفعل ولا يمكن الإبدال منه، فإذا كان المبدل منه هو الضمير الذي هو معمول الخبر المحذوف فلا علاقة بينه وبين المبتدإ "من" إذ ارتباط المبتدإ بالخبر لا بمعموله، فمعمول المخلى هو الخبر المحذوف "كائن" لا الضمير المستكن فيه المبدل منه "أبوك"، والخلاصة: أنه لا يعود لقول سيبويه (لأنك أخليت "من" للأب) معنى بناء على تحليلك لأنه تعين كون "أبوك" بدلاً من الضمير المستكن في الخبرلا من الخبر نفسه، والله أعلم
ثم التقدير الذي تفضلت به وهو "من إلا أبوك صديقا" هل يُحمَل الاستفهام فيه على النفي أو الإثبات لأن الجملة تبدو غير تامة، وهي في قوة نحو "أي شخص إلا أبوك صديقا" فالجملة خالية من مستثنى منه وأداة نفي، والله أعلم.
¥