ـ[جلمود]ــــــــ[30 - 04 - 2007, 04:23 ص]ـ
إخواني الفصحاء،
سلام الله عليكم،
أستاذنا أبا بشر لقد قلتَ:
من أجل أن يكون هذا الحذف (أي حذف النون) يُدخل لفظ "أن" هذا في حروف الابتداء التي هي بمثابة "إن" و"لكن" ولكنهم حذفو ا هذه النون كما حذفوا الضمير كذلك وجعلوا حذف هذه النون علامة لحذف الضمير في "أن" كما فعلوا ذلك في "كأن".
فمقتضى كلامك أنك تفرق بين (إن ولكن) وبين (أن وكأن)، ويقتضي كذلك أنك تساوي بين إن ولكن، وتساوي أيضا بين أن وكأن، ولكن سيبويه صرح بعكس ذلك حيث قال:
وجعلوا الحذف علَماً لحذف الإضمار في إن، كما فعلوا ذلك في كأن.
فقد ساوى بين إن وكأن.
وقلت كذلك:
وأن حذف النون من "أن" دليل على حذف ضمير الشأن، و"أن" من هذا الوجه مثل "كأن" التي سبق أن قال فيها سيبويه قبيل النص الذي نحن بصدده: ( ... وشبّهه بما يجوز في الشعر نحو قوله وهو ابن صريم اليشكري: ويوماً تُوافينا بوجهٍ مقسَّمٍ كأنْ ظبيةٌ تعطو الى وارق السَّلَمْ وقال الآخر: ووجهٌ مشرقُ النحرِ كأنْ ثدياهُ حُقّانِ لأنه لا يحسن ههنا إلا الإضمار.)
أما بيت ابن صريم اليشكري فليس اسم كأن (المحذوف) ضمير الشأن، وإنما هو ضمير الغائب العائد على المرأة أو وجهها، قال البغدادي:
أي كأنها ظبية، والضمير للمرأة المحدث عنها،
وأما البيت الآخر فلم يذكره لتدليل على حذف ضمير الشأن وإنما هو دليل على مطلق الحذف، قال البغدادي:
وأما اسم كأن في البيتين، ولكن في بيت الفرزدق فغير ضمير الشأن، ومراده التشبيه بمطلق الحذف لا بخصوص ضمير الشأن، بدليل قوله: أي كأنها ظبية، والضمير للمرأة المحدث عنها، وبدليل بيت الفرزدق. "
أستاذنا علي المعشي ـ أصلح الله جهازه:) ـ قد قلتَ:
لما جاءت (أن) مخففة ووليتها جملة اسمية من مبتدأ وخبر أراد سيبويه ـ رحمه الله ـ أن يرفع التباس التخفيف هنا بتخفيف إن ولكن حيث يؤدي تخفيف الأخيرتين إلى إلغاء عمل (إنْ) غالبا وإن جاز إعمالها بشروط، أما (لكن) فيجب إهمالها
وهذا كلام جيد ومعنى صحيح، ولكنه ليس مراد سيبويه، وإلا فنزّلْ عليه كلام سيبويه، وأرنا كيف تستخرجه من كلامه.
وقلت كذلك أستاذي:
فمعنى كلامه:
" ... فإن هذا على إضمار الهاء، لم يحذفوا لأنْ يكون الحذف يُدخله في حروف الابتداء بمنزلة إن ولكن ... " (لم يحذفوا) أي لم يحذفوا نون (أن) والمراد أن تخفيف (أن) لم يلغ عملها فتصبح حرف ابتداء مهمل مثل (إن ولكن) المخففتين المهملتين حيث تعرب الجملة الاسمية بعدهما مبتدأ وخبرا فحسب، وإنما خففت (أن) على أن اسمها ضمير محذوف (ضمير الشأن) والجملة الاسمية بعدها إنما هي خبر أن.
إلى هنا والكلام مستقيم والمعنى واضح، ولكن هل سيستقيم عجز الكلام مع صدره؟!
فقد قلت أستاذي:
وأما قوله:
" ... وجعلوا الحذف علَماً لحذف الإضمار في إن، كما فعلوا ذلك في كأن"
كان بودي التحقق: هل الحرف المذكور هنا هو (إن) بالكسر أو (أن) بالفتح؟ ولكن النسخة الورقية من الكتاب ليست عندي.
وعموما إن كان الحرف هو (أن) بالفتح فربما يكون المراد التشابه بين (أن، كأن) من حيث الإعمال مع التخفيف ومن حيث كون اسم كل منهما ضمير الشأن المحذوف، وإن أجاز بعض النحاة في اسم (كأنْ) المخففة أن يكون اسما ظاهرا مذكورا ولكن ذلك قليل.
والمحفوظ كسر همزة إن، وهو الثابت في طبعة عبد السلام هارون، بل وفي طبعة بولاق مصر المحمية، وعليه يستقيم الكلام عندنا، ولو كانت بالفتح لفسد الكلام.
وإني لأدعو إخوتي لقراءة هذا النص في ضوء ما يسبقه وما يليه، في ضوء مسألة واحدة أرى أن سيبويه قد عقد علها الكلام في هذه السطور، ألا وهي:"إضمار اسم الحرف الناسخ (إن ولكن وكأن وأن) وبقاء الخبر بعده مرفوعا "
ذاك قولي ولا أتيقنه،
و"كل ابن آدم خطاء"،
والسلام!
ـ[أبو بشر]ــــــــ[30 - 04 - 2007, 05:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذنا الفاضل جلمود
فيما يخص مسألة "إن" بالكسر و"أن" بالفتح فيبدو لي - والله أعلم - أن سيبويه لم يفرق بينهما عند الإفراد إلا بأن يلحق الأولى بـ"لكن" والثانية بـ"كأن"، إذا فـ"إن" و"أن" عنده سواء فيشير إليهما بلفظ واحد، لكن تبقى الهمزة مكسورة في مواضع وتفتح في مواضع أخرى ويجوز الأمران في مواضع أخرى كذلك كما هو المعروف، ولكن في نهاية الأمر فهما وكأنهما حرف واحد يشار إليهما عند الإفراد بـ"إن" بالكسر إذ هي الأصل، وأوضح دليل على هذا التفسير عدّ سيبويه الأحرف المشبهة بالفعل خمسة لا ستة فقد نص على ذلك في أكثر من موضع، وإليكم بعض هذه المواضع وهي تراجم أبواب:
(1) هذا باب الحروف الخمسة التي تعمل فيما بعدها كعمل فيما بعده
(2) هذا باب يحسنعليه السكوت في هذه الأحرف الخمسة
(3) هذا باب ما تستوي فيه الحروف الخمسة
(4) هذا باب ينتصب فيه الخبر بعد الأحرف الخمسة
فهذا يدل على أن سيبويه يشير إلى "إن" بالكسر و"أن" بالفتح في حالة الإفراد بلفظ واحد، ولا يفرق بينهما إلا في حالة الاستعمال، فمرة يلحقها بـ"لكن" ومرة يلحقها بـ"كأن" واللفظ واحد، والله أعلم
هذا، والذي ذكرته آنفا ليس مطردا في جميع كتابه فقد يفرق بينهما حتى في حالة الإفراد، وذلك عندما يقول "هذا باب "إن" و"أن"، وهذا باب من أبواب "أن" إلخ، ولكنه يفعل ذلك فقط عندما يريد أن يفرق بينهما في الاستعمال، وهذا الذي نحن بصدده ليس من ذلك، أما هنا فكأن سيبويه ذكر هذه الأحرف الخمسة لأول مرة ولم يسبق الكلام عليها قبل ذلك، فتناوُله لهذه الأحرف هنا هو تناوُله لها مجموعة لا مفردة ولا مثناة وأقصد بعبارتي الأخيرة ذكره لـ"إن" و"أن" معا بهدف التفرقة بينهما، والله أعلم
هذا فقط ما يخص مسألة كسر الهمزة وفتحها، أما ما يخص تفسير كلام سيبويه ففي رد لاحق إن شاء الله.
¥