ـ[علي المعشي]ــــــــ[07 - 05 - 2007, 12:24 ص]ـ
أخي الحبيب جلمود
قد ـ والله ـ أثقلت كاهلي بما خلعته علي من حلل الثناء الذي لا يدل إلا على نقاء جوهرك وصفاء روحك، بيد أني لا أستحقه فما أنا إلا طالب علم يخطئ ويصيب ويدين بالفضل ـ بعد الله ـ لجهابذة الفصيح أمثالكم، فليحفظكم الله لطلبة العلم أينما كنتم!
أخي الغالي، قلتَ:
ما رأيك ـ سيدي ـ أن سيبويه يقول بعمل لكن المخففة عمل أن المخففة من جهة إضمار اسمها؟! حيث قال:
فالنصب أجود؛ لأنه لو أراد إضماراً لخفّف، ولجعل المضمَر مبتدأ كقولك: ما أنت صالحاً ولكنْ طالحٌ.
ولا أراك إلا مستشهدا بقول سيبويه على نقيض مراده، فهذه العبارة التي اقتبستها وردت عند سيبويه بعد أن عرض شواهد لـ (لكنّ) المشددة منها ما كان فيها الاسم بعدها مرفوعا ومنها ما جاء الاسم بعدها منصوبا.
ولما كانت (لكنّ) مشددة في تلك الشواهد فقد علق على بعض الشواهد التي رفع فيها ما بعد لكن المشددة ـ وبعض القول منسوب إلى الخليل ـ بأن النصب لما بعد لكن المشددة أجود حيث قال:
" ... فلو كنت ضبِّياً عرفتَ قرابتي ... ولكنّ زَنجيّ عظيم المشافرِ
والنصب أكثر في كلام العرب كأنه قال: ولكن زنجياً عظيمَ المشافر لا يعرف قرابتي.
ولكنه أضمر هذا كما يُضمر ما بني على الابتداء نحو قوله عزّ وجلّ: " طاعةٌ وقولٌ معروفٌ " أي طاعةٌ وقولٌ معروفٌ أمثل."
ثم بعد ذلك أيد القول بأن النصب أجود وأكثر بهذا الشاهد حيث قال:
" ... وقال الشاعر: فما كنتُ ضفّاطاً ولكن طالباً ... أناخ قليلاً فوق ظهر سبيلِ
أي ولكن طالباً منيخاً أنا. فالنصب أجود لأنه لو أراد إضماراً لخفّف ولجعل المضمَر مبتدأ كقولك: ما أنت صالحاً ورفعه على قوله ولكنّ زنجيّ."
ألا ترى أن قوله يفيدنا بأن رفع ما بعد لكن المشددة على الإضمار، أما نصبه فهو على أنه اسمها وهو الأكثر والأجود، ثم علل لجودة النصب بأنه لو أراد الإضمار لكان الأحسن أن يخفف (لكن) ويجعل المضمر بعدها مبتدأ.
لاحظ أنه قال (ولجعل المضمر مبتدأ) ولم يقل (لجعل المضمر اسما لها) فدل قوله (مبتدأ) على إهمال لكن المخففة، وهذا خلاف ما ذهبتَ إليه من أنه أعملها مخففة، بدليل أنه لو ذُكر ركنا الجملة الاسمية بعد لكن المخففة لرفعا معا على أنهما مبتدأ وخبر و (لكن) المخففة حرف ابتداء مهمل، وإنما قال بالإضمار لأن ما بعد لكن فيما ذكر من شواهد لا يقوم بنفسه ليتم المعنى وإنما يحتاج إلى تقدير محذوف.
قلتَ أخي الحبيب:
عفوا أستاذي ولكن الأمر على خلاف ذلك؛ فـ (إن) المخففة تعمل عند سيبويه، بل ويشبهها بـ (كأن) في غير هذا الموضع ...
وقد ذكرتُ في أكثر من عبارة لي في هذا الموضوع أن إهمال إن المخففة غالب لا واجب، وسأكتفي بالأقرب متناولا وهو ما ورد في اقتباسك أعلاه لأقتبسه ثانية:
1ـ أن تخفيف (إن) المكسورة لا يعد علامة ودليلا على حذف اسمها المضمر إذ إنها تهمل غالبا ويرفع ما بعدها بالابتداء.
وعليه فلا خلاف في أن (إن) المخففة إذا أعملت ـ وهو قليل ـ فإنها في حالة إعمالها تشبه كأن من حيث الإعمال ولكن الفرق بينهما أن (إن) المخففة تعمل جوازا على قلة فيما تعمل كأن المخففة وجوبا. أما (لكن) فهي تهمل وجوبا إن خففت. والله أعلم.
هذا وتقبل أزكى تحياتي.
ـ[جلمود]ــــــــ[07 - 05 - 2007, 03:19 ص]ـ
أستاذنا المتواضع علي المعشي،
سلام الله عليكم،
نسأل الله تعالى أن يزيدك بتواضعك رفعة وسموا،
ولمَ لا وأنتم العلم وأهله! فلله درك متواضعا، وقد قال الشعراء في أمثالكم:
تواضَعتَ لما زادكَ اللَه رِفعَةً = كذلكَ نفسُ الحرِّ لا تتكبَّرُ
عَظُمتَ فَلَمّا لَم تُكَلَّم مَهابَةً = تَواضَعتَ وَهوَ العُظمُ عُظماً عَنِ العُظمِ
وقد قلت أستاذي المحنك:
ولا أراك إلا مستشهدا بقول سيبويه على نقيض مراده، فهذه العبارة التي اقتبستها وردت عند سيبويه بعد أن عرض شواهد لـ (لكنّ) المشددة منها ما كان فيها الاسم بعدها مرفوعا ومنها ما جاء الاسم بعدها منصوبا.
ولما كانت (لكنّ) مشددة في تلك الشواهد فقد علق على بعض الشواهد التي رفع فيها ما بعد لكن المشددة ـ وبعض القول منسوب إلى الخليل ـ بأن النصب لما بعد لكن المشددة أجود حيث قال:
" ... فلو كنت ضبِّياً عرفتَ قرابتي ... ولكنّ زَنجيّ عظيم المشافرِ
¥