تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والنصب أكثر في كلام العرب كأنه قال: ولكن زنجياً عظيمَ المشافر لا يعرف قرابتي.

ولكنه أضمر هذا كما يُضمر ما بني على الابتداء نحو قوله عزّ وجلّ: " طاعةٌ وقولٌ معروفٌ " أي طاعةٌ وقولٌ معروفٌ أمثل."

ثم بعد ذلك أيد القول بأن النصب أجود وأكثر بهذا الشاهد حيث قال:

" ... وقال الشاعر: فما كنتُ ضفّاطاً ولكن طالباً ... أناخ قليلاً فوق ظهر سبيلِ

أي ولكن طالباً منيخاً أنا. فالنصب أجود لأنه لو أراد إضماراً لخفّف ولجعل المضمَر مبتدأ كقولك: ما أنت صالحاً ورفعه على قوله ولكنّ زنجيّ."

ألا ترى أن قوله يفيدنا بأن رفع ما بعد لكن المشددة على الإضمار، أما نصبه فهو على أنه اسمها وهو الأكثر والأجود، ثم علل لجودة النصب بأنه لو أراد الإضمار لكان الأحسن أن يخفف (لكن) ويجعل المضمر بعدها مبتدأ.

لاحظ أنه قال (ولجعل المضمر مبتدأ) ولم يقل (لجعل المضمر اسما لها) فدل قوله (مبتدأ) على إهمال لكن المخففة، وهذا خلاف ما ذهبتَ إليه من أنه أعملها مخففة، بدليل أنه لو ذُكر ركنا الجملة الاسمية بعد لكن المخففة لرفعا معا على أنهما مبتدأ وخبر و (لكن) المخففة حرف ابتداء مهمل، وإنما قال بالإضمار لأن ما بعد لكن فيما ذكر من شواهد لا يقوم بنفسه ليتم المعنى وإنما يحتاج إلى تقدير محذوف.

شكرا لك ـ سيدي ـ على هذا التفصيل، ولكنني أرى أن سيبويه في هذا المثال أراد إعمال (لكن) وهي مخففة؛ وذلك لأن الكلام وترتيبه وسياقه لا يستقيم ـ عندي ـ إلا على هذا التأويل، كذلك من أبرز الأدلة على أن مراد سيبويه في (ما أنت صالحا ولكن طالح) إعمالها مع إضمار اسمها ـ قول يونس في شرح المفصل (وهو قول الأخفش أيضا)، وكأنه فهم ما فهمتُ، وذهب إلى ما ذهبتُ؛ حيث قال ابن يعيش صاحب شرح المفصل:

وكان يونس يذهب إلى انها إذا خففت لا يبطل عملها ولا تكون حرف عطف بل تكون عنده مثل إن وأن فكما أنهما بالتخفيف لم يخرجا عما كانا عليه قبل التخفيف فكذلك لكن، فإذا قلت ما جاءني زيد لكن عمرو، فعمرو مرتفع بلكن والاسم مضمر محذوف كما في قوله (ولكن زنجي عظيم المشافر) ...

لاحظ ـ سيدي ـ أنه ذكر شاهد سيبويه الذي ذكره سيبويه قبل هذا المثال (محل الخلاف)، ولاحظ كذلك أنه ذكر مثالا شبيها بمثال سيبويه (محل الخلاف)، حيث قال سيبويه: (ما أنت صالحا ولكن طالح)، وقال يونس: (ما جاءني زيد لكن عمرو)، ولاحظ أيضا أنه وجه مثاله كما وجهتُ مثال سيبويه، فتأمل أستاذي!

وقلت سيدي سابقا:

2ـ أن سيبويه في عبارته قرن (إن) المخففة بـ (كأن) المخففة، ما يدل على أنه أراد الفتح، ولو أراد الكسر لحدث تناقض؛ لأن (كأن) تعمل وجوبا وهي مخففة ويغلب إضمار اسمها وحذفه، فيما تهمل إن المكسورة عند تخفيفها، أما أن بالفتح فهي تطابق كأن فيما يخص الإعمال مع التخفيف وكذا إضمار اسمها وحذفه.

ثم قلت لاحقا:

وقد ذكرتُ في أكثر من عبارة لي في هذا الموضوع أن إهمال إن المخففة غالب لا واجب، وسأكتفي بالأقرب متناولا وهو ما ورد في اقتباسك أعلاه لأقتبسه ثانية: اقتباس:

1ـ أن تخفيف (إن) المكسورة لا يعد علامة ودليلا على حذف اسمها المضمر إذ إنها تهمل غالبا ويرفع ما بعدها بالابتداء.

إذن ما دمت تقول إنه يجوز عند سيبويه إعمال إن المخففة (كما يفهم من قولك غالبا وكما يفهم من نصه الذي أوردتُه) فليس هناك تناقض لو أراد الكسر في قوله المشكل.

ثم إنني نسيت ـ أستاذي ـ أن أسالك إذا كان الأمر كما تقول (سيبويه أراد أن وعبر بإن) فلماذا لم يقل (أن) ويريحنا: D ! أم تراه يريد أن يتعنتنا ( ops ! وما الحكمة في فعله هذا (التعبير بإن وإرادة أن) ;)! وهل سبق لسيبويه أن فعلها في كتابه:)! بل هل سبق لأحد النحويين أن عبر بإن وأراد أن:)!!!!!!!!!

والسلام!

ـ[جلمود]ــــــــ[07 - 05 - 2007, 06:01 ص]ـ

سلام الله عليكم،

نسيت أن ألفت النظر في مسألة إعمال لكن في قول سيبويه:" ما أنت صالحا لكن طالح" ـ إلى أن هذه المسألة قد تأثر فيها سيبويه بيونس؛ فيونس شيخه وعنه أخذ وتحمل وروى؛ فسياق سيبويه يشبه إلى حد كبير سياق يونس؛ حيث تشابهت الأمثلة ـ نسبيا ـ والشواهد؛ فوجب أن يتشابه التوجيه، وهو إعمال لكن وإضمار اسمها.

والسلام!

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[07 - 05 - 2007, 09:04 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير