يبدو أن أبا بشر منشغل .. والقول ما قاله أبو بشر وعلي وهو يوافق تفسير السيرافي الذي تفضل أخونا أحمد بإيراده>>
تفصيل ذلك أن سيبويه بدأ حديثه عن الإضمار في هذا الباب بتوجيه الرفع في قول العرب: إنّ بك زيدّ مأخوذ، حيث روى عن الخليل أنه على إضمار ضمير الشأن، أي: إنه بك زيدٌ مأخوذ، وشبهه بما يجوز في الشعر: كأنْ ظبية تعطو إلى وارق السلم وقوله: كأنْ ثدياه حقان وقوله: ولكنّ زنجيٌّ عظيم المشافر
فالمضمر في كل هذا ضمير الشأن، ولم يصب من زعم أن المحذوف في (كأن ظبية) هو الضمير العائد للمرأة الموصوفة، وإنما هو ضمير الشأن كما في (كأنْ ثدياه حقان)، أي كأنّه هي ظبية، أو كأنه ظبية تعطو تلك المرأة يعني أن ما بعد (كأنْ) المخففة جملة من مبتدأ وخبر k واسمها ضمير الشأن، وكذلك لم يصب من زعم أن المحذوف في قوله (ولكن زنجي) هو الضمير العائد للمهجو، وإنما المحذوف ضمير الشأن لأن سيبويه قال: (ولكنه أضمر كما يضمر على الابتداء، أي أن ما بعد (لكنّ) مبتدأ و خبر
وعندما علل كون النصب أجود قال: (فالنصب أجود لأنه لو أراد إضمارا لخفف ولجعل المضمر مبتدأ كقولك: ما أنت صالحاً ولكن طالح k ورفعه على قوله (ولكنّ زنجي)
أي: فالنصب أجود لأنه لو أراد (إضماراً) أي: حذف المبتدأ ـ لخفف (لكنّ) وجعل المحذوف مبتدأ يعني أن الوجه في (لكنّ) إذا خففت أن يكون ما بعدها مبتدأ والخبر محذوفا، أو خبرا لمبتدأ محذوف، وإذا شُددت فالنصب بها أجود، ويجوز الرفع على جعل اسمعها ضمير الشأن كما في (ولكن زنجي) أي ولكن الشأن أو الأمر زنجي عظيم المشافر جاهل بقرابتي.
ثم انتقل إلى قول الأعشى (أن هالك كل من يحفي) ليبين الفرق بين تخفيف لكن وتخفيف (أنّ) فلكن إذا خففت بطل عملها وصار ما بعدها مبتدأ وخبرا، أما (أنّ) إذا خففت فإن اسمها يكون ضمير شأن.
فقوله رحمه الله (فإن هذا على إضمار الهاء) أي على إضمار ضمير الشأن، وقوله (لم يحذفوا لأن يكون الحذف يدخله في حروف الابتداء بمنزلة إن ولكن)
أي لم يخففوا (أنّ) ليجعلوها في حروف الابتداء مثل (لكن وإنّ) اللتين يبتدأ بعدهما الكلام، بمعنى: يكون ما بعدهما مبتدأ وخبرأ، وهما لا تعملان شيئاً فإنهما إذا خففتا بطل عملهما.
وقوله (ولكنهم حذفوا كما حذفوا الإضمار) أي ولكنهم خففوا (أنّ) فحذفوا إحدى النونين كما حذفوا ضمير الشأن الذي هو اسم أنّ
وقوله (وجعلوا الحذف علماً لحذف الإضمار في (أنّ)) أي جعلوا تخفيف (أنّ) علامة على حذف ضمير الشأن، فحيثما وجدت (أنْ) مخففة فاحكم أن ثمّ ضمير شأن محذوفاً.
وقوله (كما فعلوا ذلك في كأنّ) أي: فعلوا في (أنّ) ما فعلوه في (كأنّ) فالتخفيف فيهما علامة على ضمير شأن محذوف هو الاسم والجملة بعد ذلك خبر
وما اختلف في ضبط همزتها هي (أن) المفتوحة، ولا يصح الكسر ولا يتسق مع كلام سيبويه.
فمذهب سيبويه أن (إن) و (لكن) متشابهتان في أنهما إذا خففتا بطل عملهما وما بعدهما مبتدأ وخبر، وإذا شددتا عملتا فنصبتا الاسم ورفعتا الخبر، ويجوز أن يحذف معهما ضمير الشأن في حال التشديد وما بعدهما جملة اسمية هي الخبر، وهذه الجملة يمكن أن يكون أحد جزئيها محذوفا، أما (أن) و (كأن) فتخفيفهما دليل على حذف ضمير الشأن معهما وهو الاسم والجملة بعد ذلك الخبر.
أشكر كل الذين شاركوا في التفسير وكل الذين قرؤوه، ويبقى لكل مجتهد نصيب.
وإلى اللقاء في مشكل آخر بإذن الله.
مع التحية الطيبة ..
ـ[جلمود]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 03:08 ص]ـ
الأستاذ الدكتور الأغر،
سلام الله عليكم،
اسمح لي ـ سيدي ـ أن أنتهز هذه الفرصة لأعبر عن شكري العميق لما تبذلوه لنا \معنا من علم وجهد ووقت، ويسعدني بل ويشرفني أن أكون في هذه النافذة تلميذا، بكم يسترشد ويستضيء، ومنكم يستسقي العلم عللا بعد نهل، وإليكم يجلس وينصت، وإن كنت أظن نفسي ـ حقيقة (والله!) لا تواضعا ــ لا أستحق هذا الشرف وهذه التلمذة، فجزاك الله عنا وعن سيبويه وكتابه بل عن العربية وعلومها ـ خير ما جازى به شيخا عن مريديه وعلمه.
ولي تساؤلات ـ سيدي ـ عن/في هذا المشكل الأخير، تساؤلات تلميذ يود أن يعرف خطأه كي لا يكرره، فبهذا تكون الاستفادة، لا تساؤلات مجادل ومنافح عن باطل يراه.
والسلام!
ـ[جلمود]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 04:00 ص]ـ
الاستاذ الدكتور الأغر،
سلام الله عليكم،
¥