تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جلمود]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 03:43 ص]ـ

أستاذي العلَم،

سلام الله عليكم،

قد قلت سيدي:

فليس بمسلم، فمن حيث الصناعة كون اسم (إن) وأخوتها ضمير شأن أشيع من كونه ضميرا عائدا إلى مذكور،

عفوا أستاذي، فواقع اللغة يخالف ذلك تماما، فكون اسم (إن) وأخوتها ضميرا عائدا إلى مذكور أشيع من كونه ضمير شأن بلا خلاف، ونستطيع ـ سيدي ـ أن ننستنطق النصوص، فمثلا هل ورود اسم ان وأخواتها في القرآن حالة كونه ضمير شأن أكثر من وروده حالة كونه عائدا إلى مذكور؟! بالطبع لا وبدون تمهل، فإنه غالبا ما يعود إلى مذكور، بل ومن النادر كونه ضمير شأن.

واسمح لي ـ سيدي ـ أن أنتقي بعضا من النصوص الكثيرة جدا التي تؤيد ما ذهبت إليه أنا وجل النحويين، علك تنظر في الأمر مرة أخرى؛ حيث قال البغدادي في الخزانة:

الشاهد الرابع والسبعون بعد الثمانمائة

وهو من شواهد سيبويه:

ويوماً توافينا بوجه مقسم ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم

على انه روي برفع ظبية، ونصبها، وجرها.

أما الرفع فيحتمل أن تكون ظبية مبتدأ وجملة تعطو: خبره، وهذه الجملة الاسمية خبر كأن، واسمها ضمير شأن محذوف. ويحتمل أن تكون ظبية خبر كأن وتعطو صفته، واسمها محذوف، وهو ضمير المرأة، لأن الخبر مفرد.

هذا تقرير كلامه على وجه الرفع. ويرد على الوجه الأول انه لا يصح الابتداء بظبية لما تقدم في قوله:

كأن قبس يعلى بها حين تشرع

والوجه الثاني هو الظاهر، وهو كلام سيبويه كما تقدم. وقال الأعلم: الشاهد فيه رفع ظبية على الخبر، وحذف الاسم، والتقدير: كأنها ظبية. وكذا قال ابن الشجري وابن يعيش وغيرهم.

وقد أورد المبرد هذه الأوجه الثلاثة في الكامل، قال: حدثني التوزي عن أبي زيد، قال: سمعت العرب تنشد هذا البيت، فتنصب الظبية، وترفعها، وتخفضها: أما رفعها فعلى الضمير، يريد: كأنها ظبية.

وقد قلت سيدي:

وأما من حيث المعنى فليس المعنى على ما زعموا:

ويوما توافينا بوجه مقسم كأنها ظبية تعطوا إلى وارق السلم، فليس المراد تشبيه المرأة بالظبية بجامع الجمال، وإنما المراد أن يشبه شأن امرأته بشأن الظبية الراتعة بأمان، بدليل أنه قال بعد ذلك:

ويوما تريد مالنا مع مالها ... فإن لم ننلها لم تُنمنا ولم تنم

نظل كأنا في خصوم غرامة ... تسمّع جيراني التألي والقسم

فقلت لها إلا تناهي فإنني ... أخو النكر حتى تقرعي السن من ندم

فهو يريد تشبيه شأنها بشأن الظبية الآمنه لا تشبيه جمالها بجمال الظبية، والله أعلم،

بل المعنى المقصود تشبيه جمالها بجمال الظبية، والنصوص السابقة توضح أن هذا هو المراد وهو اختيار جل النحويين من جهة المعنى، ومن أدل النصوص وأصرحها وأفصحها على هذا الفهم والتوجيه قول ابن السيرافي (وهو غير السيرافي الأب شارح الكتاب، فهو ابنه) وقد ورد في الخزانة:

قال ابن السيرافي: يريد أنه يستمتع بحسنها يوماً، وتشغله يوماً آخر بطلب ماله، فإن منعها آذته، وكلمته بكلام يمنعه من النوم

أما بيت الفرزدق فدعه ـ سيدي ـ حتى يأتي دوره، وأظن أن النحويين سيميلون إليّ مرة أخرى، بالطبع دون إيعاذ مني:).

وقد قلت سيدي:

لذلك يمكن القول بأن مراد سيبويه قد خفي في هذه المسألة على كل هؤلاء النحويين

يخفى على جل النحاة ولا يظهر حتى لطائفة منهم! ولم أرك سيدي تستشهد بنص واحد لأحد العلماء تؤيد به ما قلتم به، وأظنني إذا جمعت أراء العلماء حول هذا البيت وتوجيهه حالة كونها موافقة لما أقول ـ لبلغت مجلدا ضخما.

وفي نهاية هذا التساؤل اسمح لي سيدي أن أحترم رأيكم وأقدره وأوقره وأبجله؛ فمثلكم مجانبة الصواب له يثاب عليها؛ فهو مجتهد مطلق له حق النظر والاختيار،

واسمح لي كذلك أن أحتفظ برأيي وما انتهى إليه علمي مادام يقوم على أدلة وقرائن معتبرة وهو قول جل النحويين.

والسلام!

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 07:22 ص]ـ

وعليك سلام الله أخي الكريم

ألا ترى أنك لم تأت بنص واحد من النصوص الكثيرة التي زعمت أنها تؤيدك غير النص الذي هو محل الخلاف؟

هلا أتيت بنص واحد من القرآن فيه اسم إن أو كأن ضمير محذوف يعود لمذكور؟

وأنت تعلم أن حذف ضمير الشأن مع أن المخففة كثير كقوله تعالى: وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وقوله سبحانه: علم أن سيكون منكم مرضى، وقوله عز وجل: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، بل ورد ضمير الشأن مذكورا في قوله تعالى: إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى.

ومن الشعر ما كان اسم إن ضمير شأن محذوف أذكرقول الشاعر:

إن من يدخل الكنيسة يوما **** يلق فيها جآذرا وظباء

وأما اسم أن فكثير

كقوله:

وَظَنّي أَن سَتَشغَلُكَ النَدامَى غُدُوُّهُم إِلَيكَ مَعَ الرَواحِ

وقوله:

فإن عصيتم مقالي اليومَ فاعترفُوا أن سَوفَ تلقونَ خِزياً ظاهِرَ العارِ

ومما جاء اسم إن وأن ضمير شأن مذكور في الشعر قوله:

وَما كانَ طِبّي حُبُّها غير أَنَّهُ يَقومُ لِسَلمى في القَوافي صُدورُها

وقوله:

أَلقِ الصَحيفَةَ لا أبَا لَكَ إِنَّهُ يُخشى عَلَيكَ مِنَ الحِباءِ النِقرِسُ

وقوله:

زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُ يُشفى بِرَيّا ريقِها العَطِشُ الصَدي

وقوله:

وأبغي صواب الظّنّ أعلم أنّه إذا طاش ظنُّ المرء طاشت مقادره

أما معنى البيت فإن التشبيه بيان لحال الموافاة، أي موافاتها كموافاة ظبية الشجر لترعى بأمان فهو يريد أن يبين أنها هادئة يوما ويوما ثائرة.

ولك الحق في أن تبقى على رأيك ولكن سأبقى بانتظار أن تأتي بنصوص فيها اسم إن أو كأن ضمير محذوف يعود لمذكور.

مع التحية الطيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير