ولا أجد في قول سيبويه ما يوهم بأنه يذهب مذهب الكوفيين، فقوله (فهذا كله انتصب على ما هو فيه وهو غيره) يعني: فهذا كله انتصب لأنه ظرف وجد فيه المبتدأ، فهذه العبارة تأكيد لقوله: (فانتصبت لأنها موقوع فيها ومكون فيها) وهذا أيضا بيان لعلة النصب لا لعامله. والله أعلم.
وإلى اللقاء في مناقشة الوجه الثالث، إن شاء الله.
مع التحية الطيبة
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[22 - 08 - 2007, 10:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قال ابن مالك رحمه الله:
الوجه الثالث: ما ذهب إليه ابن خروف من أن عامل النصب في الظرف المذكور المبتدأ نفسه واحتماله أظهر من الوجهين المتقدمين، وهو أيضا مخالف لمراد سيبويه، وسأبين ذلك إن شاء الله، ولو قصد ذلك سيبويه نصا لم يعوّل عليه، لأنه يبطل من سبعة أوجه:
أحدها أنه قول مخالف لما اشتهر عن البصريين والكوفيين مع عدم الدليل فوجب اطراحه.
الثاني: أن قائله يوافقنا أن المبتدأ عامل رفع، ويخالفنا بادعاء كونه عامل نصب، وما اتفق عليه إذا أمكن أولى مما اختلف فيه، ولا ريب في إمكان تقدير خبر مرفوع ناصب للظرف، فلا عدول عنه.
الثالث: من مبطلات قول ابن خروف أنه يستلزم تركيب كلام تام من لفظين ناصب ومنصوب لا ثالث لهما، ولا نظير له، فوجب اطراحه.
الرابع أنه قول يستلزم ارتباط متباينين دون رابط، ومن ثم لم يكن كلاماً، نحو: زيد قام عمرو، حتى يقال: إليه أو نحوه.
الخامس أن نسبة الخبر من المبتدأ كنسبة الفاعل من الفعل، والواقع موقع الفاعل من المنصوبات لا يغني عن تقدير الفاعل، فكذلك الواقع موقع الخبر من المنصوبات لا يغني عن تقدير الخبر.
السادس أن الظرف الواقع موقع الخبر من نحو زيد خلفك نظير المصدر من نحو: ما أنت إلا سائرا، في أنه منصوب مغن عن مرفوع والمصدر منصوب بغير المبتدأ فوجب أن يكون الظرف كذلك إلحاقا للنظير بالنظير
السابع أن عامل النصب في الظرف والمذكور بإجماع من ابن خروف ومنا لا يكون إلا فعلا أو شبيهه أو شبيه شبيهه، والمبتدأ لا يشترط فيه ذلك فلا يصح انتصاب الظرف المذكور به. انتهى كلام ابن مالك رحمه الله.
قلت:
أما الوجه الأول فلا يعد دليلاً على الإبطال، فلا يحتج على بطلان رأي لكونه مخالفا لما اشتهر في المذهبين بدليل أن لابن مالك نفسه أراء خالف فيها جمهور النحويين.
وأما الوجه الثاني فإن الحكم بالأولى يرجح ولا يبطل.
وأما الثالث: وهو أن قول ابن خروف يستلزم تركيب كلام تام من ناصب ومنصوب ولا نظير لذلك فلابن خروف أن يقول نحن حكمنا على أن المبتدأ رافع للخبر، ولا نظير لذلك فليس في الكلام اسم جامد غير مشبه بالفعل يرفع اسما آخر، فلما كان المبتدأ متفردا ليس له نظير من عوامل الرفع، جعل له وجه آخر من التفرد بأن يكون ناصبا إذا كان الخبر غير المبتدأ في المعنى، بأن يكون ظرفا أو جارا أو مجرورا.
وأما الوجه الرابع وهو خلو الكلام من الرابط بين المبتدأ والخبر فإن الرابط مفقود في نحو (زيد أخوك) أيضا وفي نحو زيد خلفُك بالرفع.
وأما الوجه الخامس فالمنصوب الواقع موقع الخبر مختلف عن المنصوب الواقع موقع الفاعل بعد الفعل، فالواقع موقع الخبر عمدة والواقع بعد الفعل فضلة.
وأما الوجه السادس فليس بمسلم لأن الخبر في قولنا: ما أنت إلا سائرا، هو المبتدأ أي: سائر سيراً، أما في نحو: زيد خلفك، فالخبر موضع للمبتدأ، والمبتدأ مكون في الخبر.
وأما الاعتراض بالوجه السابع فقوي، ذلك أن الظرف لا يكون منصوبا إلا بفعل أو ما يشبه الفعل، ولكن للمخالف أن يقول: بل الظرف يكون منصوبا بما يكون فيه من فعل أو شبهه أو أي اسم جامد يكون مكونا في الظرف، فيكون الظرف الواقع حالا أو صفة منصوبا بالاسم المكون فيه، ففي نحو: رأيت القمر بين السحاب يكون (بين) منصوبا بالقمر، وفي نحو رأيت طيرا فوق الشجرة يكون فوق منصوبا بالطير وهكذا ..
وإلى اللقاء في مناقشة الوجه الرابع من الأوجه التي يحتملها نص سيبويه رحمه الله.
مع التحية الطيبة.
ـ[جلمود]ــــــــ[23 - 08 - 2007, 06:39 م]ـ
شيخنا الأغر،
سلام الله عليكم،
بالنسبة للوجه الأول،
مذهب سيبويه أن المبتدأ رافع للخبر إذا كان الخبر هو المبتدأ،
ولعل شيخنا الأغر يذكر لنا أدلة هذا التقييد وهذا الشرط.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[01 - 09 - 2007, 12:20 ص]ـ
وعليك سلام الله أخي جلمود
أعني أن سيبويه ذكر في كتابه أن المبني على المبتدأ إما أن يكون شيئا هو هو أو يكون شيئا غيره وهو زمان أو مكان، فإن كان الخبر هو المبتدأ (هو هو) ارتفع الخبر بالمبتدأ، وإن كان غيره بأن كان زمانا أو مكانا للمبتدأ كان منصوبا بالمبتدأ عند ابن خروف ..
قال سيبويه:
واعلم أن المبتدأ لا بد أن يكون المبني عليه شيئا هو هو أو يكون في مكان وزمان، وهذه الثلاثة يذكر كل واحد منها بعد ما يبتدأ ..
فأما الذي يبنى عليه شيء هو هو فإن المبني عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء، وذلك قولك: عبد الله منطلق ..
ولنا لقاء قريب مع الوجه الرابع الذي اختاره ابن مالك من الأوجه التي تحتملها عبارة سيبويه ..
مع التحية الطيبة
¥