تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" ... وعلى هذا: (ما رأيتُ أحدًا إلاّ زيدًا) فتنصب (زيدًا) على غير (رأيتُ)، وذلك أنّك لم تجعل الآخِرَ بدلاً من الأول، ولكنك جعلته منقطعًا مما عمل في الأول، وعمل فيه ما قبله كما عمل (العشرون) في (الدرهم)».

قال ابن مالك: "فصرّح بأنّ نصب (زيد) في المثال المذكور على لغة ما لا يبدل، إنما هو بغير (رأيت) فتعيّن نصبه بإلاّ"

أقول: تصريح سيبويه هذا إنما يخرج كون (زيدا) بدلا من (أحدا) أي لا ينتصب بالفعل على نية الطرح، ولا يعني انتفاء النصب بالفعل تعين النصب بإلا حتما.

ثم قال ابن مالك: "ولم يكتف بذلك التصريح حتى قال: «ولكنك جعلتَهُ منقطعًا عمّا عمل في الأول»، فهذان تصريحانِ لا يتطرق إليهما احتمال غير ما قلنا إلا بمكابرة وعناد."

أقول: مرجع الهاء في (جعلته) هو (زيدا) والمقصود بالأول (أحدا) والمقصود بما عمل في الأول (رأيت) والمقصود بالانقطاع عدم تأثره بالفعل أي عدم عمل رأيت في زيد، وعليه لا يعد هذا تصريحا جديدا وإنما هو بمعنى التصريح الأول، وكما أن التصريح الأول لا يعين إعمال إلا نجد هذا لا يعين إعمالها أيضا فالقول هو هو.

ثم قال ابن مالك عن سيبويه:

"وقال في تاسع أبواب الاستثناء بعد أنْ مثَّل بـ: (أتاني القومُ إلاّ أباك): «وانتصب (الأب) إذ لم يكن داخلاً فيما دخل فيه ما قبله ولم يكن صفةً، وكان العامل فيه ما قبله من الكلام».

وعقب بقوله: "قلت: فقد جعل علة نصب (الأب) عدم دخوله فيما دخل فيه ما قبلها، والذي دخل فيه ما قبله إسناد المعنى إلى المعنى وتأثر اللفظ باللفظ، فلزم من ذلك ألاّ يكون لفظ (الأب) منصوبًا بلفظ (أتى)، كما لم يكن لمعناه حظّ في معناه، وإذا لم يكن النصب بـ (أتى) تعيَّن أن يكون بـ (إلاّ).

أقول: الذي دخل فيه ما قبله هو الإتيان، ومراد سيبويه بقوله (ما قبله) الأولى هو (القوم)، لذا قال بعدها (ولم يكن صفة)، ومراده بقوله (ما قبله من الكلام) هو (أتاني القوم)، وهذا معناه ـ والله أعلم ـ أن تمام الكلام واستغناءه بدون الأب هو العامل في الأب عند سيبويه.

هذا والله أعلم.

شيخنا الأغر حفظه الله

بودي أن أقرأ رأيكم في الآراء الأخرى حول ناصب المستثنى بعد إلا ولاسيما الرأي القائل بتقدير فعل محذوف (أستثني)، وذلك بعد فراغكم من مناقشة ما أنتم بصدده.

وتقبلوا خالص مودتي.

ـ[مروان الحسني]ــــــــ[06 - 02 - 2008, 09:57 م]ـ

إخواني الأفاضل:

أرسلت رابط هذه المشاركة الفاضلة إلى الدكتور محمد كاظم البكاء , طلبا لإستشارته , و قد أرسل لي إيميلا بجوابه , فمن له تعليق أو إستفسار يضعه و أنا أرسله للدكتور للإستشارة , و قد أذن لي - حفظه الله تعالى - في نشر رسالته و أنشرها كما هي:

(بسم الله الرحمن الرحيم

الفاضل الأستاذ مروان الحسيني المحترم

السلام عليكم ورجمة الله وبركاته

وبعد فقد تسلمت شاكرا رسالتكم الكريمة، وراجعت الرابط الذي ذكرته، ووقفت على ما فيه، وفي أدناه وجهة نظرنا، ولا مانع من نقلها إلى الأفاضل المشاركين في الموقع.


الموضوع يتعلق بتقديم المستثنى على المستثنى منه، ومثال الباب: مالي إلا أباك صديقٌ، والأصل: مالي صديقٌ إلا أباك.
أما قول سيبويه: من لي إلا أبوك صديقا، فهو مثال آخر لتقديم المستثنى - وهو موضوع البحث والمناقشة - فالأصل فيه: من لي صديقٌ إلا أباك، الذي يجوز فيه: من لي صديقٌ إلا أبوك، يرفع أبوك على البدلية من (صديقٌ)، واحتمال البدلية جائز في حالة النفي والاستفهام كما تقول: مالي أحدٌ إلا أبوك. ثم قدم المستثنى (أبوك) على المستثنى (صديق)، فصار: من لي إلا أبوك صديقٌ، ثم جعل صديقا حالا، فصار: من لي إلا أبوك صديقا، وهو مثال لرفع المستثنى يقابل به مثال النصب الذي عقد عليه الباب: مالي إلا أباك صديقٌ.
قوله: " لأنّك أخليت من للأب " أخلاها للأب، أي: تخلت مَنْ عن وظيفتها النحوية وهي المبتدأ بسبب مجيئ الأب، فلو كان مَنْ مفردا لكان مبتدأ، كما لو قلت: من لي إلا صديقا. فالإفراد هو كونها ليست مع أب. قال سيبويه: " ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ "، أي: مَنْ لم تعمل في هذا المثال عمل المبتدأ؛ لأنّها لم تفرد، فقد ذكر معها أب.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير