تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[18 - 07 - 2008, 04:47 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

أشكر إخواني المشاركين الكرام على جهودهم في العناية بهذه النافذة، وأعتذر عن هذا الانقطاع الطويل عنها مع أني كنت أزور الفصيح ولكن لم يتح لي الوقت الكافي لدراسة هذه المسألة، وبعد أن تحررت من قيود الاختبارات والتصحيح اطلعت على ما يتعلق بهذه المسألة في كتاب سيبويه، وها أنا ذا أقدم ما وقفت عليه للوصول إلى تفسير مقنع بإذن الله.

قال سيبويه عن واو المعية:

هذا بابٌ معنى الواو فيه كمعناها فى الباب الأوّلِ)

إلاّ أنّها تَعْطِفُ الاسمَ هنا على مالا يكونُ ما بعده إلاَّ رفّعا على كلّ حال

وذلك قولك أنت وشأنُك وكلُّ رجل وضَيْعتُه وما أنت وعبدُ الله وكيف أنت وقَصْعةٌ من ثَريدٍ وما شأنُك وشأنُ زيد

وقال المُخَبَّل:

(يازبْرِقانُ أَخا بنى خَلَفٍ % ما أنتَ وَيْبَ أبيك والفَخْرُ)

وقال جَميل:

(وأنت امرؤٌ من أهل نَجْدٍ وأهلُنا % تَهامٍ فما النَّجْدىُّ والمتغوَّرُ

(1/ 299)

وقال:

وكنتَ هناك أنتَ كريمَ قيسِ % فما القَيْسىُّ بعدَك والفِخارُ

هنا يبين سيبويه أنه إذا لم تتقدم على واو المعية فعل وجب رفع ما بعدها عطفا على ما قبلها.

ثم بين الفرق بين الباب الذي تحدث فيه عن واو المعية مع تقدم الفعل وبين هذا الباب الذي لا فعل معها، فقال:

وإنَّما فُرق بين هذا وبين الباب الأوّل لأنَّه اسمٌ والأوّلُ فعلٌ فأُعمل كأَنّك قلت فى الأوّل ما صنعتَ أخاك وهذا مُحالٌ ولكنْ أردتُ أن أمثَّلَ لك ولو قلتَ ما صنعتَ مع أخيك وما زلتُ بعبد الله لكان مع أخيك وبعبدِ الله فى موضع نصبٍ.

يعني أن ما يقع بعد الفعل إذا استوفى فاعله منصوب، لذلك نصب ما بعد الواو لأنها تُعمل ماقبلها فيما بعدها.

أما إذا لم يسبق واوَ المعية فعلٌ فيرتفع ما بعدها، لأن ما قبلها يعمل فيه الابتداء، فيكون الابتداء عاملا فيما بعدها أيضا.

قال سيبويه:

ولو قلت:، أنتَ وشأنُك كنتَ كأَنّك قلت: أنتَ وشأنُك مَقرونان، ِ وكلُّ امرئٍ وضيَعْته مقرونانِ، لأنَّ الواو فى معنى مَعَ هنا يَعمل فيما بعدها ما عَمِلَ فيما قبلها من الابتداء والمبتدأ، ومثله أنتَ أَعلَمُ ومالك، فإِنَّما أردتَ أنت أَعلمُ مع مالك، وأنتَ أعلمُ وعبدُ الله، أى: أنت أَعلمُ مع عبد الله، وإن شئت كان على الوجه الآخَر كأنك قلت: أنت وعبد الله أعلم من غيركما، فإن قلت أنت أعلم وعبد الله، فى الوجه الآخَر فإِنَّها أيضاً تُعمِل فيما بعدها الابتداء كما أعلمت فى (ما صنعتَ وأخاك) صنعتَ. فعلى أَىَّ الوجَهْينِ وجَّهتَه صار على المبتدأ1/ 300>لأنّ الواو فى المعنيينِ جميعاً يَعمل فيما بعدها ما عَمل فى الاسم الذى تَعطفه عليه.

قد تقولون ما علاقة كل هذا بما نحن فيه؟

فأقول: هذا وما بعده يفسر لنا نظرة سيبويه إلى (كيف) وسدها مسد المبتدأ.

قال سيبويه بعد ذلك:

وكذلك: كيف أنت وعبدُ الله، وأنت تريد أن تَسأل عن شأنهما، لأنك إنَّما تَعطف بالواو إذا أردت معنى (مَعَ) على (كَيْفَ) و (كيف) بمنزلة الابتداء، كأَنك قلت: وكيف عبدُ الله، فعَملتْ كما عَمِلَ الابتداءُ لأنَّها ليستْ بفعِل و لأنَّ ما بعدها لا يكون إلاَّ رفعا

فظاهر هذا الكلام أن (كيف) تعمل الرفع كما يعمل الابتداء الرفع، وعبد الله معطوف على (كيف) هذا ظاهر كلامه هنا، وهو موضع مشكل أيضا.

أكتفي اليوم بهذا وسأكمل عاجلا إن شاء الله.

مع التحية الطيبة.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[19 - 07 - 2008, 01:59 م]ـ

السلام عليكم

ثم قرن سيبويه (ما) بكيف، فقال:

يدّلك على ذلك قول الشاعر وهو زيادٌ الأَعجمُ ويقال غيرهُ:

تكلَّفُنِى سَوِيقَ الكَرْمِ جَرمٌ % وما جَرْمٌ وما ذاك السَّويقُ (1/ 301)

ألاَ ترى أنه يريد معنى مَعَ والاسمُ يَعمل فيه (ما)

ثم قرن سيبويه (إن) بكيف و (ما) فقال:

ومثلُ ذلك قول العرب إنَّك مَا وخَيْرا تريد إنّك مع خَيْرٍ

وقال وهو لأبى عنترة العبسىّ:

فَمنْ يَكُ سائِلاً عنّى فإِنّى % و جِرْوَةَ لا تَرودُ ولا تُعارُ

فهذا كلُّه يَنتصب انتصابَ إنّى وزيداً منطلقان ومعناهنّ (مَعَ) لأنّ إنّى هاهنا بمنزلة الابتداءِ ليست بِفعلٍ ولا اسمٍ بمنزلة الفِعل.

ثم علق على هذه الأمثلة والشواهد المتعلقة بكيف وما و (إن)، و (أنت) فقال:

و (كيف أنت وزيدٌ) و (أنت وشأنُك) مثالُهما واحدٌ لأنَّ الابتداءِ و (كيف) و (ما أنت) يَعْمَلْنَ فيما كان معناه (مَعَ) بالرفعَ فيحسن، ويُحْمَلُ على المبتدإ، كما يُحْمَلُ على الابتداءِ، ألا ترى أنّك تقول: ما أنت وما زيدٌ، فيَحسنُ، ولو قلت: ما صنعتَ وما زيدٌ؟ لم يَحسن ولم يستقِمْ إذا أردتَ معنى: ما صنعتَ وزيداً، ولم يكن لِتَعملَ (ما أنت) و (كيف) أنت عَمَلَ (صنعتَ) وليستا بفعلٍ.

من كل هذا يتبين أن العطف هنا في كلام سيبويه على كيف ليس المراد به العطف الاصطلاحي، ولكنه بمعنى الحمل، أي: تحمل ما بعد الواو على تقدير (كيف) معه، لذلك قال: كأنك قلت: وكيف عبد الله. هذا عن معنى العطف.

أما عن معنى قوله عن (كيف) أنها عملت كما عمل الابتداء، فهو أن (كيف) لا تغير عمل الابتداء ولا تنسخ حكمه، ولا تعمل عمل الفعل لتنصب ما بعد الواو، فهي مثل (ما) الاستفهامية، غير أن (ما) تختلف عن (كيف) في محلها الإعرابي، وكلاهما مثل (إن) في أنها لا تعمل عمل الفعل، ويبقى الكلام على الابتداء، ولذلك جاز العطف على (إن) مع اسمها بالرفع بعد تمام الخبر، وسيأتي ما يؤكد هذا المعنى من كلام سيبويه رحمه الله.

وللبحث صلة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير