ـ[أبو بشر]ــــــــ[31 - 12 - 2009, 01:43 م]ـ
الأستاذة بل الصدى وفقها الله
ما رأيك في قول سيبويه:
هل يصح نظمهما في سلك واحد؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الفاضل الأغر الدكتور بهاء الدين - سلمه الله وزاده علماً وعملاً، وبقية الإخوة والأخوات الكرام في منتدى الفصيح.
ها أنا ذا عدت بعد غياب طويل لأنشغل معكم بأبي بشر وأنال معكم من كنوزه مستنبطاً معكم الجواهر واللآلي والدرر المدفونة تحت ثرى كتابه.
هذا وكما نشتغل بكتاب سيبويه وفي الموضع الذي نحن بصدده، فلا ننسى أن كلام سيبويه هذا لا يزال مرتبطاً كل الارتباط بباب الاشتغال الذي عنونه آنفاً بـ"هذا باب ما يكون فيه الاسم مبنيّاً على الفعل قدِّم أو أخِّر وما يكون فيه الفعل مبنيّاً على الاسم"، وحديثه عن الأمر والنهي في الباب الحالي ما هو إلا امتداد لهذا الباب الأصلي الرئيس فيجب علينا أن نأخذ في عين الاعتبار المسائل الأساسية التي تتناول هنالك حتى لا نحيد عن الخط الذي رسمه سيبويه لنفسه ألا وهي مسألة بناء الاسم على الفعل وبناء الفعل على الاسم وما يترتب على ذلك من أحكام.
يقول سيبويه في مستهلّ هذا الباب:
"فإذا بنيت الاسم عليه (أيْ على الفعل) قلتَ: ضربْتُ زيداً وهو الحدّ لأنك تريد أن تُعمله وتحمل عليه الاسم كما كان الحدّ ضرب زيدٌ عمراً حيث كان زيدٌ أول ما تشغل به الفعل، وكذلك هذا إذا كان يعمل فيه. وإن قدَّمت الاسم فهو عربيٌّ جيد كما كان ذلك عربيّاً جيداً، وذلك قولك زيداً ضربْتُ، والاهتمام والعناية هنا في التقديم والتأخير سواء، مثله في ضرب زيدٌ عمراً وضرب عمراً زيدٌ"
ثم يمضي قائلاً:
"فإذا بنيتَ على الاسم قلتَ: زيدٌ ضربتُهُ، فلزمته الهاء، وإنما تريد بقولك مبنيٌّ عليه الفعل أنه في موضع منطلق إذا قلت: عبد الله منطلق، فهو في موضع هذا الذي بُني على الأول وارتفع به ... ومثل ذلك قوله جل ثناؤه: "وأما ثمود فهديناهم " وإنما حسن أن يبنى الفعل على الاسم حيث كان معملاً في المضمر وشغلته به ولولا ذلك لم يحسن لأنك لم تشغله بشيء.
وإن شئت قلت: زيداً ضربته وإنما نصبه على إضمار فعل هذا يفسره كأنك قلت: ضربت زيداً ضربته إلا أنهم لا يظهرون هذا الفعل هنا للاستغناء بتفسيره. فالاسم ها هنا مبني على هذا المضمر. ومثل ترك إظهار الفعل ها هنا ترك الإظهار في الموضع الذي تقدم فيه الإضمار وستراه إن شاء الله. وقد قرأ بعضهم: " وأما ثمود فهديناهم ". وأنشدوا هذا البيت على وجهين: على النصب والرفع قال بشر بن أبي خازم: فأما تميم تميم بن مر فألفاهم القوم روبى نياما ومنه قول ذي الرمة: فالنصب عربيٌ كثيرٌ والرفع أجود لأنه إذا أراد الإعمال فأقرب إلى ذلك أن يقول: ضربت زيداً وزيداً ضربت ولا يعمل الفعل في مضمر ولا يتناول به هذا المتناول البعيد. وكل هذا من كلامهم.
ثم يقول سيبويه في أول الباب الذي نحن بصدده (باب الأمر والنهي):
والأمر والنهي يُختار فيهما النصب في الاسم الذي يُبنى عليه الفعلُ ويبنَى على الفعل، كما اختير ذلك في باب الاستفهام، لأن الأمر والنهي إنما هما للفعل، كما أن حروف الاستفهام بالفعل أولى، وكان الأصل فيها أن يبتدأ بالفعل قبل الاسم، فهكذا الأمر والنهي، لأنهما لا يقعان إلا بالفعل مظهراً أو مضمراً، وهما أقوى في الاستفهام في هذا.
ثم يضرب سيبويه أمثلة لبناء الاسم على الفعل في الأمر والنهي قائلاً:
وذلك قولك: زيداً اضربه وعمراً امرر به وخالداً اضرب أباه وزيداً اشتر له ثوباً. ومثل ذلك: أما زيداً فاقتله وأما عمراً فاشتر له ثوباً وأما خالداً فلا تشتم أباه وأما بكراً فلا تمرر به. ومنه: زيداً ليضربه عمرو وبشراً ليقتل أباه بكر لأنه أمر للغائب بمنزلة افعل للمخاطب.
... وأمثلة لبناء الفعل على الاسم في الأمر والنهي:
وذلك قولك: عبد الله اضربه ابتدأت عبد الله فرفعته بالابتداء ونبهت المخاطب له لتعرفه باسمه ثم بنيت الفعل عليه كما فعلت ذلك في الخبر. ومثل ذلك: أما زيد فاقتله.
فها هنا يتعرض سيبويه لنقطة مهمة وهي أنه إذا قلت "زيدٌ فاضربْه" لم يستقمْ أن تحمله على الابتداء لأن قولك "زيدٌ فمنطلقٌ" غير مستقيم، ويعدّ هذا دليلاً - على ما يقول سيبويه - على أنه لا يجوز أن يكون مبتدأً. ثم يمضي سيبويه في الكلام فيقول:
¥