ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[18 - 01 - 2010, 12:54 م]ـ
شيخنا الأغر د / بهاء والإخوة جلمود وبشر وعلي المعشي و بل الصدى وجميع المشاركين السلام عليكم ورحمة الله
فنهاك مسألة في كتاب سيبويه قال عن الباب التي فيه السيرافي:
(هذا باب فيه صعوبة، ونقل كلام النحويين من البصريين والكوفيين. وكذلك قال الزجاج: هذا باب لم يفهمه إلا الخليل وسيبويه)
وهذه المسألة هي مسألة مجيء المصدر حالابعد (أما) باطراد
يقول سيبويه رحمه الله:
يقول: (هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور، وذلك قولك أما سمنا فسمين، وأما عالما فعالم.
وزعم الخليل أنه بمنزلة قولك: أنت الرجل علما ودينا ... ، أي أنت الرجل في هذه الحال، وعمل فيه ما قبله وما بعده، ولم يحسن في هذا الوجه الألف واللام كما لم يحسن فيما كان حالا وكان في موضع فاعل حالا، وكذلك هذا، فانتصب المصدر لأنه حال مصير فيه، ومن ذلك: أما علما فلا علم له ...
وقد يرفع هذا في لغة تميم، والنصب في لغتها أحسن، لأنهم يتوهمون الحال، فإن أدخلت الألف واللام رفعوا، لأنه يمتنع أن يكون حالا ....
وقد ينصب أهل الحجاز في هذا الباب واللام لأنهم قد يتوهمون في هذا الباب غير الحال، وبنو تميم كأنهم لا يتوهمون غيره، فمن ثم لم ينصبوا في الألف واللام وتركوا القبح، فكأن الذي توهم أهل الحجاز الباب الذي ينتصب لأنه موقوع له، نحو قولك: فعلته مخافةَ ذلك، وذلك قولهم: أما النبل فنبيل، وأما العقل فهو الرجل الكامل، كأنه قال: هو الرجل الكامل العقل والرأي أي للعقل والرأي، وكأنه أجاب من قال لمه؟
وعلى هذا الباب فأجر ما جميع ما أجريته نكرة حالا إذا أدخلت فيه الألف واللام .... وأما بنو تميم فيرفعون لما ذكرت لك ....
ومما ينتصب من الصفات حالا كما انتصب المصدر الذي يوضع موضعه ولا يكون إلا حالا، قوله: ... وأما عالما فعالم. فهذا نصب لأنه جعله كائنا في حال علم ... )
ثم قال رحمه الله في الباب الذي يليه معنونا بـ (هذا باب ما يختار فيه الرفع ويكون فيه الوجه في جميع اللغات.
وزعم يونس أنه قول أبي عمرو، وذلك قولك: أما العبيدُ فذو عبيد، وأما العبدُ فذو عبد، وأما عبدان فذو عبدين.
وإنما اختير الرفع لأن ما ذكرت في هذا الباب أسماء، والأسماء لا تجري مجرى المصادر. ألا ترى أنك تقول: هو الرجل علما وفقها، ولا تقول: هو الرجل خيلا وإبلا.
فلما قبح ذلك جعلوا ما بعده خبرا له، كأنهم قالوا: أما العبيد فأنت فيهم أو أنت منهم ذو عبيد، أي لك من العبيد نصيب كأنك أردت أن تقول: أما من العبيد أو أما في العبيد فأنت ذو عبيد. إلا أنك أخرت في ومن وأضمرت فيها أسماءهم.
وأما قوله: أما العبدُ فأنت ذو عبد، فكأنه قال: أما في العبد فأنت ذو عبد، ولكنه أخّر في وأضمر فيه اسمه كما فعل ذلك في العبيد، فلما قبح عندهم أن يكون بمنزلة المصدر ولم يكن مما يجوز فيه عندهم ذلك حملوه على هذا فرارا من أن يدخلوا في المصدر ما ليس منه، كما فعلت تميم ذلك في العلم حين رفعوه.
كأنك قلت: أما العبيدُ فهم لك، وأما العبدُ فهو لك، لأنك المعنى تريد.
.... وزعم يونس أن قوما من العرب يقولون: أما العبيدَ فذو عبيد، وأما العبدَ فذو عبدٍ، يجرونه مجرى المصدر سواء. وهو قليل خبيث. وذلك أنهم شبهوه بالمصدر كما شبهوا الجماءَ الغفيرَ بالمصدر، وشبهوا خمستهم بالمصدر. كأن هؤلاء أجازوا: هو الرجل العبيدَ والدراهمَ، أي: للعبيد والدراهم، وهذا لا يتكلم به، وإنما وجهه وصوابه الرفع، وهو قول العرب وأبي عمرو ويونس، ولا أعلم الخليل خالفهما. وقد حملوه على المصدر، فقال النحويون: أما العلمَ والعبيدَ فذو علم وذو عبيد. وهذا قبيح، لأنك لو أفردته كان الرفع الصواب، فخبث إذ أجري غير المصدر كالمصدر، وشبهوه بما في الرداءة مثله، وهو قولهم: ويلٌ لهم وتبٌّ ... ) 1/ 384 - 389
فسيبويه تحدث عن المصدر نكرة كان أو معرفة، وذكر أن الحجازيين ينصبونه في كلا الأمرين، والتميميين ينصبونه نكرة فقط ولا يجيزون نصبه معرفة. وخرج نصبه نكرة على الحال باطراد كما قال ابن مالك وكما يفهم من كلامه – أعني سيبويه -.
¥