ويقول الشاطبي في المقاصد الجزء الخامس 223
(والعامل عند سيبويه في البدل والمبدل منه من غير تقدير عامل آخر، وحيث ظهر منه ذلك – يقصد سيبويه- فتفسير معنى لا تقدير إعراب)
ما تقول حفظك الله وسددك وبارك فيك؟؟
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[09 - 07 - 2010, 03:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أستاذي الشيخ الفاضل الدكتور بهاء حفظك الله
لقد زدت الفصيح إشراقا بهذه النافذة وغيرها وأسال الله أن تجد التقدير والعرفان على ما تقوم به وإلا لا قدر الله أخشى أن يحدث ما حدث للمتنبي لما قال:
لئن تركن ضميرا عن ميمننا ليحدثن لمن ودعتهم ندم؟؟!!!
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون هم
لدي سؤال في العامل في البدل عند سيبويه ما هو؟
فالشراح اختلفوا في العامل في البدل بناء على فهم كلام سيبويه رحمه الله
فقد ذكر سيبويه الجزء الأول صفحة خمسين ومائة ما نصه: (هذا باب من الفعل يستعمل في الاسم، ثم يبدل مكان ذلك الاسم اسم آخر، فيعمل فيه كما يعمل في الأول، وذلك قولك: رأيت قومك أكثرهم ... ))
حيث فهم منه الصفار أن العامل في البدل غير العامل في المبدل منه، فهو على نية تكرار العامل
يقول الصفار (فيعمل فيه) بمعنى أن العامل إنما هو من لفظه مكررا، فكأن الأول عامل، لأنه إنما يقدر ذلك من لفظه.
في حين فهم السيرافي والرماني والأعلم أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه لتعلقهما به من طريق واحد.
واستدل ابن مالك على أن مراد سيبويه هو أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه بنصين من الكتاب:
الأول: ما سبق ذكره
والثاني: قوله في باب الحال الجزء الأول 198 (وإن شئت رفعت فقلت: دخلوا الأول فالأول، جعلته بدلا، وحمله على الفعل، كأنه قال: دخل الأول فالأول)
وأضاف بعض الباحثين نصين آخريين في باب الاستثناء:
1 - يقول سيبويه (وعلى هذا ما رأيت أحدا إلا زيدا، فينصب زيدا على غير رأيت لأنك لم تجعل الآخر بدلا من الأول)
الجزء الثاني 319
2 - ويقول أيضا (فالمبدل إنما يجيء أبدا كأنه لم يذكر قبله شيء لأنك تخلي له الفعل، وتجعله مكان الأول، فإذا قلت: ما أتاني القوم إلا أبوك، فكأنك قلت: ما أتاني إلا أبوك)
فأبو حيان يقول بأن ظاهر قول سيبويه في بعض كلامه يدل على أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه إلا أنه في تفسيره يقول: وهو قول نسب إلى سيبويه – العامل في البدل هو العامل في المبدل منه – والمشهور خلافه.
ويقول الشاطبي في المقاصد الجزء الخامس 223
(والعامل عند سيبويه في البدل والمبدل منه من غير تقدير عامل آخر، وحيث ظهر منه ذلك – يقصد سيبويه- فتفسير معنى لا تقدير إعراب)
ما تقول حفظك الله وسددك وبارك فيك؟؟
أشكرك أخي الفاضل أحمد الشكر الجم على هذا التقدير وحسن الظن الذي أدعو الله أن يجعلني عنده ..
أخي الكريم أضف إلى ماذكرتَ وإن كنتُ دون من ذكرت كلهم:
قال العبد الفقير إلى عفو ربه وكرمه وفضله، المتوكل عليه في يسره وعسره بهاء الدين عبد الرحمن:
للبدل عند سيبويه معنيان:
معنى التوكيد، ومعنى البيان.
فأما معنى التوكيد فبيانه أنك تذكر البدل مرتين، كقولك: رأيت قومك أكثرهم، وأنت تريد: رأيت أكثر قومك، فالبدل (أكثرهم) هنا كأنه ذكر مرتين: مرة عندما قلت: رأيت قومك، لأن هذا يشمل أكثرهم، ثم صرحت بذكر أكثرهم، فكأنك ذكرت البدل مرتين توكيدا، فالمعنى هنا: رأيت أكثر قومك أكثرهم. وهذا تفسير قول سيبويه في الباب الذي أشرتَ إليه: هذا باب من الفعل يُستعمَل في الاسم ثم يبدل مكان ذلك الاسم اسم آخر فيعمل فيه كما عمل في الأول وذلك قولك: رأيت القوم أكثرهم ... على أنه أراد: رأيت أكثر قومك .. . ولكنه ثنى الاسم توكيدا.
وفي هذه الحالة فالعامل في البدل هو العامل في المبدل منه.
وأما معنى البيان فوضحه سيبويه، بقوله في نفس الباب:
ويكون على الوجه الآخر الذي أذكره لك، وهو أن يتكلم فيقول: رأيت قومك، ثم يبدو له أن يبين ما الذي رأى منهم، فيقول: ثلثيهم أو ناسا منهم.
يعني أن البدل هنا على نية كلام جديد، فيكون عندنا جملتان، جملة رأيت قومك، وجملة رأيت أكثرهم، فيكون العامل في البدل فعلا مكررا، وهو غير الفعل الأول، والغاية هنا البيان لا التوكيد.
وأكد معنى البدلية هذا في مكان آخر فقال:
واعلم أن هذا المضمر [في نحو: رأيت زيدا إياه] يجوز أن يكون بدلا من المظهر، وليس بمنزلته في أن يكون وصفا له، لأن الوصف تابع للاسم مثل قولك: رأيت عبد الله أبا زيد، فأما البدل فمنفرد، كأنك قلت: زيدا رأيت، أو رأيت زيدا، ثم قلت إياه رأيت. (2/ 386
أما البدل في باب الاستثناء فمن نوع خاص، حيث يحل إلا وما بعدها محل المبدل منه، فالعامل في البدل والمبدل منهما واحد، وهذا النوع من البدل وحده هو الذي يكون على نية طرح المبدل منه.
أرجو أن يكون فيما قدمت حل للإشكال .. وهو بفضل الله مما لم أجد أحدا نبّه إليه، فانسبه إليّ، وإن وجدت هذا عند أحد فأخبرني، لأذكر فضل سبقه.
مع التحية الطيبة.
¥