الثانية: أن يكون العامل فيه فعل كون مطلق مع واو المعية، نحو: ما أنا والسير في متلف، وكيف أنت وقصعة من ثريد؟ أي: ما كنت والسير، وكيف تكون وقصعة من ثريد؟
الثالثة أن يكون العامل فعلا مضمرا، نحو: ما لك وزيدا، وما شأنك وزيدا، وهنا الإشكال حيث لم يبين سيبويه الفعل المضمر هل هو (كان) أم هو المصدر الذي صرح به في نحو: ما شأنك وزيدا، حيث قدر نصب زيد بمصدر محذوف تقديره تناولك، أو ملابستك؟
، قال سيبويه:
فإذا أضمرت فكأنك قلت: ما شأنك وملابسة زيدا، أو: وملابستك زيدا، فكان أن يكون زيد على فعل وتكون الملابسة على الشأن، لأن الشأن معه ملابسة له أحسن من أن يجروا المظهر على المضمر.
فكلامه هذا يحتمل وجهين:
الأول أنه يميز بين (ما لك وزيدا) وبين (ما شأنك وزيدا) فقوله: (فكان أن يكون زيد على فعل) خاص بـ (ما لك وزيدا) فهنا زيد منصوب بفعل كون مطلق بعد ما، أي: ما كان لك وزيدا، بدليل أنه قال فيمن قال: ما لزيد وخالدا، أن التقدير: ما كان لزيد وخالدا.
وقوله: وتكون الملابسة على الشأن، خاص بـ (ما شأنك وزيدا) أي: ما شأنك وملابستك زيدا، فزيد في هذه الحالة منصوب بمصدر محذوف دل عليه كلمة الشأن لأن الشأن نوع من الملابسة، وفي هذه الحالة يكون المفعول معه هو هذا المصدر المحذوف الذي يجوز فيه الرفع بالعطف على الشأن ويجوز فيه النصب على أنه مفعول معه بفعل كون محذوف بوساطة واو المعية، فزيد في هذه الحالة مفعول به لا مفعول معه.
والوجه الثاني أن يكون سيبويه قد سوى بين (ما لك وزيدا؟) وبين (ما شأنك وزيدا) على أن معنى (ما لك وزيدا): هو: (ما شأن لك وزيدا)، ويكون زيد منصوبا بفعل هو الملابسة، فيكون أراد بالفعل هنا المصدر لأن سيبويه يسمي المصدر فعلا وحدثا وحدثانا، فيكون التقدير في: ما لك وزيدا هو: ما لك وملابستك زيدا، فتكون الملابسة هنا مفعولا معه منصوبا بفعل كون مقدر، أي: ما كان لك وملابستك زيدا؟ ويكون التقدير في (ما شأنك وزيدا) هو: ما شأنك وملا بستك زيدا؟ فتكون الملابسة معطوفة على الشأن أو مفعولا معها بفعل كون مقدر، أي في هذه الحالة يجوز في الملابسة الرفع والنصب.
فعلى الوجه الأول من التفسير يكون (زيد) في (ما لك وزيدا) مفعولا معه، وفي (ما شأنك وزيدا) مفعول به لمصدر محذوف.
وفي الوجه الثاني من التفسير يكون زيد مفعولا به لمصدر محذوف في المثالين: ما لك وزيدا، وما شأنك وزيدا؟
والله أعلم.
مع التحية الطيبة.
ـ[سديم الديم]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 02:08 ص]ـ
رفع الله قدركم بين الأنام، ورزقكم حسن الختام.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[20 - 08 - 2010, 03:21 ص]ـ
السلام عليكم وشهر مبارك وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال آميين
شيخنا الفاضل
لا يخفى عليكم تباين أقوال العلماء في مسألة عطف الخبر على الإنشاء وعكسه، فكان منهم المانع والمجيِّز، فمنعه البيانيون ووافقهم على ذلك من النحويين، ابن عصفور، وابن مالك، وابن هشام الأنصاري.
وجوَّزه ابن الصفَّار وجماعة كأبي حيان والسمين مستدلين على ذلك بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ - وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (2) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ - تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (3)
ومن الشعر قول امرئ القيس
وإنَّ شِفائي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ ... وهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
وقول حسان:
تُناغي غزالاً عند باب ابن عَامِر ... وكَحِّلْ أماقيكَ الحِسَانَ بإثْمِدِ
وقال أبو حيان عند إعرابه قوله تعالى: {وبَشِّر}: (( ... . فالأصحّ أنْ تكون جملة معطوفة على ما قبلها وإنْ لم تتفق معاني الجمل كما ذهب إليه سيبويه وهو الصحيح)) (5) واستدل بقول امرئ القيس وحسان بن ثابت السابقين، ونقلَ السمين الحلبيّ (756هـ) رأي أبي حيان وأجازه أيضاً (6).
ولعل السبب في هذ الخلاف اختلِافهم في النقل عن سيبويه وذلك أنه منع وصف مَوصوفَين في جُملتين إحداهما خبريَّة والأخرى إنشائية (3)،
قال سيبويه: ((واعلم أنه لا يجوز (مَنْ عبدُ الله وهذا زيد الرجلين الصالحين)، رفعتَ أو نصبتَ لأنَّك لا تُثني إلاَّ على من أثبتّه وعلمته، ولا يجوز أنْ تَخلط مَنْ تَعلم ومَنْ لا تَعلم فتجعلهما بمنزلةٍ واحدة، وإنما الصفة عَلَمٌ فيمن قد علمته)) (4).ذكره سيبويه - (2/ 60) في باب (هذا باب ما ينصب فيه الاسم لأنه لا سبيل له إلى أن يكون صفة)
فما القول الأقرب إلى الصواب في هذه المسألة وفي النقل عن إمام النحاة رحم الله الجميع؟؟
¥