ـ[أبو بشر]ــــــــ[19 - 04 - 2007, 02:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرى أن هناك وجها آخر متفرعاً عن الوجه الأخير، ولعل هذا تفسير لهذا الوجه لا وجه مستقل، وهو أن لا فاعلَ من غير حدث، فما من حدث إلا وأن يكون له فاعل يقوم به، ف"كان" الناقصة المجردة عن الحدث لا يمكن أن يكون لها فاعل إذ الفاعل يستلزم حدثاً ولا حدث في "كان" وأخواتها، فإذا فسرنا التمامية بأنها الاكتفاء بالمرفوع لكونه فاعلاً، فـ"كان" غير تامّة.
هذا، وإذا كانت الجملة لا تخلو من مسند إليه (ذات) ومسند (حدث)، و"كان" ليست هذا ولا ذاك، وجب عدم اكتفائها بمرفوعها إذ لا يمكن تكوّن الجملة من مسند إليه فحسب ولكن يجب تكونها من الركنين معاً، إذ بهما تتم الفائدة لا بأحدهما فقط، ولا أدري هل إبطال ابن الناظم لهذا الوجه من هذا الاعتبار أم لا.
هذا، وقد قرأت قديماً أن تجرد الفعل الناقص من الحدث هو أحد أسباب تسميته بـ"الناقص" لا وجه لعدم اكتفاء الفعل بمرفوعه، كما أن من أسباب هذه التسمية عدم الاكتفاء بالمرفوع، ما رأيك في ذلك؟ وهل ينتقد ابن الناظم "التجرد من الحدث" على أنه مسوق كوجه أم على أنه مسوق كسبب؟
ـ[عاملة]ــــــــ[20 - 04 - 2007, 02:21 م]ـ
ملخّص الانتقاد الذي وجّهه ابن النّاظم إلى الوجْه الذي اعتبره بعْض النّحاة علامةً على النّقْصان والتماميّة، أعني: الوجْه القائل بأنّ الفعْل النّاقص هو الفعْل الذي يتجرَّد عن الحدث لتنحصر دلالته على الزّمان، وأمّا الفعْل التامّ فهو الفعْل الذي تبْقى له الدّلالتان معاً: الدّلالة على الحدث والدّلالة على الزّمان ..
ولنبدأ بتوضيح هذا الوجْه شيئاً ما قبْل الانتقال إلى ردّ العلاّمة ابن النّاظم عليْه، فنقول:
قال النّحاة منذ القِدَم: إنّ المصْدر له دلالةٌ على أمْرٍ واحدٍ فقط، وهو (الحدث)، فإذا قُلْتَ (ضرْبٌ)، لمْ يُفْهَمْ منه مباشرةً إلاّ شيءٌ واحدٌ، وهو: عمليّة الضّرْب، أي: هذا الحدث المعيَّن .. ولا يُسْتَفاد منه زمان وقوع هذا الحدث ولا مكانه ولا أيّ شيءٍ آخر .. فللمصْدر مدْلولٌ واحدٌ، هو (الحدث).
وأمّا الفعْل، فهو يمتاز عن المصْدر باشتمال مدْلوله على عُنْصريْن اثنين:
1) الحدث. وهو نفْس مدلول المصْدر الوحيد.
2) والزّمان، وهو الحين الذي وقع فيه هذا الحدث.
فإذا قُلْتَ: (ضَرَبَ)، فُهِمَ منْه أنّ عمليّة الضّرْب قد صدرتْ ووقعتْ في الخارج في زمانٍ قد مضى وانصرم، وإذا قُلْتَ: (يَضْرب)، فُهِمَ منه أنّ هذه العمليّة نفْسها ستصْدر وستقع في الخارج في أحد الزّمانيْن (الحال، والاستقبال)، وإذا قُلْتَ: (اضْرِبْ)، فُهِمَ منْه أنّ هذه العمليّة مطْلوبٌ حصولها ووقوعها في الخارج في مُسْتَقْبَل الأزمان ...
وإلى هذا أشار ابن مالكٍ في الخلاصة بقوْله:
المصْدر اسْم ما سوى الزّمان من
مدلولَي الفعْل كأمْنٍ من أَمِن
وعندما نأتي إلى باب (كان) وأخواتها، نجد أنّ النّحاة يتّفقون على وجود فرْقٍ بين هذه الأفعال وبين غيرها من الأفعال العاديّة، كما أنّهم يتّفقون على أنّ هذا الفرْق هو عبارةٌ عن: أنّ (كان وأخواتها) تُسَمّى (أفعالاً ناقصة)، بينما سائر الأفعال تُسَمّى (أفعالاً تامّةً). هذا كلّه متَّفقٌ عليْه بينهم.
إلاّ أنّ الأمر الذي اختلفوا فيه: هو سبب تسْمية المجموعة الأُولى بالنّاقصة، وسبب تسْمية المجموعة الثانية بالتامّة، أو بعبارةٍ ثانية: اختلفوا في معنى (التماميّة) ومعنى (النّقْصان) ..
ـ[عاملة]ــــــــ[20 - 04 - 2007, 02:23 م]ـ
وهنا يأْتي أصحاب الوجْه المذكور، ليقولوا لنا:
إنّ الأفعال العاديّة تامّةٌ، لأنّها أفعال، فالمفروض فيها أنْ يكون لها وظيفة الأفعال وهو الدّلالة على عُنْصريْن، هما: الحدث والزّمان، وقد قامتْ هذه الأفعال بوظيفتها الأصليّة على أكمل وجْهٍ، فدلّتْ على العُنْصريْن كليْهما معاً .. وأمّا (كان وأخواتها)، فلا يُمْكننا أنْ نَعْتبرها تامّةً، بل هي ناقصةٌ، لأنّها لمْ تؤدِّ الوظيفة المنوطة بها كفعْلٍ من الأفعال، إذْ إنّها حُرِمَتْ من أحد العُنْصريْن، وهو الحدث، وبقي لها عُنْصرٌ واحدٌ لتدلّ عليْه، وهو الزّمان ..
قالوا: لأنّنا إذا قُلْنا: (كان زيْدٌ قائمٌ)، فإنّ هذه في الأصْل جُمْلةٌ اسْميّةٌ ابتدائيّةٌ، وهي: (زيْدٌ قائمٌ) ثمّ دخلتْ عليْها (كان) فعملتْ فيها رفْعاً تارةً ونصْباً أُخْرى ..
¥