تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتَوكِيدُها بالَّلامِ الزَّا ئِدَةِ نحو قولِ الشَّاعر وهو نَهارُ بنُ تَوسِعَة اليَشكُرِي فيما جَعَله خبراً:

أَبِي الإِ سلامُ لا أبَ لي سِواه * إذا افتَخَروا بقَيسٍ أو تَمِيمِ

وعِلَّةُ البِنَاءِ تَضَمُّنُ مَعنى "مِن" الاستِغرَاقِية، بِدَليلِ ظُهُورِها في قوله:

فَقَامَ يَذُودُ النَّا سَ عَنهَا بسَيفِهِ * وقالَ ألا لا مِن سَبيلٍ إلى هِندِ

وليسَ من المَنصُوب بلا النا فِيَة للجِنس قولُك: لا مَرحَباً، ولا أهلاً ولا كَرَامَةً، ولا سُقياً، ولارُعياً، ولا هَنِيئاً ولا مَرِيئاً،. فهذه كلُها منصُوبةٌ ولكن ليس بلا، ولكن بفعل محذوف.

ومثلها: لا سَلاَمٌ عليك.

وأمَّا القِسمُ الثّاني وهو المُعَرب المَنصُوب فهو أن يكون اسم "لا" مضافاً أو شَبِيهاً بالمُضَاف (الشبيه بالمُضافِ: هو ما اتَّصل به شَيء من تَمَام مَعنَاه، وهذا يصدقُ على المُشتَقات مع مَعمولاَتِها في الرفع والنصب والجر كقولك: "محمودفعلُه" "طالِعٌ جَبَلا" "خبير بما تعملون" وأما قولهم "لا أبالك" فاللام زائدة لتأكيد معنى الإِضافة (=لا أبالك)). فالمُضَاف نحو: "لا نَاصرَ حقٍ مَخذوِلٌ " والشَّبِيه بالمضاف نحو "لاَ كَرِيماً أصلُهُ سَفِيهٌ " "لا حَا فِظاً عهدَهُ مَنسِيٌّ" "لا وَا ثِقَ باللَّهِ مَخذُوُلٌ " فـ "لا" في الجميع نافية للجنس، ومَا بَعدَها اسمُهَا وهو مَنصوبٌ بها، والمُتَأخّرُ خَبَرها.

ويقولُ سيبويه: واعلَم أنَّ "لا" ومَا عَمِلتْ فيه في مَوْضِعِ ابتِداءٍ كما أَنَّك إذا قُلتَ: هَل مَن رَجُلٍ، فالكلامُ بِمَنزِلةِ اسمٍ مَرفُوع مُبتدَأ.

-3 - تكرار"لا":

إذا تَكَرَّرَت "لا" بـ دُونِ فَصل نحو "لاَ حَولَ ولا قوَّةَ إلاَّ باللّه" فلَكَ في مثلِ هذا التركيب خَمسةُ أوجُه:

(أحَدُها) فَتحُ ما بَعدَهما، (ووجهُهُ أن تَجعلَ "لا" فيهما عَا مِلة كما لو انفَرَدَت، ويقدر بَعد - هما خَبرٌ لَهُما مَعَاً، أي لاَ حولَ ولا قوة لنا ويجوز أن يقدر لكل منهما خبر)، وهو الأصل نحو: {لاَبَيعَ فِيهِ وَلاَ خُلَّةَ} (الآية "254"من سورة البقرة "2") بفتحهما بقراءة ابن كثير وأبي عمرو.

(الثاني) رفعُ ما بَعدَهما، (ووجهه أن تجعل "لا" الأولى مُلغَاةً لِتكَرُّرِها، وَما بَعدها مَرفُوع بالابتِداء، أوعَلَى إعمال "لا" عَمَل ليس، وعلى الوجهين فـ "لنا" خبرٌ عن الاسمين، إن قَدَّرت "لا" الثانيه تكراراً للأولَى، وما بَعدها مَعطُوف، فإن قَدَّرتَ الأولى مُهملةً والثَّانِيةَ عَامِلَةً عَمَلَ ليس أو بالعَكس فَـ "لنا" خَبر عن إحدَاهما وخبر الأخرى محذوف)، كالآية المتقدّمة في قَراءَة البَاقِين {لاَ بَيعٌ فيهِ وَلاَ خُلَّةٌ)} وقول عُبيد الراعي:

وَمَا هَجَرتُكِ حَتَّى قُلتِ معلِنَةً * لا نَا قَةٌ لي في هذَا ولاَ جَمَلُ

(برفعِ ناقَةٌ وجَمَل، والمَعنى: ما تَرَكتُك حتَّى تَبَرأتِ مِنِّي، وقوله "لا ناقة لي ولاجمل" مثل ضَربَه لِبَراءَتها منه).

(الثالث) فتحُ الأوَّل ورفعُ الثّاني (ووجهه أنَّ "لا" الأولى عاملة عمل "إن" و "لا" الثانية زائدة وما بعدها مَعطوفٌ على محل "لا" الأولى مع اسمها، ويجوزُ عند سيبويه أن يقدَّر لهما خبٌر واحِدٌ، وعند غيره لا بُدَّ لكلِّ واحِدٍ من خَبَر) كقول هُنَيِّ بن أحمر الكناني:

هذا لَعَمرُكُمُ الصَّغارُ بعَينِه * لا أُمَّ لي إنْ كانَ ذَاكَ ولا أ بُ

وقول جرير يَهجُو نُمَيرُ بنُ عَا مِرٍ:

بأي بَلاَءٍ يا نُمَيرُ بنُ عَامِرٍ * وأَنتُم ذُنَابَى لا يَدين ولا صَدْرُ

("بأي" متعلق بمحذوف تقديره: بأي بَلاء تفتخرون وأراد "بالذُّنابى" الأَتباع، والمعنى لستُم برءوسٍ بل أتباعٍ، لا يَدَين لكم ولا صَدرُ).

(الرابع) رفُع الأوّل وفتح الثاني (ووجهه أن "لا" الأولى مُلغاةٌ، أوعملها عمل ليس، و "لا" الثانية عاملة عمل "إن" وتقدير الخبر في هذا الوجه كالذي قبله سواء على المذهبين) كقَولِ أُمَيَّة بنِ أبي الصَّلت:

فلا لَغوٌ ولا تَأثيمَ فيها * وما فَاهُوا به أَبَداً مُقيمُ

(اللغو: الباطل، "التأثيم" من أثَّمتُه: إذا قلتُ له أَثِمت، والمعنى: ليس في الجنة قولٌ باطل ولا تَأثِيم أحدٍلأحدٍ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير