[قاعدة نفيسة للشاطبي من المقاصد الشافية عن القياس في النحو]
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 07:37 ص]ـ
قال الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله (790) في مقاصده الشافية (4/ 180 - 181):
((غير أن هاهنا قاعدة يجب التنبيه عليها في الكلام على هذا النظم، وما ارتكب صاحبه فيه وفي غيره، وذلك أن المعتمد في القياس عند واضعيه الأولين إنما هو اتباع صلب كلام العرب وما هو الأكثر فيه؛ فنظروا إلى ما كثر مثلا كثرة مسترسلة الاستعمال فضبطوه ضبطا ينقاس ويتكلم بمثله لأنه من صريح كلامهم، وما وجدوه من ذلك لم يكثر كثرة توازي تلك الكثرة ولم يشع في الاستعمال نظروا: هل له من معارض في قياس كلامهم أم لا؟ فما لم يكن له معارض أجروا فيه القياس أيضا، لأنهم علموا أن العرب لو استعملت مثله لكان على هذا القياس، كما قالوا في النسب إلى فعولة: فَعَليّ، ولم يذكروا منه في السماع إلا شنئيا في شنوءة، فقاسوا عليه أمثاله لعدم المعارض له، فصار بمثابة الكلي الذي لم يوجد من جزئياته إلا واحد كشمس وقمر، وكذلك إذا تكافأ السماعان في الكثرة بحيث يصح القياس على كل واحد منهما وإن كانا متعارضين في الظاهر لأن ذلك راجع إلى جواز الوجهين كلغة الحجازيين وبني تميم في إعمال (ما) وإهمالها، والتقديم والتأخير في المبتدأ مع الخبر، والفاعل مع المفعول، وغير ذلك، فليس في الحقيقة بتعارض، لا سيما إن كانا في لغتين مفترقتين، فإن اللغات المفترقة ألسنة متباينة، وقياسات مستقلة، فلا تعارض فيها البتة، وإن قلَّت إحداهما بالإضافة إلى الأخرى، إلا أن تضعف جدا فلها حكمها، وأما الوجهان في اللغة الواحدة فحكمهما ما ذكر، وما كان له معارض توقفوا في القياس عليه، ووقفوه على محله، إذا كان المعارض له مقيسا، وذلك كدخول (أن) في خبر (كاد) تشبيها بعسى، لو أعملنا نحن القياس في إدخالها لانحرفت لنا قاعدة عدم إدخالها، مع أنه الشائع في السماع. وهذا كله مبين في الأصول)).
تعليقات:
أولا: قوله (مبين في الأصول) كرره مرارا في هذا الكتاب، وقد كنت أظنه يعني أصول الفقه، غير أنه ترجح لي أنه يعني كتابا من تصنيفه في أصول النحو، فواحسرتاه على فِقدان مثل هذا الكتاب.
ثانيا: هذا الأصل الذي بينه الشاطبي غاب عن كثير من المعاصرين، وخاصة الذين يزعمون تجديد النحو، وكذلك غاب عن كثير من قرارات المجامع اللغوية، وغاب عن كثير من المصنفين في الأخطاء الشائعة، ولو عرف هذا الأصل واتضح لهم لأزال عنهم كثيرا من الإشكالات التي يوردونها عمدا أو سهوا.
ثالثا: بفهم هذا الأصل الذي ذكره الشاطبي والتأمل فيه يعرف خطأ من يطعنون على النحويين بأنهم يتقولون على العرب وغير ذلك من الترهات؛ مع أن غاية ما عند هؤلاء جهلهم بمقاصد النحويين.
ـ[المهندس]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 09:00 ص]ـ
أستاذنا أبا مالك العوضي
جزاك الله خيرا
ولي كلمتان:
الأولى: أحب أن أسألك بالمناسبة عن الإتباع على الجوار، هل هو أصل أو شذوذ؟، هل هو فصاحة أو غلط؟
هل من ينكرون وروده في القرآن في مثل "إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ" هود 26
ويتأولونها "عذاب يوم أليم عذابه"، هل قولهم راجح؟ أم قول مثل الفراء أرجح؟
الثانية: أن علامة الضبط الوحيدة في كلامك هي كسرة تحت الفاء من "فقدان"، وكنت أقرؤها قبل بالضم،
فعلمت أنك تنبه على خطأ شائع، وقد وجدت عديدا من الكتب يذكرها بالكسر،
ومنها المحيط في اللغة، وجمهرة اللغة، والصحاح في اللغة، والقاموس المحيط، والمخصص،
وإن كنت وجدتها أيضا بالضم في كتب أخرى، فلا أدري إن كان الضم من أخطاء المحققين أو إن فيها لغتين.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 09:11 ص]ـ
وفقك الله وسدد خطاك
أولا: أنت قوي الملاحظة يا أخي الكريم؛ ويبدو أنك مهندس كاسمك (ابتسامة).
ثانيا: مراعاة الجوار والإتباع في كلام العرب أكثر من أن يحصى، ومما يدل على أنه أصل أصيل في كلامهم أنهم يتركون القواعد المعروفة بسببه، ويدعون الأصول المألوفة تقديما له، ولعلي أفرد شواهده بمبحث خاص، وإنما قلتُ ذلك لأن بعض الإخوة الأفاضل يطعن في كلام أهل العلم عندما يفسرون بعض النصوص الواردة عن العرب على أنها من باب الإتباع أو الجوار أو المشاكلة أو ما شابه ذلك، زعما أن هذه المشاكلة تفسد اللغة، وقد حكى بعض العلماء إجماع النحويين على هذه المراعاة.
ثالثا: أما (فقدان) فقد أفردتها ببحث خاص ولكن ينقصه بعض المراجع المخطوطة للتثبت، ويكفيك أن تعرف أن (فقدان) بالكسر متفق عليه، بخلاف الضم.
ولعلي أوافيكم ببحثي عن (فقدان) بعد إتمامه إن تيسر بعون الله تعالى.
ـ[راكان العنزي]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 12:37 م]ـ
بُلِيتُ وفُِقدانُ الحبيبِ بَلِيَّةٌ
وكم مِن كريمٍ يُبْتَلى ثم يَصبرُ
مقاييس اللغة
ـ[أبو حازم]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 03:10 م]ـ
قاعدة نفيسة حقا بارك الله فيك
¥