وكرر هذه العبارة بعينها القرطبي عند حديثه عن هذه الآية [7].
وقال الزجاج [8]: ولو قيل: لا رجل عندك إلا زيداً جاز. ولا إله إلا اللّهَ جاز. ولكن الأجود ما في القرآن، وهو أجود أيضا في الكلام. قال اللّه عز وجل: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [9]. فإذا نصبت بعد إلا فإنما نصبت على الاستثناء.
(2) في الحديث النبوي:
وردت كلمة الشهادة (لا إله إلا اللّه) في مواضع كثيرة من الحديث، وجاءت كلها بالرفع، ومن ذلك:
أ- في صحيح البخاري، ومعه فتح الباري (1/ 103)، (129).
ب- في صحيح مسلم بشرح النووي (1/ 183)، (188)، (197)، (206).
جـ- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بعد الإِقامة إلا المكتوبة".
قال أبو البقاء العكبري [10]: الوجه هو الرفع على البدل من موضع لا، والنصب ضعيف، وقد بين ذلك في مسائل النحو، ومثل ذلك: لا إله إلا اللّه.
د- وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا شفاءَ إلا شفاؤك".
قال العكبري [11]: "شفاؤك"مرفوع بدلا من موضع "لا شفاء"ومثله لا إله إلا اللّه.
(3) في الشعر:
أ- قال الشنفري في لا ميّته:
نصبت له وجهي ولا كِنّ دُونَهُ ولا سترَ إلا الأتْحَمِيُّ المُرَعْبَلُ [12]
قال الزمخشري [13]: "كّن"مبنية مع لا لتضمنها معنى من المقدرة بعد لا. ودونه: في موضع رفع، أي لا كنّ استقر دونه، وهو خبر لا ... والأتحمي: بدل من موضع لا واسمها، لأن موضعهما رفع على أنه مبتدأ. وهو مثل قولنا (لا إله إلا اللّه)، كأنه قال: اللّه الإله.
وقال أبو البقاء [14]: الأتحمي: بدل من موضع لا واسمها. لأن موضعها رفع، ومثله قولنا (لا إله إلا اللّه).
ب- وقال الشاعرِ:
إلاّ الضَّوابِحَ والأصْداءَ والبُوما [15] مَهامِهاً وخروقاَ لا أَنيسَ بها
جـ- وقال آخر:
أمرتكمُ أمري بمُنعَرجِ اللّوي ولا أَمْرَ لِلْمَعصيِّ إلاّ مُضَيَّعاَ [16]
هذان البيتان استشهِد بهما الرضي [17] على أن النصب بعد إلا فيهما قليل، كما في قولك: لا أحد فيها إلا زيداَ.
واستشهد سيبويه بالبيت الثاني منهما على أن "مضيعا"نصب على الحال. قال سيبويه [18] كأنه قال: للمعصي أمرٌ مُضَيَّعاَ. كما جاء: فيها رجلٌ قائماً. وهذا قول الخليل رحمه اللّه. وقد يكون أيضاً على قوله: لا أحد فيها إلا زيداً.
قال ابن السيرافي [19]: يريد أن "مضيَّعا"قد ينتصب أيضا على غير وجه الحال، على أن يكون مستثنى من "أمر"في قوله "ولا أمر"، كما استثني زيد من رجل، في قوله: لا رجل فيها إلا زيدا. وكأنه قال: ولا أثر للمعصي إلا أمراً مُضيعا، فحذف المنعوت وقام النعت مقامه.
و وقوال الأعلم [20] (1): ونصف "مضيعا"على وجهين: أجودهما الحال، وحرف الاستثناء قد يدخل بسم الحال وصاحبها ... والوجه الآخر أنه نصب على الاستثناء بعد النفي، والوجه البدل من موضع لا، كما أن الرفع على البدل من موضع لا في (لا إله إلا اللَّهُ) أقوى من النصب بالاستثناء.
نسخة الرسالة الخطية
لهذه الرسالة نسخة خطية فريدة تقع في اثنتي عشرة صفحة، ضمن مجموع يضم 15 رسالة بمكتبة عارف حكمت برقم 88 مجاميع. وهي الرسالة التاسعة في المجموع، وتقع من ورقة 29 - 34. وقد كتبت بخط نسخي عادي، بخط العلامة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخلوتي. وفي الصفحة نحو 27 سطرا وفي السطر 10 كلمات تقريبا.
وقد ورد في آخر الرسالة الأولى ورقة 3: وعلقه لنفسه أفقر العباد، وأحوجهم إلى عفو ربه العلي محمد بن أحمد البهوتي الحنبلي، في يوم الجمعة المبارك ثاني عشر ذي القعدة من شهور سنة 1038 من الهجرة النبوية.
والنسخة كاملة واضحة، ولكنها لا تخلو من التحريف والاضطراب والغموض في بعض المواضيع.
وقد عملت على خدمة النصر وضبطه وتوثيق محا شيه، والتعليق عليه، ما أمكن، لتوضيح الجوانب الدقيقة لكل مسألة.
وباللّه التوفيق، والحمد للّه أولا وآخرا.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
قال الشيخ العلامة جمال الدين [عبد الله بن] [21] يوسف بن هشام الأنصاري، رحمه اللّه تعالى، ونفعنا بتحقيقاته:
أما بعد حمد اللّه، والصلاة على رسوله محمّد، صلى الله عليه وسلم، فهذه رسالة كتبتها في إعراب لا إله إلا الله [22] سألني في وضعها بعض الأصحاب، فأجبته مستمداً من الكريم الوهاب.
[جواز الرفع والنصب في الاسم الواقع بعد إلاّ]:
¥