تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللغة العليا الغالبة أن يكون (ضدّ) مرفوعا على أنه خبر المبتدأ (أنا)، و (ضدّ) على وزن (فِعْل) كـ (مِثْل) و (شِبْه) ولم أجد من نصّ على أنه مصدر، وهو من الأضداد يعني يأتي بمعنى المثل وبمعنى المخالف أو النقيض، فإذا كان يجري مجرى (مثل) فإنه لا يتعرف بالإضافة، فيجوز أن نقول: هذا رجلٌ ضدُّ الظلم، فنصف به النكرة وهو مضاف إلى المعرفة، وإذا كان نكرة جاز على لغة حكاها الأخفش أن تقع حالا مغنية عن الخبر، في قولك: أنا ضدّ الظلم، أي: أن أنا أقف أو أَثْبُتُ مضادا للظلم، فحذف الفعل وبقيت الحال دالة عليه، والفعل هو خبر المبتدأ، وإليك ما قاله ابن مالك في شرح التسهيل:

(ومن الاستغناء عن خبر المبتدأ بحال مغايرة لما تقدم ذكره ما روى الأخفش من قول بعض العرب: زيدٌ قائما، والأصل: ثبتَ قائما، وأسهل منه ما حكاه الأزهري من قول بعض العرب: حكمُك مسمطا، أي: حكمك لك مسمطا، فحكمك مبتدأ خبره لك، ومسمطا حال استغني بها وهي عارية من الشروط المعتبرة في نحو: ضربي زيدا قائما، وعلى مثل هذا يحمل في الأجود قول النابغة الجعدي رحمه الله تعالى:

بدت فعل ذي ودّ فلما تبعتُها**** تولت وأبقت حاجتي في فؤاديا

وحلّتْ سواد القلب لا أنا باغيا **** سواها ولا في حبها متراخيا

أي: لا [أنا] أُرَى باغيا، فحذف الفعل، وجعل (باغيا) دليلا عليه، وهو أولى من جعل (لا) رافعة لـ (أنا) اسما، ناصبة (باغيا) خبرا، فإن إعمال (لا) في معرفة غير جائز بإجماع.) انتهى كلام ابن مالك.

وظاهر كلام ابن مالك أنه يجيز القياس على هذا اللغة، فإن جاز القياس عليها

فالنصب في (ضدّ) على هذه اللغة القليلة جائز على الوجه الذي بينته، والله أعلم.

ورد حازم

إقتباس:

وما زلتُ أميل إلى رفع " ضدُّ "، في مثالك: " أنا ضدُّ الظُّلمِ "، على أنها خبر المبتدأ، ولا أرَى حاجة إلى التقدير، وبالإمكان تأويل الكلمة ليستقيم معنى الجملة.

فقد لَمحتُ أنك لا ترَى مذاقًا صحيحًا للجملة على وجه الرفع، فهي ليست نحو: " الخيرُ ضدُّ الشرِّ ".

فالجملة الأخيرة مقبولة المعنَى.

أقول: أحسنتَ – يا ذا الحسِّ المرهَف –

الفرق بينهما: أنَّ الجملة الثانية لا إشكال فيها.

أما الأولَى: فالمبتدأ " " ذات "، ولا يصلح أن يكون نقيضًا لمعنى.

ويصحُّ أن يقال: " أنا ضدُّ الظالمِ ".

غير أنني قد أشرتُ في ردِّي السابق، إلى اختلاف معاني كلمة " ضدّ " بين العلماء، ويمكن التصرُّف في معناها حسب السِّياق.

أما من جهة جواز مجيئها مصدرًا، فقد جاء في " التحرير والتنوير عند قوله تعالى: {ويَكونُونَ عَلَيهِمْ ضِدًّا}:

(والضدّ: اسم مصدر، وهو خلاف الشيء في الماهية أو المعاملة.

ومن الثاني تسمية العدو ضدًّا. ولكونه في معنى المصدر، لزم في حال الوصف به حالة واحدة، بحيث لا يطابق موصوفه) انتهى

وقال أبو حيَّان، في " بحره ":

(فـ" الضدّ " هنا مصدر وُصف به الجمع، كما يوصف به الواحد) انتهى

أستاذي الفاضل: ذكرتَ: أنك تميل إلى رواية النصب.

فهل صحَّت هذه الرواية؟

إن صحَّت هذه الرواية، فلا بدَّ من التقدير، لا مفرَّ من ذلك، لأنَّ العرب هم الذين يَحكمون على قواعد النُّحاة.

ورد الأغر

إقتباس:

جاء في الصحاح:

الضِّدُّ واحد الأضداد والضديد مثله، وقد يكون الضد جماعة، قال تعالى: ويكونون عليهم ضدا. وقد ضادّه وهما متضادان. ويقال: لا ضد له ولا ضديد له، أي: لا نظير له ولا كفء له.

والضَّدّ بالفتح الملء، عن أبي عمرو، يقال ضد القربة يضُدّها، أي ملأها.

وأضدّ الرجل غضب. انتهى.

فليس في كلام الجوهري ما يفهم منه أن الضد بالكسر مصدر، وإنما الضَّد بالفتح هو مصدر بمعنى الملء، أما الضد والضديد فهو مثل الشبه والشبيه والمثل والمثيل، والند والنديد، وهذه صفات مشبهة.

وقال الأزهري:

الضِّدّ: كل شيء ضاد شيئا ليغلبه والسواد ضد البياض والموت ضد الحياة، تقول: هذا ضده وضديده، والليل ضد النهار إذا جاء هذا ذهب ذاك، ويجمع على أضداد.

قال الله عز وجلّ: ويكونون عليهم ضدا، قال الفراء، أي يكونون عليهم عونا ... وعن عكرمة ... قال: أعداء ..... قال الأخفش في قوله تعالى: ويكونون عليهم ضدا) لأن الضد يكون واحدا وجماعة مثل الرصد والأرصاد، قال والرصد يكون للجماعة.

وقال أبو العباس: قال الفراء: معناه في التفسير: ويكونون عليهم عونا، فلذلك وحد.

الحراني عن ابن السكيت قال: حكى لنا أبو عمر: والضد مثل الشيء، والضد خلافه.

قال: والضد الملء يا هذا.

وقال أبو زيد: ضددت فلانا ضَدّا أي غلبته وخصمته، ويقال: لقي القولم أضدادهم وأندادهم وأيدادهم، أي: أقرانهم.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم، يقال: ضادني فلان إذا خالفك ... فهو ضدك وضديدك ...

وفلان نِدّي ونديدي، للذي يريد خلاف الوجه الذي تريده، وهو مستقل من ذلك بمثل ما تستقل به.

شمر عن الأخفش: الند: الضد والشبه، (وتجعلون له أندادا) أي: أضدادا، أي: أشباها.

وقال أبو تراب: سمعت زائدة يقول: صدّه وضده، أي صرفه عنه برفق. انتهى.

وهذا أيضا ليس فيه ما يدل على أن الضد بكسر الضاد يأتي مصدرا، وإنما الضَّدُّ بالفتح هو المصدر. وتفسير الفراء الضد بالعون بيان للمقصود من الآية، وليس بيانا للمعنى اللغوي للضد، فلا يمكن الاعتماد عليه وجعل الضد بالكسر مصدرا.

وفي اللسان مثل هذا لأنه ناقل عن الأزهري والجوهري، وكذلك في تاج العروس.

هذا ما جاء في أهم كتب اللغة التي عليها الاعتماد في أخذ اللغة. أما ما ذكره أبوحيان فلا أدري أهو اجتهاد أم نقل من كتب اللغة! فإن كان اجتهادا رُدّ عليه لأن اللغة لا تثبت بالاجتهاد، وإن كان نقلا من كتب اللغة قُبِل، فليُحَقق.

وهذا رابط الموضوع بالتفصيل

وأنا أميل إلى إعرابها في سؤالك خبرا للمبتدأ (أنا) إن كنت مخبرا أنك ضد زيد، أما إن أخبرت أنك مع محمد الذي تنعته بأنه ضد زيد، فضد نعت لمحمد، ونعت المجرور مجرور.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير