الثامن: الدليل المسمى بـ (الباقي): و هو بقاء الدليل على حكمه الأصلي في جانب معيَّن بعدما خولفت الجوانب الأخرى لعلة اقتضت ذلك.
بيان ذلك:
أن الإعراب لا يدخل منه شيء في الفعل، لأن الأصل البناء لعدم وجود علة تقتضي الإعراب.
و لكن هذا الحكم قد خولف في دخول الرفع و النصب في المضارع. لوجود العلة المقتضية للنصب و الرفع.
و هذا الحكم لم يُخالَف في الجر، و هذا هو الدليل الباقي من أن الأصل عدم دخول الإعراب على الفعل.
التعارض و الترجيح
إذا تعارض نقلان أخذ بأرجحهما:
و الترجيح إما أن يكون في:
(1) الإسناد: و ذلك بأن يكون رواة أحد النقلين أكثر من الآخر، أو أعلم و أحفظ.
(2) المتن: و ذلك بأن يكون أحد النقلين على وَفْق القياس، و الآخر على خلافه.
إذا تعارض ارتكاب شاذ و لغة ضعيفة فارتكاب اللغة الضعيفة أولى من الشاذ.
إذا تعارض قياسان أخذ بأرجحهما و هو ما وافق دليلاً آخر من: نقلٍ أو قياس.
و إذا تعارض القياس و السماع نُطِقَ بالمسموع على ما جاء عليه لأنه نص الأصل.
و إذا كان التعارض في قوة القياس و كثرة الاستعمال قُدِّم ما كثر استعماله.
و إذا تعارض أصل و غالب فالعمل بالأصل، و قد يعمل بالغالب على قلة.
و إذا تعارض قبيحان أُخذ بأقربهما، و أقلهما فحشاً.
و إذا تعارض قولان عن عالم أحدهما مرسل _ أي لم يقيَّد بدليل _، و الآخر معلل _ أي مقيَّد بدليل _ أخذ بالثاني لقيام حجته.
أحوال مستنبط هذا العلم
من شرطه:
(1) أن يكون عالماً بلغة العرب.
(2) أن يكون محيطاً بكلامها.
(3) أن يكون مطلعاً على نثرها و نظمها.
(4) أن يكون خبيراً بصحة نسبة ذلك إليهم.
(5) أن يكون عالماً بأحوال الرواية.
(6) أن يكون عالماً بإجماع النحاة.
و إذا أدى المجتهدَ القياسُ إلى شيء ثم سمع العرب نطقت بغيره على قياسٍ غيره فإنه يدع ما كان عليه.
و الحمد لله رب العالمين.
ـ[محبة اللغة العربية]ــــــــ[16 - 02 - 2005, 05:52 م]ـ
التعليل هو العملية التي تكشف السبب الموجب الداعي إلى التغيير في حركة الإعراب، مثل سؤالنا لم رفعنا محمد في في جاء محمد فهذا سؤال عن العلة أي السبب.
سأفصل الحديث في العلة فقد دار حولها جدل كبير، وقد اطلعت على بحث أعده الدكتور وليد السراقبي شرح فيه العلة ودافع عنها قمت باختصاره إليكم بعض ماجاء فيه
يراد بالعلة في المنطق ما ينتج المعلول عنها ضرورة، وبينهما تلازم وعدم تخلّف)، وما يتوقف عليه وجود الشيء وبكونه خارجاً مؤثراً فيه، كالنار بالنسبة إلى الإحراق. وهي تختلف عن السبب في شيء واحد وهو الضرورة، ذلك أن السبب ينتج عنه المسبَّب، لكن من غير ضرورة لازمة، ولكن العلَّة تنتجُ المعلولَ ضرورة.
فقد كانت العلة خِدْن النحو العربي ورفيقة دربه، وعموده الفقري، ورافقته بساطةً وسذاجة، ثم تعقيداً وخشونة مركبٍ، ثم موغلة في التعقيد، متأثرة ما شاء لها التأثير بعلم المنطق والكلام (. والمراد منها العمل على سلك الظواهر وانضوائها تحت جناح القواعد العلمية وأحكامها.
ويعدُّ عبد الله بن إسحق الحضرمي "ت 117 هـ" "أول من بعج النحو ومدَّ القياس والعلل) ". وأرجع ابن جني التعليل إلى أبي عمرو بن العلاء "ت 154 هـ"، فقد روى ما حكى الأصمعيُّ عن أبي عمرو رجلاً يمانياً يقول: "فلان لَغوب، جاءته كتابي فاحتقر" فقال له أبو عمرو: "أتقول جاءته كتابي؟ قال: نعم، أليس بصحيفة)؟)).
وعلق ابن جني على هذا بقوله: "أفتراك تريد من أبي عمرو وطبقته وقد نظروا وتدرَّبوا، وقاسموا أن يسمعوا أعرابياً جافياً غفلاً، يعلّل هذا الموضع بهذه العلة، ويحتج لتأنيث المذكر بما ذكره فلا يهتاجوا هم لمثله، ولا يسلكوا فيه طريقته، فيقولوا: فعلوا كذا لكذا، وصنعوا كذا لكذا، وقد شرع لهم العربي ذلك، ووقفهم على سَمْته وأَمِّه".
ولسنا هنا بقصد إثبات الأولية لابن إسحق أو لأبي عمرو، فليس ذلك من وكدنا، ذلك أنّ أولّية العلوم ليست أمراً يقينياً، فهي أعرق في الشك وأبعد غوراً.
.................................
وحسبنا أن نقول ما سبق أنْ قدمنا به من أن العلة والتعليل ساراً جنباً إلى جنب مع الأحكام النحوية، وأنّ النحاة قد يختلفون في تعليلاتهم إلا أنهم متفقون على الحكم ومجتمعون عليه.
¥