ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[18 - 04 - 2005, 09:04 م]ـ
جمالك أيها القلب الجريح ... ستلقى من تحب فتستريح
نهيتك عن طلابك أم عمرٍو ... بعاقبةٍ وأنت إذٍ صحيح
أخي حازم أيها الأستاذ النحوي والأديب اللوذعي
التمست منك ألا تأخذ الأمثلة التي أوردها للتقريب والتوضيح على أنها بديلة عن الأصول التي عليها مدار البحث، وقد أشرت إلى أن سيبويه يعمد إلى مثل هذا ويقول (هذا مثال لا يتكلم به) وإنما يأتي بها النحوي لبيان مراده وتوضيح مقصده في تحليله للنص الأصلي.
ولست مدافعا عن أمر مرجوح فقد وضح النهار لذي عينين، وبرح الخفاء واتضح المنهج وانقاد السبيل، فأنا أقول: إنه تنعقد من جملتي الشرط والجواب جملة واحدة بما يتضمن اسم الشرط من معنى (إن) وهذه الجملة في محل رفع خبر لاسم الشرط، وأنت تقول: جملة فعل الشرط وحدها الخبر وجملة الجواب متعلقة بجملة الشرط، لابد من ذكرها كجملة صلة الموصول، فهل رأيت جملة صلة لجملة؟؟!
ثم لنسلم أن جملة الجواب صلة لجملة الشرط أفلا يصيران شيئا واحداً في النهاية؟؟ أليس الاسم الموصول مع صلته كالكلمة الواحدة؟
ألم يقولوا إن الأسماء الموصولة وضعت لوصف المعارف بالجمل؟
فهي أدوات يتوصل بها لوصف المعرفة بمضمون جملة إسمية أو فعلية فإذا قلنا: جاءني حازم الذي يحقق المسائل، فالمراد وصف حازم بالتحقيق وإن كان الإعراب
واقعاً على (الذي) لأنه مع صلته بمثابة اسم واحد فكأننا قلنا: حازم المحقق، حتى إن بعض النحويين قالوا في إعراب مثل هذا: (الاسم الموصول مع صلته) في
محل رفع صفة لكي لا يشتبه الأمر على المتعلمين فيظنوا أن الصفة هي (الذي) وحده.
لكن الأمر الذي قد يعترض به على ما ذهبتُ إليه هو أن يقال: كيف يكون معنى الشرط المستفاد من اسم الشرط الواقع مبتدأ جزءاً من الخبر؟
والجواب عنه أن أسماء الشرط الصالحة للوقوع مبتدأ هكذا خلقت كما قال الكسائي عن (أي) هكذا خلقت.
فـ (مَنْ) الشرطية مثلا بمعنى (كل شخص إنْ)، فقولنا: من جد وجد، مثل قولنا: كل شخص إن جد وجد، فتدخل (إن) المقدرة ضمن الخبر، وجاز ذلك لأن (إن)
هذه ليست ملفوظة وإنما معناها يجعل الجملتين جملة واحدة، ويبقى الجزء الأول من مدلول (مَنْ) وهو (كل شخص) مستحقاً للابتداء به فهو المبتدأ وجملتا الشرط والجواب المنسبكتان جملة واحدة بوساطة معنى (إن) خبر هذا المبتدأ ..
ولست بدعا في هذا التقدير، يقول المرادي: إذا قلت: من يقم أقم معه، فقد دلت (من) على شخص عاقل بالوضع ودلت معه على ارتباط جملة الجواب بجملة الشرط
لتضمنها معنى (إن) الشرطية.
قلت ومثلها (من) الاستفهامية تقع مبتدأة وتجعل الجملة الخبرية إنشائية.
(غزلت لهم غزلاً دقيقا فلم أجد ** لغزلي نساجاً) فأغليت مغزلي
هذا مع تقديري لقلمك البديع وإجلالي لأدبك الرفيع
حفظك الله ونفع بك