ـ[حازم]ــــــــ[07 - 04 - 2005, 01:36 م]ـ
إذا بَلَغتْ رَكائِبُنا الأغَرَّ * فقدْ بَلَغتْ بِنا العِلْمَ الزُّلالا
فتىً لوْ مَدَّ نَحوَ الجَوِّ باعًا * وهَمَّ بأن يَنالَ الشُّهبَ نالا
الأستاذ الفاضل الجهبذ / " الأغرّ "
ما أروع اختيارك لهذا الموضوع.
ساطع كالشمس، يشرح النفس، وينشرُ في جَنَباتها البهجة والأنس
غالَبَني النومُ فغَلَبتُه، مِن أجلها.
وشْغلَتني الشواغلُ فشَغلْتُها، بِجَمالها
زادك الله علمًا ونورًا.
هَذا النَّهار بَدا لَها مِنْ هَمِّها * ما بالُها باللَّيلِ زالَ زَوالها
جاء في " العين ":
هذا النّهارَ بَدا لَها من هَمِّها * ما بالُها باللَّيلِ زالَ زَوالَها
ونصب " النَّهارَ " على الصفة.
اختلفوا فيما يعنيه، فقال بعضُهم: أراد به: أزالَ اللهُ زوالَها، دعاء عليها.
وقال بعضُهم: معناه: زال الخيالُ زوالَها، والعرب تلقي الألف، والمعنى: " أزال "، كما قال ذو الرمَّة:
وبَيْضاءَ لا تَنْحاشُ مِنَّا وأُمُّها * إذا ما الْتَقَيْنا زِيلَ مِنَّا زَوِيلُها
ولم يَقُلْ: أُزيل) انتهى
وقال أبو الحسن الأخفش، في " معاني القرآن ":
(والظرف هو ما يكون فيه الشيء، كما قال الشاعر:
هذا النهارَ بَدا لَها مِنْ هَمِّها * ما بالُها بِالليلِ زالَ زوالَها
نصب " النهارَ " على الظرف، وإن شاء رفعه وأضمر فيه.
وأما " زوالَها "، فإنه كأنه قال: أزالَ اللهُ الليلَ زوالَها) انتهى
وفصَّل المسألةَ، أبو علي الفارسيّ، في " كتاب الشِّعر ":
(قال محمد بن السَّرِيّ: رواها أبو عمرو الشيبانيُّ: " هذا النَّهارَ " بالنصب، وبالنصب أيضًا رواها أبو الحسن الأخفش.
وقال الأصمعيُّ: لا أدري ما هذا؟
وقال أبو عبيدة: قال أبو عمرو بن العلاء: " زالَ زَوالُها " بالرفع.
قال: صادف مَثَلا، وهي كلمة يُدعَى بها، فتَرَكَها على حالِها، ولم يَنظر إلى القافية.
وقال غيرُه: " زالَ زَوالَها "، وهي لغة.
قال: يقولون: زلتُ الشيءَ مِن مكانِه، فأراد: زالَ اللهُ زَوالَها.
وقال أبو عمرو الشيبانيُّ: " زالَ الهمُّ زوالَها "، دعا عليها أن يزولَ الهمُّ معها، حيثُ زالَتْ، انتهت الحكاية عن أبي بكر.
وحُكيَ أيضًا، عن محمد بن يزيد، في موضع آخر: يُقال: زِلتُ الشيءَ وأزَلتُه.
قال: فهذا، على هذا القول، دعا عليها، كأنه قال: زالَ زَوالَها، كما تقول: أزالَ اللهُ زَوالَها.
قال: هذا قول البصريين والكوفيين.
قال: وقال أبو عثمان: ارتَحَلَتْ بالنهار، وأتاه طَيفُها بالليل، فقال: ما بالُها بالليلِ زالَ خَيالُها زوالَها، كما تقول: أنتَ شُربَ الإبلِ، والمعنَى: تَشرَبُ شُربًا مِثلَ شُربِ الإبلِ، فَحَذَفْتَ لِعِلْم السَّامع.
وحَكَى غيرُ محمد بن السَّرِيّ: عن أحمدَ بن يحي، عن أبي عمرو بن العلاء: " زالَ زَوالُها " بالرفع، قال: صادف مَثَلا فأعملَه، وهي كلمة يُدعَى بها، فتَرَكَها، ولم يَنظر إلى القافية.
وعن أبي عبيدة: زالَ زوالَها، يريد: أزالَ زوالَها، فألقَى الألف، وإلقاؤها لغة.
قال: وقال الأصمعيُّ: لا أدري ما هذا؟
قال أحمدُ: وقال غيرُه: " زالَ ذلكَ الهمُّ زوالَها "، دعا عليها أن يزولَ الهمُّ معها، حيثُ زالَتْ، انتهت الحكاية عن أحمد بن يحي.
القول في ذلك: أنَّ هذا في قَول مَن نصب " النهارَ "، يجوز أن يكون إشارةً إلى أحد أربعة أشياء:
أحدها: أن يكون إشارة إلى الارتحال، كأنه لمَّا قال: رَحَلَتْ غُدوةً، قال: هذا الارتحالُ بدا لها النهارَ.
ويجوز أن يكون إشارة إلى " ما "، أو إلى ضميره، الذي في " بدا "، مِن قوله: " فما تقولُ بَدا لها ".
ويجوز أن يكون إشارة إلى " البَداء "، الذي دلَّ عليه " بَدا ".
وهو الظاهر في قول الآخر:
لَعلَّكَ والمَوعودُ حقٌّ لِقاؤهُ * بَدا لكَ في تِلكَ القَلوصِ بَداءُ
فأضمر المصدر الذي أظهره هذا الشاعر الآخر، لدلالة الفعل عليه، ومثل ذلك قوله عزَّ وجلَّ: {ثمَّ بَدا لَهم مِن بَعدِ ما رَأَوُا الآياتِ}
ويجوز أن يكون إشارة إلى " الهَمِّ "، كأنه: هذا الهمُّ بَدا لَها مِن هَمِّها "، أي: مِن هُمومِها، فيكون: " مِن هَمِّها " في موضع نصب على الحال.
والهمُّ لا يَخلو مِن أحد أمرين:
إمَّا أن يكون الهمّ، الذي هو العزم على الشيء، كقوله:
هَمَمْتُ ولمْ أفْعلْ وكِدتُ ولَيتَني
أو الهمّ، الذي بمعنى الغمِّ، كقوله:
¥