تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأمَّا مَن قال: " زالَ زَوالَها "، فنصب، فإنَّ فاعلَ " زالَ " المنتصب بعدها " زَوالَها "، لا يَخلو مِن أحد ثلاثة أشياء:

إمَّا أن يكونَ اسمَ الله عزَّ وجلَّ.

أو " الهمَّ " الذي في البيت، وهو قوله: " مِن هَمِّها ".

أو الخَيال، المراد بقوله: " ما بالُها بِاللَّيلِ ".

وموضع " بالليلِ " نصب على الحال، والمعنى: ما بالُها بالليلِ على خِلافِ رِحلتِها بالنهارِ، ومُفارقتِها لنا؟ "

فالقَول: أنَّ فاعلَ " زالَ " الخيالُ، قَولُ أبي عثمان، وهو قَوله في ما ذكرنا قبل: " زالَ خَيالُها زَوالَها كما تقول: كما تقول: " إنما أنتَ شُربَ الإبلِ يريد أنَّ المعنَى: " زالَ خَيالُها زَوالاً، مِثلَ زَوالِها كما أنَّ قولَك: " إنما أنتَ شُربَ الإبلِ تقديره: أنتَ تَشرَبُ شُربًا مِثلَ شُربِ الإبلِ.

و" زالَ " على هذا القول: التي عَينها واوٌ.

وأمَّا كَون فاعل " زالَ ": الهَمَّ، فهو قَول أبي عمرو الشيبانيّ، وذلك أنه قال، في ما حُكِيَ عنه: " زالَ الهمُّ زوالَها "، دعا عليها أن يزولَ الهمُّ معها، حيثُ زالَتْ.

ويَنبغي أن يكون جعل الهمَّ الذي هو الغمُّ، وليس بالعزم، لأنه إن جعله العزمَ، لم يكن دعاءً عليها، بل هو إلى الدعاء أقربُ، وقدَّر في الكلام " معها "، ليصبح الدعاءُ عليها، ويَختصُّ الهمُّ بِزَوالِها معها.

وانتصاب " الزَّوال "، على أنه مصدر، تقديره: " زالَ الهمُّ معها زَوالاً، مِثلَ زَوالِها ".

و" زالَ " هي التي عَينها " واوٌ "، في هذا القول.

فأمَّا كَونُ فاعل " زالَ " اسمَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فقد قاله أبو عبيدة، في ما حَكاه أحمدُ بن يَحي، وحكاه محمد بن السِّريّ، غيرَ مَنسوبٍ إلى أبي عبيدة، فقال: " وقال غيرُه "، يعني غير أبي عمرو بن العلاء، أراد: أزالَ اللهُ زَوالَها.

فـ" زَوالها " على هذا القَول، يَنتصِب انتصابَ المفعول به، ولا يَنتصِب انتصابَ المصدر.

و" زالَ " يجوز أن تكون التي عينها " ياء "، ويجوز أن تكون التي عينها " واو ".

فإن جعلتَها التي عَينها ياء، وهي التي حكاها سيبويه، فقال: " زايَلتُ: بارَحْتُ ".

فعلمتَ بقوله: " زايلْتُ "، أنَّ العين منها ياء.

ومعنى: زالَ زوالَها: سَلَبها اللهُ حَرَكتها، وعرَّاها منها، وهذا دعاءٌ بالهلاك، لأنَّ خُلُوَّ الحيوان مِن حَركتِه، في أكثر الأمر، إنما هو للموت، أو لِبليَّة تحلُّ به، وعلى هذا قالوا: " أسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه والنأْمة والنَّئيم: ضَربٌ من الحركة.

وممَّا يدلُّك على تَعدِّي " زالَ " هذه، قَول ذي الرمَّة:

وبَيضاءَ لا تَنحاشُ منَّا وأُمُّها * إذا ما رَأتْنا زِيلَ منَّا زَوِيلُها

فبناؤه للمفعول، يدلُّك على أنه مُتعدٍّ.

فأمَّا الزويلُ، فيجوز أن يكون لغة في الزوال، كما قالوا: صَحاح وصَحيح.

ويجوز أن يكون بناه للقافية، على فَعيل، كما قال الهذَليُّ: " خَريج في قوله:

أرِقْتُ لهُ ذاتِ العِشاءِ كأنَّهُ * مَخارِيقُ يُدعَى تَحْتهنَّ خَريجُ

ويجوز أن يكون " زالَ " في هذا القول، الذي هو خلاف " ثَبَت "، وعَينه واوٌ، وذلك لا يَخلو مِن أحَد أمرين:

إمَّا أن يكونَ أراد: " أزالَ " فحذف الهمزة، كما جاء: " دَلْوُ الدَّال في قوله:

غَيايةً غَثراءَ مِنْ أجْنٍ طالْ

يَجْفِلُ عَنْ جَمَّاتِهِ دَلْوُ الدَّالْ

و" مِن أجْوازِ لَيلٍ غاضِ "، ونحو ذلك، فالفعل، في حذف الهمزة منه، كاسم الفاعل.

وإمَّا أن يكون لغةً في " زالَ فتقول: زالَ وزِلْتُه، كما تقول: غاضَ وغِضْتُه، وسارتِ الناقةُ وسِرتُها) انتهى

والله أعلم

ختامًا، هذه المسألة شائعة في كتب اللغة والنحو، وقد اكتفيتُ بالنقل عن المصادر السابقة، ومن أراد الاستزادة، فيمكنه مراجعة " اللسان "، " تهذيب اللغة "، " الأضداد "، " التنبيه على حدوث التصحيف "، " المنصف "، وغير ذلك.

مع عاطر التحايا

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 04 - 2005, 04:46 ص]ـ

زنادك خير زناد الملوك صادف منهن مرخ عفارا

فإن يقدحوا يجدوا عندها زنادهمو كابيات قصارا

ولو رمت تقدح في ليلة حصاة بنبع لأوريت نارا

الأستاذ النحرير حازم

وعدت فوفيت وبسطت فكفيت وشرحت فشفيت.

بارك الله في وقتك وجهدك وعلمك.

مع التحية والتقدير.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير