ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 04 - 2005, 10:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد
فإني أعترف لإخواني الأعزاء في هذا المنتدى المبارك أني أخطأت في تاريخ وفاة العالمين الجليلين الزجاج والطبري فكنت أحسب الطبري سابقا بكثير ولم يكن هذا الخطأ متعمدا للتلبيس وأشهد الله على ذلك، فمن ادّعى أنني افتريت أو دلست فإني أكله إلى الله وأجعله سبحانه في نحره اللهم آمين. على أن هذا الخطأ لا يغير من الأمر شيئا فقد قال هذا المقلد: (وأقول أيضًا: أرَى أنَّ الطبري هو الذي نقل هذه المسألة عن الزجَّاج) يعني أن من أتى بعدهما نقل الآخر من الأول.
ثم أقول وبالله التوفيق:
ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا *****سيلفى على طول السلامة نادما
أنا لم أرد على أخينا المقلد بأسلوبه الذي يدل على عجزه ولن ألجأ إلى مثل هذا الأسلوب بإذن الله، ولن أناقشه في دعاويه ولكن سأذكر ما يفيد القراء بإذن الله.
في البداية أؤكد أنه لا يمكن أن يفهم من كلامي أنني أقدح في علمائنا رحمهم الله كل ما في الأمر أنني قلت لا داعي لما قدره الطبري، لأن الأصل عدم التقدير، فهل هذا قدح في كل العلماء وأنهم لا يفهمون العربية سبحان الله!!!!
فأنا لا أجَهّل الطبري ولا غيره ولكني مع ذلك لا أنزههم عن الخطأ، والخطأ إذا كان صغيرا دقيقا قد يتوارث إلى أن يهيئ الله من ينبه عليه، فهذا الذي نحن بصدده لا أزعم أنه خطأ محض فما ذكره الطبري أمر محتمل ولكنه مرجوح لوجود آية الزخرف التي وصف الجنة المشار إليها بأنها الموروثة التي دخلوها وفسر الطبري نفسه (تلك) بـ (هذه) كما بيت منذ البداية.
أيها المقلد الكبير إليك ما قاله الدكتور عبد المحسن التركي عن الطبري في مقدمة تحقيقه لهذا السفر الجليل:
(ولكن يؤخذ على الطبري رحمه الله أنه أنكر بعض القراءات ونفى عنها صفة الصواب، وفضل بعض القراءات على بعض مع أنها جميعا متواترة، وقد استعمل العبارات الدالة على الإنكار، والتفضيل، كقوله: والقراءة التي لا أستجيز غيرها هي كذا، أو وهذه القراءة أولى بالصواب، أو قوله: وأولى التأولين بالآية وأصح القراءتين في التلاوة عندي التأويل الأول.
وقد أشرنا بهامش النص المحقق عند كل موضع وقع منه ذلك ليحذر طالب العلم أن تنزلق قدمه في زلة عالم ... )
ثم قال: (فلا يسوغ لأحد اتباعه في رده أو إنكاره أو تفضيله لقراءة متواترة على أخرى، وعلى ذلك إجماع الأمة.)
ماذا تقول الآن أيها المقلد الكبير لقد استوى الزمخشري والطبري في ردهم لبعض القراءات فهل ستجعل الطبري مع الزمخشري في زمرة أهل الأهواء كما صنفتني منهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ذكرت هذا لأبين أنه لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، ورد قول عالم في مسألة جزئية ليس خروجا من الطائفة الناجية إلى أهل الأهواء والنحل والملل.
ماذا تقول فيما تذكره كتب التراجم عن الزجاج:
يروي الزجاج أنه عندما كان مؤدبا للقاسم بين عبيد الله بن سليمان الوزير قال له: إن بلغت الوزارة مثل أبيك ماذا تصنع بي؟ قال: ما أحببت. فقال له الزجاج تعطيني عشرين ألف دينار.
وبعد سنين تولى القاسم الوزارة وأصبح الزجاج نديمه ولم ينس الوزير الجديد وعده أو نذره، فقال للزجاج لا أقدر أن أعطيك هذا المبلغ دفعة لأن المعتضد قد يسائلني، ولكن اسمح لي بأن تأخذه متفرقا، فقال الزجاج: يا سيدي أفعل.
(فقال (الوزير) اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار واستعجل (أي اطلب جعلا أي مكافأة من أصحاب الحوائج) ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فيه صحيحا كان أو محالا إلى أن يحصل لك مال النذر (عشرون ألف دينار) قال الزجاج ففعلت، وكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع لي عليها، وربما قال لي كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا فيقول غبنت هذا يساوي كذا وكذا ارجع فاستزد فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدوني حتى أبلغ الحد الذي رسمه. قال الزجاج وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها في مُدَيدة، فقال لي بعد شهور: يا أبا إسحاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا، فسكت، وكنت أعرض عليه فيسألني في كل شهر أو نحوه: حصل المال؟ فأقول لا، خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن حصل لي ضعف ذلك المال، وسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل فقلت: قد حصل ببركة الوزير .... ) (ينظر معجم الأدباء1/ 52 - 53 طبعة إحسان عباس - دار الغرب) وهذه القصة نقلها ياقوت من تاريخ بغداد للخطيب البغدادي الذي يرويها بإسناده عن ابن درستويه.
هذا ما يرويه الزجاج عن نفسه فإن صح الخبر فهو مواطأة مع الوزير على أخذ المكوس، والكذب لأجل الحصول على مزيد من المال.
ولننظر إلى عقلية هذا الرجل فقد كان يقول: الثور إنما يسمى ثورا لانه يثير الأرض، والثوب إنما سمي ثوبا لأنه ثاب لباسا بعد أن كان غزلا.
وسأله أحدهم: من أي شيء اشتق الجرجير قال الزجاج: لأن الريح تجرجره، قيل: ما معنى تجرجره؟ قال: تجرره. قال السائل: والجرة لم سميت جرة قال: لأنها تجر على الأرض قال السائل: لو جرت على الأرض لانكسرت.
فهل الرد على مثل هذا العالم في أمر يسير يخرج من الملة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وختاما أحمد الله أن سبقني إلى هذا الاجتهاد الذي ذكرته في (تلكم الجنة) صاحب التحرير في قوله الذي أورده المقلد:
(والإشارة إلى الجنَّة بـ {تِلْكُم}، ..... ، مع أنَّ الجنَّة حاضرة بين يديهم، لقصد رفعة شأنها وتعظيم المنَّة بها)
ولن أشغل وقتي بعد الآن في الرد على أهل الحسد والحقد أعاذنا الله من شرورهم.
مع تحياتي لكل منصف مر ها هنا وقرأ ما كتبته.
¥