تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي هذه الدراسة يتخطى ما قرره في الدراستين السابقتين فإذا كان كتابه الأول ((في معظمه قصة مرض باثوغرافيا)) ([117]) وكان كتابه الثاني بحثاً عن ((الصراع الهستيري الذي كان يصيب دوستوفسكي ورغبة الأوديبية في موت أبيه، وشذوذه الجنسي الدفين)) ([118]) فإن كتابه هذا ((تحليل أدبي خالص)) ([119]) يعتمد فيه على دراسة النص الأدبي وكشف رموزه الفنية ولهذا يرفض ((أي محاولة للكشف عن عقد ينسن وأمراضه العصبية ... ويكتفي بتفسير المبنى السيكلوجي والحلمي في الكتاب محللاً تقنياته الرمزية في الخلط الكلامي، والخلط المكاني معمقاً في معناه مقوياً له بعامة، ويستنتج أن ينسن كان على وعي بحقائق التحليل النفسي، لا لأنه درس هذا العلم بل لأنه استكشف ذاته فما الفنان إلا محلل نفسي من نوع آخر)) ([120]).

والمبدع عند فرويد يشبه العصابي، فهو كثير الانطواء، على صدام دائم مع واقعه، الذي لا يسمح له بإظهار دوافعه الغريزية ((فيلجأ لإشباعها إلى عالم الوهم حيث يجد بديلاً عن الإرضاء المباشر لرغباته، ويستعين للوصول إلى تحول مطالبه اللاواقعية إلى غايات قابلة للتحقيق من الوجهة الروحية على الأقل بما يسميه فرويد بالقدرة على التسامي، وتعتبر هذه إحدى آليات الدفاع التي تعفيه من القصاص أو المرض لكنها تجعله رهين عالم وهمي حيث لن يطول الأمد به حتى يصبح مريضاً بالعصاب)) ([121]).

وبهذا يختصر الإنسان بجميع مناشطه وتطلعاته وأحلامه في هذه الغريزة، ويطمس جماليات العمل الفني، ويشوه غاياته.

2 - إدلر:

إذا كان " الجنس " هو أم الغرائز عند فرويد، وهو الموجه للسلوك الإنساني، وكل نشاط يمكن تفسيره بهذه القوة الدافعة. فإن " الشعور بالنقص " هو قوة الدفع الأولى للسلوك عند " إدلر " يقول في كتابه " فهم الطبيعة البشرية ": ((إن كل طفل وهو يقف بمفرده أعزل عن معونة الآخرين لا يلبث أن يشعر إن عاجلاً، أو آجلاً بعجزه عن معالجة شؤون العالم الواقعي. وهذا الشعور بالعجز هو القوة الدافعة ونقطة الارتكاز الأولى التي يبدأ منها جهاد الإنسان، وهو يقرر الهدف الأقصى لوجوده)) ([122]).

فالطفل حين يولد، يكون بحاجة إلى نوع من الرعاية والاهتمام، وهي رعاية سرعان ما تستحيل في نظر الطفل إلى نوع من التسلط على نفسيته؛ لأنها تشعره بعجزه، الأمر الذي يولِّد لديه شعوراً بالنقص، مما يفضي به إلى أن يبني لنفسه عالماً من الخيال يكون فيه سيداً مطاعاً، ويسعى إلى تقديم نفسه للآخرين على أنه مركز القوة، وسيد القرار ([123]).

و" إدلر " يركز في تحليله للسلوك الإنساني على سنوات الطفولة الأولى لأنها هي الموجّه للسلوك في المستقبل، مقلّداً أستاذه " فرويد " ((لأن الأساليب التي يتخذها الطفل للتعويض عن شعوره بالنقص تقرر طبيعة الهدف الذي يوجه نشاطه خلال حياته كلها)) ([124]).

وبحسب تفسير " إدلر " فإن النشاط الإنساني تعبير عن هذا الشعور، لكن الناس يختلفون في طبيعة النقص، وطريقة التعبير عنه وتعويضه وهو أمر لا يتم إلا على أنقاض الآخر من خلال ((قوة الإرادة، وفرضها على الجماعة، والتسلط على المجتمع، فكأن تحقيق الهدف يأتي عن سبيل الكفاح، والاقتحام لا على سبيل الألفة، والتعاون مع المجتمع، والفرد إذ يبلغ النجاح في مساعيه، فإن نجاحه يعني الحيلولة بين الآخرين وبين تحقيق أهدافهم)) ([125]).

وهذا هو الصراع الذي تنطلق منه المادية الجدلية عند لينين، والمادية التاريخية عند ماركس وهو صراع على مطالب الإنسان في هذه الحياة كما حددها ماركس ((الغذاء والكساء والإشباع الجنسي)) ([126]). فحضارات الأمم، وتعاقبها، وصدامها إنما يكون حول هذه المطالب الثلاثة. وهذه المطالب الأرضية تنبثق من تصور دارون للإنسان، في أنه حيوان بوهيمي، دنيوي الآمال، فلا غرابة أن يولي هذا الحيوان غرائزه هذه العناية، كما عند فرويد، ويصبح كل توجيه لها كبتاً وقمعاً، يورث العقد، ويُشعر بالنقص يقول الفيلسوف الإنجليزي جود: ((بينما يذهب فرويد إلى الكشف عن جانب الوحش في الإنسان، فإن إدلر يذهب إلى الكشف عن جانب الشيطان المتمرد فيه)) ([127]).

ـ[المستعار]ــــــــ[28 - 07 - 2002, 02:24 م]ـ

3 - يونج:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير