تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبلغ من حماس بعض الباحثين أن يبحث عن أصول هذا المنهج في النقد القديم كما فعل محمد خلف الله، مع أن المنزع مختلف، والغاية مباينة، ولكنه الولع بالجديد الذي أفضى بإقحام تصورات تراث أمة على تراث أمة أخرى، وكأنه لا قيمة لتراثنا إلا بحديثه عن كل نظرية غربية.

والمتتبع لحركة هذا المنهج في عقول أبناء الأمة في هذا العصر يجد أنه يتخذ مسارين ربما يستقل أحدهما عن الآخر:

1 - المسار الأول يتخذ من منهج فرويد ونظريته في اللاوعي الشخصي سبيلاً لدراسة النص الأدبي وهو ما يعرف بالتحليل النفسي.

2 - المسار الآخر ينطلق من فكرة اللاشعور الجمعي عند يونج. وهو ما يسمى في النقد الحديث " بالمنهج الأسطوري ".

وكلا الاتجاهين ينمانِ عن غيبوبة فكرية، في عصر من عصور الانحطاط والتخلف يتخذ من مقولة إنسانية الفكر وكونية العالم متكئاً لطرحه النقدي، وفي هذا الكلام حق وباطل فالإنسان لا يمكن أن يعيش بمعزل عن التأثر والتأثير، فإما أن يكون مؤثراً وفاعلاً في حركة التاريخ، وإلا سحقته العجلة، ولفظه العالم خارج السياق، وبهذا يكون ملاذاً لكل فكر تخطته صيرورة الحياة، وقام على أنقاضه فكر جديد.

إن التراث العربي في أزهى عصوره لم يقف متخاذلاً يتغنى بماضيه، بل زاحم تراث الأمم الأخرى وأثر فيها، وتأثر بها، ولكنه ظل تراثاً إسلامياً في تصوره، عربياً في محياه؛ لأن الأمة كانت غالبة، يعتد فيها المفكر والشاعر بأمته، ويفتخر بإرثها الحضاري والثقافي، أما الذي يحدث في عصرنا هذا فهو بالضد مما كان، إذ شاع لدى كثير من الباحثين الإيمان بضآلة الأمة، والتنصل من كل ما يمت لها بصلة، فكان المثقف الجديد انهزامياً في داخله، مستهلكاً لثقافة غيره، مغلوباً على أمره. يقول الدكتور عبد الحكيم حسان: ((لعل أهم ما يفرق بين اتصال العرب بالثقافات الأجنبية في القرون الوسطى وبين اتصالهم بالثقافة الأوروبية في العصر الحديث أن العرب في العصر العباسي اتصلوا بثقافات ميتة سياسياً كالثقافة الهيلينّية، أو مغلوبة كالثقافة الفارسية، أو ليست ذات تأثير من هذه الناحية كالثقافة الهندية. أما في العصر الحديث فقد اتصلوا بثقافة حية متفوقة، وذات تأثير سياسي بالغ القوة. ولهذا فإن إحساس العرب في العصر العباسي بأنهم سادة موقفهم، وأنهم أحرار في اختيار ما يروقهم ورفض مالا يرضيهم من هذه الثقافات لم يكن له وجود في العصر الحديث الذي أحس العرب فيه بالإضافة إلى الشعور بالضعف العسكري بالنسبة للغرب، ثم الخضوع لنفوذه السياسي - بالحاجة الماسة إلى الإصلاح وإلى تغذية تراثهم الثقافي بدم جديد يعينه على النهوض ومواكبة الركب الحضاري الحديث)) ([152]).

ـ[المستعار]ــــــــ[28 - 07 - 2002, 02:25 م]ـ

محاسن المنهج وعيوبه:

الذي لا ينكره منصف أن المنهج النفسي في نقد الأدب فتح آفاقاً جديدة لمعرفة النفس الإنسانية أمام النقاد والأدباء، وهي آفاق كانت بعيدة عن أذهانهم، وزادهم وعياً بخصائص النفس الإنسانية في نماذجها المختلفة، ووصف لهم ما أمكن من خلجات النفس ومشاعرها ([153]).

ودعا نقاد الأدب إلى تخطي الرؤية الساذجة في النظر إلى العمل الأدبي، والبحث عن دلالات أعمق ينطوي عليها النص، تتجاوز الدلالة الظاهرة التي يعرفها كل إنسان ([154]).

وكشف عن علاقة متينة بين العمل ومنتجه ([155])، وأوضح العبقرية التي يتميز بها المبدعون تلك العبقريات التي كانت تنسب إلى الإلهام أو إلى الجنون، أو إلى شياطين الشعر، يقول فرويد: ((الشعراء والروائيون يعرفون بين السماء والأرض كثيراً من الأشياء ما تزال حكمتنا المدرسية غير قادرة على الحلم بها. فهم في معرفة النفس أساتذتنا نحن البشر العاديين؛ لأنهم يعّبون من ينابيع لم نجعلها بعد قابلة للإدراك علمياً)) ([156]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير