تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن هذه النزعة لم تأخذ طابع العلم فتصبح منهجاً نقدياً ((إلا بعد أن ظهرت نتائج دراسات الفرويديين للغة والباطن، كذلك بعد أن أفاض أتباع يونج في الحديث عن الأسطورة والرمز .. )) ([144]).

وقد كان غرض هذا المنهج البحث عن سيكلوجية المبدع من خلال أثره الأدبي الذي تركه عبر اتجاهات عديدة ((فهي تارة تحلل أثراً معيناً من الآثار الأدبية، لتستخرج من هذا التحليل بعض المعلومات عن سيكلوجية المؤلف. وهي تارة أخرى تتناول جملة آثار المؤلف وتستخرج منها نتائج عامة عن حالته النفسية ثم تطبق هذه النتائج العامة في توضيح آثار بعينها من آثاره. وهي تارة تتناول سيرة كاتب من الكتاب على نحو ما تظهر من أحداث حياته الخارجيّة، وفي أمور أخرى كرسائله واعترافاته أو يومياته الشخصية ثم تبني من هذا كله نظرية في شخصية الكاتب: صراعاته، حرماناته، صدماته، عصاباته، لتستعمل هذه النظرية في توضيح كل مؤلف من مؤلفاته، وهي تارة أخرى تنتقل من حياة المؤلف إلى آثاره، ومن آثاره إلى حياته، موضحة هذه بتلك، وتلك بهذه ... وهي في أكثر الأحوال تجمع بين هذه الأغراض كلها، وتستعمل هذه الأساليب جميعها)) ([145]).

وقد استثمر هذا المنهج في الغرب استثماراً كبيراً فقام أيرنست بتفسير لمسرحية هاملت في ضوء عقدة أوديب، وكونراد إيكن في كتبه شكيات، وملحوظات في الشعر المعاصر، والعقلية الشعرية، وريتشاردز في مباديء النقد الأدبي، ومودبودكين في الأنماط العليا في الشعر، وشارل بودوان في التحليل النفسي للفن، وهوقمان في الفرويديّة والعقل الأدبي وكولردج في قينوس وأدونيس. وأتورانك في الفنان وأسطورة ميلاد البطل، ودكروتش في إدجار الأن بو - دراسة في العبقرية، وشارل مورون في نظريات وقضايا ([146]).

ومع الناقد الإنجليزي " آي ا. ريتشاردز " شهد علم النفس حضوراً واسعاً في النقد الأدبي، حيث فرّق بين اللغة العلمية لغة الحقائق، واللغة الانفعالية لغة المشاعر، وجعل " التوازن الحسي " عنصراً ثابتاً في الجمال الفني ومعناه ((اتزان الدوافع وانسجامها)) فالتجربة الجمالية هي التي تتوازن فيها الدوافع من خلال عنصري: الحركة والانسجام، وهذا بخلاف التردد الذي تتصارع فيه الدوافع وتتعارض مشبهاً ذلك بالحمار الموضوع بين رزمتي حشيش ([147]).

واستطاع " جاك لاكان " أن يبتدع نظرية جديدة في النقد النفسي، من خلال صياغة جديدة لنظرية فرويد في تفسير الأحلام، حيث نقلها إلى النص، فاللاشعور يطوي المعنى في صورة رمزية تحتاج إلى فكّ لشفرة تلك الصورة، فصور الأحلام تخضع إلى " تكثيف " أولاً، ثم " إحلال " آخراً، وقد سمّى الأولى " استعارة " والثانية " كناية " ([148]).

وفي العقد السابع من القرن العشرين الميلادي حدثت تحولات جديدة على يدي " نورمان هولاند " حين اتجه باهتماماته إلى القاريء وترك المبدع والنص، وقد نتج عن هذا التحول ما يسمى الآن بنظرية التلقي ([149]).

وأصبح هذا المنهج بكل تصوراته من أهم المناهج التي اصطبغت بها حياتنا الفكرية، في العقد الخامس من القرن العشرين، فأمين الخولي ينشر بحثاً بعنوان " علم النفس الأدبي " بمجلة علم النفس عام 1945 م ([150]). وينشر بعده بعامين محمد خلف الله ((من الوجهة النفسية في دراسة الأدب ونقده عام 1947 م، وتتابع العطاء فكتب طه حسين كتابه عن المتنبي، ومع أبي العلاء في سجنه والعقاد ابن الرومي حياته من شعره، وشخصية أبي نواس، والعبقريات، والنويهي نفسية أبي نواس، وشخصية بشار، وثقافة الناقد الأدبي، والشعر الجاهلي منهج في دراسته وتقويمه، وحامد عبد القادر دراسات في علم النفس الأدبي، ومصطفى سويف الأسس النفسية للإبداع في الشعر خاصة، وأنور المعداوي الأداء النفسي في شعر علي محمود طه، وعز الدين إسماعيل، الأسس الجمالية للنقد العربي، والأدب وفنونه، والتفسير النفسي للأدب، وقضايا الإنسان في المسرح المعاصر، ومصطفى ناصف، قراءة ثانية لشعرنا القديم، ودراسة الأدب العربي، والصورة الأدبية، والمؤلفات في هذا الباب كثيرة تعد ولا تحصى ([151]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير