تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الزمخشرى: وقوله تعالى: (فأولئك هم المضعفون) التفات حسن، كأنه قال لملائكته، وخواص خلقه: فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم، هم المضعفون، فهو أمدح من أن يقول: فأنتم المضعفون.

وتابعه فيما ذهب إليه الألوسى - رحمه الله -.

ومنها قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما وينصرك الله نصراً عزيزاً).

انتقل القرآن من التكلم فى قوله: (إنا فتحنا لك فتحا مبيناً) إلى الغيبة فى قوله: (ليغفر لك الله) تعليقاً لهذه المغفرة التامة باسمه المتضمن لسائر اسمائه الحسنى، ولهذا علق به النصر، فقال: (وينصرك الله نصراً عزيزاً).

ومنها قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين * إياك تعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).

انتقل القرآن من الغيبة فى قوله: (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم* مالك يوم الدين) إلى الخطاب فى قوله: (إياك نعبد وإياك نستعين)، لأن العبد إذا افتتح حمد مولاه بقوله: (الحمد لله) الدال على اختصاصه بالحمد، وجد من نفسه التحرك للإقبال عليه - سبحانه - فإذا انتقل إلى قوله: (رب العالمين) الدال على ربوبيته لجميعهم، قوى تحركه، فإذا قال: (الرحمن الرحيم) الدال على أنه منعم بأنواع النعم، جليلها وحقيرها، تزايد التحرك عنده، فإذا وصل لـ (مالك يوم الدين)، وهو خاتمة الصفات الدالة على أنه مالك الأمر كله يوم الجزاء، وجد من نفسه حاملا، لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع، والاستعانة فى المهمات.

وقيل: إنما اختير للحمد الغيبة، وللعبادة الخطاب؛ للإشارة إلى أن الحمد دون العبادة فى الرتبة، فإنك تحمد نظيرك، ولا تعبده، إذ الإنسان يحم من لا يعبده، ولا يعبد من لا يحمده، فلما كان كذلك استعمل لفظ " الحمد" لتوسطه مع الغيبة فى الخبر، فقال: الحمد لله "، ولم يقل "الحمد لك"، ولفظ (العبادة) مع الخطاب، فقال "إياك نعبد"؛ لينسب إلى العظيم حال المخاطبة والمواجهة، ما هو أعلى رتبة، وذلك على طريقة التأدب.

وقيل: إن سر الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، هو التنبيه على أن مبدأ الخلق الغيبة منهم عنه - سبحانه - وقصورهم عن محاضرته ومخاطبته، وقيام حجاب العظمة عليهم، فإذا عرفوه بما هو له، وتوسلوا للقرب بالثناء عليه، وأقروا بالمحامد له. وتعبدوا له بما يليق به، تأهلوا لمخاطبته، ومناجاته، فقالوا: (إياك نعبد وإياك نستعين).

وقيل: لأنه لما ذكر الحقيقة بالحمد، وأجرى عليه الصفات العظيمة من كونه ربا للعاملين، ورحماناً ورحمياً، ومالكاً ليوم الدين تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن، حقيق بأن يكون معبوداً، دون غيره، مستعاناً به، فخوطب بذلك، لتميزه بالصفات المذكورة تعظيماً لشأنه كله، حتى كأنه قيل: إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة لا غيرك.

وفى آخر السورة الكريمة انتقل القرآن من الخطاب إلى الغيبة، حيث قال: "الذين أنعمت عليهم " مصرحاً بذكر المنعم، وإسناد الإنعام إليه لفظاً، ولم يقل: (صراط المنعم عليهم)، فلما صار إلى ذكر الغضب، زوى عنه لفظه، فلم ينسبه إليه لفظاً. وجاء باللفظ منحرفاً عن ذكر الغاضب، فلم يقل: (غير الذين غضبت عليهم). تفاديا عن نسبة الغضب إليه فى اللفظ حال المواجهة.

وفى هذا الالتفات تعظيم لشأن المخاطب، لأن مخاطبة الرب - تبارك وتعالى - بإسناد النعمة إليه تعظيم لخطابه، وكذلك ترك مخاطبته بإسناد الغضب إليه، تعظيم لخطابه.

والله من وراء القصد

ـ[حروف]ــــــــ[19 - 09 - 2002, 01:09 م]ـ

السلام عليكم ...

أسجل إعجابي بما نقلته ..

فجزاك الله خيراً .. وجعله في موازين حسناتك يوم القيامة ..

وتقبل تحياتي ...

العاشقة للغتها .. حروف

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[21 - 09 - 2002, 12:15 م]ـ

أخي المراقب العام .. الالتفات موضوع قيم جدا

ومهم جدا، وله أثر عظيم في الكلام

وهو مما كثر السؤال عنه في عصر غياب اللغة وغياب الإحساس بها وتذوقها .. نسأل الله السلامة والهداية للحق

فجزاك الله كل الخير على هذه اللفتات الطيبة

وأرجو أن تتحفنا بمزيد من مثلها

وفقك الله

ـ[الخيزران]ــــــــ[12 - 10 - 2002, 12:28 م]ـ

الأستاذ الدكتور محمود شيخون معلم في زمن فقد فيه العلم وأهله

هويتهم الحقيقية.

ما زلت أذكره بصوته الهادي الرزين، ومظهره الوقور، وهيئته التي تشع

منها أنوار العلم ومظاهر الأبوة الحانية وطيب النفس وكريم المحتد.

الدكتور شيخون - كما كنا نسميه - رجلٌ بنَّاء، قال لي ذات يوم بعد أن

سأل سؤالا وأجبته بالفصحى: والله إنك لأديبة (جملة مؤكدة بثلاث

مؤكدات) وما فعلت شيئا إلا أن أجبته باللغة الفصحى.

جزاه الله عني خير الجزاء.

الأخ الجهني: من أي موقع أو مصدر نقلت هذا الموضوع؟؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير