تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم إني سائلك، عن هذا الكم المعرفي اللغوي الذي حوته المعاجم، هل حاط بلغة العرب كافة!؟ وهل جميع العرب كانوا يخصون اللفظ بالمعنى المعين الذي يعد حقيقة، وما سواه المجاز؟ فنحن نحتاج للنقل في مثل هذا، والاكتفاء بمجرد الدلالة العقلية لا تكفي هنا.

وأما مسائل المجاز التي اضطربوا فيها فكثيرة، قد حوتها مطولات المتأخرين، ومن تلك المسائل: مسألة الواضع، والوضع للمجاز، الذي اضطرب فيه السعد في التلويح والمطول، والكناية، والمشترك اللفظي، وصفات الله، واجتماع التبعية والتمثيلية، ومنها أن القائل: جاء الأسد، ويريد به معينا، من قبيل المجاز؛ لأنه استعمل الكلي (أسد) في الجزئي (هذا المعين)، ولفظة (أسد) لم توضع بإزاء هذا المعين بعينه، في نظرهم، وكذلك قولك: جاء زيد. يدخل في المجاز على تعريفهم؛ لأن لفظ زيد قد استعمل قبل هذا، وعلى هذا، يلزم أن تكون اللغة مجازا كلها.

وأما قولك: "ألا ترى معي أنك أظهرت اعترافك بالمجاز ولكن كرهت اسمه لأنه جرى على ألسنة المخالفين لك"، فالفرق ظاهر، بين حمل المجيء في" وجاء ربك" على المجاز، والحقيقة، فأيهما ترى؟ فأنا أقول بأن المجيء هنا للرب حقيقة، كما هو ظاهر اللفظ، مع أن أئمة البلاغة يدعون المجاز هنا. ويظهر الفرق-أيضا- في تأويل قوله تعالى: " جدارا يريد ... " فأنا أقول بأن الآية على ظاهرها، والله قد أخبر عن ذلك، وهو أعلم بخبره، ولكل شيء إرادة بحسبه، وهذا مما ينبغي التسليم به، وعلى المانع الدليل، ودليلي على إثبات الإرادة للجماد في خبر الله، هو هذه الآية، والقرآن محتج به في اللغة عند جميع العقلاء.

وأما قولك: "إن في قولك فهما للعلاقة بين المجاز والحقيقة غير سليم، فالقائلون بالمجاز إنما يعدونه فرعا لها واستعمالا جديدا لهذه الحقيقة"، فهو الفهم الذي يصرخ به تمييز القوم بينهما في اللفظ والتعريف واللوازم الذاتية والعرضية. وأما قولك: " استعمالا جديدا لهذه الحقيقة" فهو دليل على أن الخلاف في نظرك لفظي، مع أنهم يعدونه حقيقيا.

وفي الختام آمل منك أن تعيد النظر في هذه المسألة وتنظر في العلل الغائية من القول بالمجاز، والواضع لهذا الفن، مع التنبه لخطورة هذا القول في الجانب العقدي، وهو أمر قد لا يصل ذهنك إلى أبعاده، لعدم استيعابك أقوال القائلين به في العقيدة، كالرازي في الأساس، والشريف في شرح المواقف، والسعد في المقاصد، والسنوسي في أم البراهين، واللقاني في الجوهرة، وعبد الجبار في المغني، وهؤلاء ممن قعد لهذا الفن بأساليب منطقية تُلزم الناظر بالتسليم والتقليد، في دائرة العقل الذي طغى حين ظن أنه أحاط بما سمع ورأى. والله اسأل أن يثبت قلوبنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وبعد الممات. والله أعلم.

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 05:56 ص]ـ

السلام عليكم

جميل جدا أن نترك المتحاورين لوحدهما----

وجميل منهما أن يحررا مواضع النزاع---

وموضع النزاع الرئيسي هو مفهوم الوضع---

فأهل المجاز يقولون بالوضع --وأنّ كل لفظة وضعت بإزاء معنى محدد--

وأهل منكري المجاز يقولون بالإستعمال وأنّ كل لفظة وضعت لعدة معان ثمّ استعمل النّاس معنى أكثر من غيره-بالتالي فإن المعنى المسمى بالمجازي هو معنى غير مستعمل فاستعمل---وهو رأي يناقض العقل--إذ لا يعقل أن تضع مجموعة إنسانية لفظة واحدة لتشير إلى عدة معاني فيستعمل أحدها ويهمل الباقي

وأريد أن آتيكم بمثال --قال تعالى (: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} (48) سورة البقرة)

فاليوم هو اليوم --وهو فترة زمنية تمتد بين فجرين--ولا يعقل أن يكون قد وضع لمعنى الشدة والصعوبة إلى جانب معنى الفترة الزمنية---لذلك نجد أشد المنكرين للمجاز وقف حائرا أمام هذه الآية فقال-- (والمراد باتقاء اليوم: اتقاء ما فيه من الأهوال والأوجال, لأن القرآن بلسان عربي مبين , والعرب تعبر بالأيام عما يقع فيها من الشدائد,) --ولا دليل على أنّ العرب تعبر باليوم عن الشدائد--فقوله تخيّل ووهم--وهو قائل بالمجاز مع تمحل الإنكار

المهم في كلا الرأيين نقل---لاحظوا في كليهما نقل--

نقل من المعنى الموضوع أصلا إلى آخر بقرينة عند المجازيين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير