تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والإنكار التكذيبي ومعناه في الماضي " لم يكن " وفي المستقبل " لن يكون ومن التكذيب في الماضي " أفأصفاكم ربكم بالبنين. واتخذ من الملائكة إناثاً " " أصطفي البنات علي البنين " بمعني لم يكن ذلك على الإطلاق ولم يقع شيء من هذا حاشا لله ومن التكذيب في المستقبل " قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون " فقوله أنلزمكموها إنكار أن يكون فيه إلزام بهذه البينة بعدما التبست عليهم " أغير الله أتخذ ولياً " إنكار لأن يكون غير الله بمثابة أن يتخذ ولياً وعلى ذلك قول امرئ القيس

أيقتلني والمشرفي مضاجعي

### ومسنونة زرق كأنياب أغوال

فقوله أيقتلني إنكار للقتل وأنه لن يكون نظراً لما معه من العدة المتمثلة في السيف المشرفي والسهام المحدودة النصال وقال الآخر

أأترك إن قلت دراهم خالد

### زيارته إني إذن للئيم

بمعنى لن يكون مني تركه أبداً بسبب قلة دراهمه وإلا كنت لئيماً ويقول عبد القاهر في هذا المقام " فإن بدأت باسم فقلت أأنت تفعل؟ كنت وجهت الإنكار إلى نفس المذكور وأبيت أن يكون ممن يجيء منه الفعل فإذا قلت: أأنت تمنعني؟ صرت كأنك قلت: إن غيرك الذي يستطيع منعي ولست بذاك ويكون للعجز إذا جعلته لا يكون منه الفعل لعجزه عنه ولأنه ليس في وسعه وقد يكون أن تجعله لا يجيء منه لأنه لا يختاره ولا يرتضيه وأن نفسه تأباه وتكرهه. ومن أمثلة ذلك قولك أهو يسأل فلاناً؟ هو أرفع همة من ذلك أهو يمنع الناس حقوقهم؟ هو أكرم من ذلك وقد يكون أن تجعله لا يفعله لصغر سنه وقدره وأن نفسه لا تسمو لذلك كقولك أهو يسمع بمثل هذا؟ أهو يرتاح للجميل؟ هو أقصر همة من ذلك فالمراد من ذلك كله النفي بمعنى لن يكون إلا أن الاعتبارات تختلف بحسب مراد المتكلم ومقام المتحدث عنه ومن أمثلة الإنكار " أبشرا منا واحداً نتبعه " " وقالوا لولا نُزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك " أي ليسوا هم المتخيرين للنبوة " أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي "

ومن مجيء الهمزة للإنكار " أليس الله بكاف عبده " أى الله كاف عبده، لأن نفي النفي إثبات.

آراء عبد القاهر في إنكار الفعل

وقد ذكر عبد القاهر أن إنكار الفعل قد يتحقق بطريق يغاير في الظاهر هذا النظام المألوف مع الهمزة. فقد تدخل الهمزة علي الفاعل والمراد إنكار الفعل كما قد تدخل علي المفعول وعلي الزمان وعلي المكان والمراد في ذلك كله إنكار الفعل. وجعل إنكار الذي دخلت عليه وسيلة لنفيه ويكون هذا بملاحظة خصوصية معينة بألّا يكون لهذا الفعل – علي فرض وقوعه – فاعل الا فاعل واحد فإذا وجهت الإنكار إلي هذا الفاعل أفاد ذلك بطريق للزوم نفي الفعل نفسه، لأنك إذا نفيت فاعله انتفي الفعل من باب أولى.

نفي الفعل بنفي الفاعل: " قل أرأيتم ما أنزل الله إليكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آلله أذن لكم ............ "

فهؤلاء كانوا قد أحلوا وحرموا فيما رزقهم الله سبحانه والمعروف أن الذي يملك التحليل والتحريم هو الله لا غيره فقوله " آلله أذن لكم " الإنكار موجه فيه إلي المسند إليه " الفاعل " والمراد إنكار الإذن من أصله لأنه إذا لم يكن قد كان من الله إذن فلن يكون من غيره وهذا طريق أكد نفي الفعل لما يفيده من الدليل علي هذا النفي المتمثل في نفي فاعله الوحيد ونفي الفاعل دليل علي عدم وقوع الفعل لأنه لا فعل بدون فاعل بخلاف قولك " أأذن الله بعني لم يكن ذلك لأن هذا إنكار للفعل بلا دليل.

نفي الفعل بنفي المكان: كقولك لمن يدعي عليك وقوع فعل منك: أفي البيت حدث هذا أم في المدرسة؟ وبالتالي لن يستطيع أحد أن يدلك علي واحد من المكانين فإذا انتفي ذلك وثبت أن المكانين لم يشهد شيئاً من ذلك انتفي الفعل.

نفي الفعل بنفي الزمان وكذا إذا ادعي عليك شخص وقوع فعل معين منك فتريد نفي وقوعه فلا تذكر الفعل بعد همزة الإنكار وإنما توقع زمنه بعدها لتصل من نفي زمن الوقوع إلي نفي الفعل نفسه. كقولك أفي الليل كان ذلك أم في النهار؟ فتنكر كونه في الليل وكونه في النهار وهما زمن وقوعه ويلزم من هذا أنه لم يكن أصلاً أنه اذا كان قد حدث فلابد أن يكون في أحدهما. فنفي الزمن الذي يمكن أن يكون وقع فيه الفعل دليل علي نفي الفعل، لأن المخاطب لن يتمكن من إثبات وقوعه في الليل أوفي النهار.

نفي الفعل بنفي المفعول به " قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين " فالمراد إنكار التحريم من أصله ودليل ذلك أنه لو كان هناك تحريم لوقع علي واحد من الأصناف المذكورة ولما لم يقع علي واحد منها انتفي وجوده أصلاً وثبت أنه لا تحريم هناك. ويقول عبد القاهر في هذه الآية " أخرج اللفظ مخرجه إذا كان قد ثبت تحريم في أحد أشياء. ثم أريد معرفة عين المحرم مع أن المراد هو إنكار التحريم من أصله "

والفعل في كل ما تقدم لم يل الهمزة مع أنه محل الإنكار ولكن وليها الفاعل والمكان والزمان والمفعول به لنفيها ويتبعها نفي الفعل

2 - التعظيم كقول المتنبي:

ومن مثل كافور إذا الخيل أجمحت

### وكان قليلا من يقول لها اقدمي

وقول أبي نواس:

إذا لم تطأ أرض الخصيب ركابنا

### فأي فتي بعد الخصيب تزور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير