تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم" فإنهم أرادوا حمله على أن يقر لهم بأنه الفاعل ولم يريدوا تقريره بالفعل لأن الفعل واقع ومشار إليه بـ (هذا) ولذلك فلا معنى بأن يقر لهم بأن كسر الأصنام قد كان ولذلك قال لهم إبراهيم عليه السلام في الجواب " بل فعله كبيرهم هذا " فأجاب ببيان الفاعل ولو كان المراد الإقرار بالفعل نفسه لقال فعلت أو لم أفعل يقول عبد القاهر فإن قلت أو ليس إذا قال أفعلت أيضاً أن يقرره بأن الفعل كان منه لا بأنه كان على الجملة الاسمية فأي فرق بين الحالين؟ فانه إذا قال أفعلت؟ فهو يقرره بالفعل من غير أن يردده بينه وبين غيره وكان كلامه كلام من يوهم أنه لا يدري أن ذلك الفعل كان على الحقيقة وإذا قال أأنت فعلت كان قد ردّد الفعل بينه وبين غيره ولم يكن منه في الفعل نفسه تردُّد ولم يكن كلامه كلام من يوهم أنه لا يدري أكان الفعل أم لم يكن بدلالة أنك تقول ذلك والفعل ظاهر موجود مشار إليه كما رأيت وقد يراد التقرير بما يعرفه المخاطب من مضمون الكلام إيجاباً أو سلباً " وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " فالمراد – والله أعلم – التقرير بما يعرفه من أنه لم يقل لهم هذا، وليس المراد التقرير بما دخلت عليه الهمزة لأنه – صلى الله عليه وسلم – لم يقل ذلك بل المراد تكذيبهم فيما ادعوه من كونه ابن الله " ألست بربكم قالوا بلى " فالمقرر به في هذه الأساليب ليس ما يلي الهمزة وليس معنى الجملة وإنما شيء في نفس المخاطب حول هذا الحكم المذكور هو اعتقاده فيه فقد تكون الجملة مثبتة والتقرير بالنفي كما في الآية " وإذ قال الله يا عيسى ............. " وقد يكون العكس بأن تكون الجملة منفية والتقرير مثبت " ألست بربكم .. " " ألم يجعل كيدهم في تضليل " " ألم نربك فينا وليداً "

قال جرير

ألستم خير من ركب المطايا

### وأندى العالمين بطون راح

أي أنتم خير من ركب المطايا

يتبع

ـ[الأحمر]ــــــــ[31 - 10 - 2002, 10:52 م]ـ

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

1 - الإنكار وهو قسمان أ – توبيخي ب – تكذيبي فالتوبيخي يكون على فعل قد وقع بمعنى أنه ما كان ينبغي أن يكون أو على فعل يقع في الحال أو بصدد الوقوع في المستقبل بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون فمثال التوبيخ على ما وقع في الماضي " أعصيت ربك " أي ما كان ينبغي أن يقع منك العصيان " أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً " أي ما كان ينبغي أن يقع ذلك الكفر وقد أكد معنى التوبيخ بأن أشار إلى نعمة الخلق وجعله رجلاً يباهي بالمال والثروة.

ومن التوبيخ على فعل يقع " أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين " أي: لا ينبغي أن يكون ذلك. ومثله قوله تعالي " أتعبدون ما تنحتون " فالإنكار موجه للعبادة المفيدة بهذا المفعول. ولابد أن يلي الهمزة المنكر فإذا قلت: أضربت زيدا؟ أفاد ذلك إنكار الفعل وأنه ما كان ينبغي أن يقع. وإذا قلت. أأنت ضربت زيدا؟ كان الإنكار موجهاً للفاعل أي ما كان ينبغي لك أنت خصوصاً أن تضربه ولو وقع الضرب من غيرك لم يكن في ذلك اللوم وإذا قلت: أزيداً أضربت؟ كان الإنكار موجهاً إلى المفعول به خصوصاً أي ما كان ينبغي أن يكون زيد مضروبك ولو ضربت غيره ما أنكر عليك ذلك أحد ومن أمثلة الإنكار ما يلي:

قول كثير:

أإن زم أجمال وفارق جيرة

### وصاح غراب البين أنت حزين

فالذي دخلت عليه الهمزة سبب لقوله أنت حزين والأصل أأنت حزين ومعني الإنكار هنا: لا ينبغي أن يكون إعداد الجمال للرحلة ومفارقة الجيران وصياح غراب البين كل ذلك لا ينبغي أن يكون مثيراً للشجن والحزن.

ومن الإنكار للتوبيخ قولك لمن يضيع الحق ويسيء لمن أحسن: أتنسى قديم إحسان فلان؟. وكقولك لمن يعرض نفسه للخطر: أتخرج في هذا الوقت؟ إذا كان خروجه غير مأمون وفي وقت غير منا سب والمقصود من ذلك تنبيه السامع حتى يرجع إلى نفسه فيخجل أو يرتدع عن فعل الذي هم به.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير