تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجه الشبه (ترتب النفع على محاولة الضرر) فالإحراق ضرر

والإساءة إلى صاحب الفضيلة ضرر , ولكنه ترتب نفع من الإحراق بظهور رائحة البخور , وترتب على إرادة الإساءة عن طريق الحسود نشر الفضيلة.

قول أبي الطيب:

من يهن يسهل الهوان عليه .. مالجرحٍ بميتٍ إيلامُ

يريد أبو الطيب أن يقول " إن من عاش بالهوان واعتاده سهل

عليه تقبل هوان جديد وذل آخر , ولكي يبرهن على صحة مقولته

ضرب مثلاً بالميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده أو تنشر لحمه بالمناشير ماتألم ولاصرخ ولاشكى ولابكى؛ لأنه فقد أحاسيسه ألست ترى من خلال المقدمة والبرهان عليه

تشبيهاً ضمنياً؟؟.

قول أبي الطيب:

ومن الخير بطء سيدك عني .. أسرع السُحْبِ في المسيرِ الجهامُ

الجهامُ: السحب الخالية من الماء.

يقول: إن تأخر العطاء من الخليفة لهو من الخير , وهذا ممكن

لأن السحب في السماء الذي يسرع في المسير إنما هو السحاب

الخالي من الماء , فقد غطى الشاعر المعنى بغلالة رقيقة تشي

عن المعنى وإن لم تفضحه , فهو أورد هاتين الصورتين

المتشابهتين بالإلماح وفي هذا إثارة للمخاطب وتشويق له لأجمل

التأمل حتى لايصل إلى المراد إلا بعد رحلة مشوقة.

يقول ابن الرومي:

وإذا امرؤ مدح امرءاً لنواله .. وأطال فيه فقد أراد هجاءه

لولم يقدر فيه بعد المستقى .. عند الورود لما أطال رشاءه

يقول: إن الشاعر إذا أراد أن يمدح شخصاً آخر فهو بين

حالين إما أن يطيل في المدح أو يقصر فيه , ويحكم على أن

الذي يمدح ويطيل في المدح بأنه أراد الهجاء , وكأن هذه القضية تحتاج إلى دليل عليها فيقول: انظر إلى البئر مالمحمود من أحوال هذا البئر هل هو البئر الذي يحتاج إلى حبل طويل

للوصول إلى الماء , أم البئر الذي يوصل إلى الماء فيه بحبل

قصير فهو جعل صورتين متشابهتين يريد أن يلمح التشبيه منهما

فمكمن الجمال في هذا الأسلوب هو الإثارة وإحاطة التشبيه بغلالة

رقيقة تشي عما تحتها وتغري برفع الحجاب لأجل الوصول إلى المراد.

// قيمة التشبيه الضمني:

يضاعف قوى النفس في تحريكها نحو المراد , فهو يثير

القارئ ويوقظ ذوقه ليستشعر قوة الإمتاع.

// التشبيه التمثيلي:

ماكان وجه الشبه هيئة منتزعة من شيئين

أو عدة أشياء سواء كانت هذه الهيئة حسية أوعقلية.

قول الشاعر:

اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ماتاكله

تشبيه ضمني تمثيلي .. أحاط المعنى بغلالة لتشي بما وراءها

دون أن تفضح المعنى المكنون.

يقول: إذا وجه إليك أحد حسداً فلا تعبأ به .. فإن هذا العمل

منك سيجعله يتقطع غيظاً ويقتل نفسه .. فكأنك قلت: كيف

أتحمل المشقة والألم التي تصيبني من الحسود وهل ستقتله

حسرته؟!!

قال: نعم , والدليل (النار) فإنك إن لم تمدها بالحطب الذي

يديم بقاءها فإنها ستأكل بعضها وتنتهي.

المشبه: حالة الإنسان الذي لايعبأ بحسد الحسود ومايتسببه

فيه تجاهله من إحراق نفس الحاسد وموته.

المشبه به: حالة النار التي لاتمد بالحطب فيتسبب ذلك

في زوالها.

وجه الشبه: إسراع الفناء لانقطاع مافيه مدد البقاء.

قول النبي -صلى الله عليه وسلم - " مثل المؤمنين في توادهم

وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو

تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "

جعل - عليه السلام- الإيمان قوة واحدة تنتظم قلوب المؤمنين ,

وصوره كالدم المتدفق في الجسم به حياته وتماسكه .. كما

يكون الدم سبباً لحياة الأعضاء وترابطها ومعه وجود الروح وفعلها ..

وأظهر المظاهر المرشدة إلى الإيمان بذل المؤمن وده ورحمته

وعطفه للمؤمنين تألماً لما يؤلمهم وتداعياً لما يصيبهم فالمؤمنون

مهما كثروا كالجسد الواحد إذا تألم عضو تألمت سائر الأعضاء

وهذا مقياس دقيق يقيس به النبي -صلى الله عليه وسلم - حال المؤمنين إذا تم إيمانهم ليحملهم على تزكية الأنفس وإرهاف

الحس ويقظة الروح لكل من يجمع الإيمان بينهم وبينه ليرشدهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير