أهذا الذي أراه حلماً .. أم وجه الحبيبة أزاح الظلمة .. أم كان يوشع .. عليه السلام .. في ركب القوم فرد بدعائه الشمس بعد مغيبها .. هذا التشكك وتلك التساؤلات سوت بين الطرفين وحولت التشبيه من قريب مبتذل إلى بعيد غريب.
3 - التشبيه المشروط ..
وهو أن يقيد المشبه والمشبه بقيد يبرز فضل المشبه على المشبه به .. وذلك كالتقيد بأسلوب الشرط والاستثناء أو الاستدراك.
يقول الشاعر:
عزماتهم مثل النجوم ثواقباً .. لولم يكن للثاقباتِ أفولُ
شبه عزائم الممدوح التي تخترق المصاعب بالنجوم تثقب الظلام وتبدده .. وتشبيه العزائم بالنجوم قريب ولكنه صيره بعيداً بهذا الشرط إذ جعل العزائم تفوق النجوم وتفضلها؛ لأنها نافذة الأثر .. أما النجوم فأثرها مقصور على وقت طلوعها دون وقت أفولها.
يقول الشاعر:
من قاس جدواك يوماً .. بالسُحْبِ أخطأ مدحك
السُحْبُ تعطي وتبكي .. وأنت تعطي وتضحك
شبه الممدوح بالسحب .. وهو تشبيه مبتذل .. فصيره بعيداً بجعل الممدوح يفوق السحب إذ أنها وهي تعطي تكون باكية أما الممدوح فإنه يعطي ضاحكاً.
4 - قلب التشبيه
وهو ادعاء أن المشبه أتم من المشبه به في وجه الشبه.
قوله تعالى " إنما البيع مثل الربا"
مقتضى الظاهر أن يقال " إنما الربا مثل البيع " إذا الكلام في الربا لافي البيع فخالفوا لجعلهم الربا في الحل أقوى حالاً من البيع وأعرف به.
قوله تعالى " أفمن يَخلق كمن لايخلق "
بمعنى كيف تتوجون بالعبادة إلى تلك المخلوقات وهي لاتخلق .. فالعاقل يتوجه بالعبادة إلى الخالق .. ولأن الخطاب للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهاً بالله .. سبحانه وتعالى .. فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق خولف في خطابهم لأنهم بالغوا في عبادتها وغلوا حتى صارت عندهم أصلاً في العبادة والخالق .. سبحانه وتعالى .. فرعاً.
5 - الجمع بين عدة تشبيهات:
قول البحتري ..
كأنما يبسُمُ عن لؤلؤ .. مُنْضَدٍ أوبَرَدٍ أو أقاح
شبه الثغر المبتسم باللؤلؤ المنظوم , والبرد , والأقاح .. وبهذا الجمع تحول التشبيه إلى الغرابة والبعد.
//أغراض التشبيه:
الأغراض العائدة على المشبه:
1 - بيان إمكان وجوده .. وذلك إذا كان التشبيه من الأمور الغريبة التي يستبعد حصولها كما في قول أبي الطيب:
فإن تَفُق الأنامَ وأنتَ منهم .. فإنّ المسك بعض دمِ الغزال ِ
يقول " إنك تفوقت على الناس رغم أنك من جنسهم .. قد يبدو الأمر غريباً ولكن انظر إلى الغزال وإلى المسك فالمسك من أنواع دم يجتمع في جزء من أجزاء الغزال فهو من جنس الدم ولكنه يتفوق عليه.
تشبيه ضمني تمثيلي .. شبه حال الممدوح بتفوقه على أهل زمانه تفوقاً صار به كأنه جنس منفصل عنهم .. بحال المسك في تفوقه بشرف رائحته على الدماء حتى كأنه صار جنساً آخر.
وجه الشبه .. خروج بعض أفراد الجنس بفضائله عن جنسه مع ملاحظة الأصل في بقائه داخل الجنس وانتسابه إليه.
2 - بيان حال المشبه (إيضاح صفته) وذلك إذا كانت صفة المشبه مجهولة فيقصد المتكلم إلى بيان هذه الصفة .. من ذلك قول الأعشى:
كأنّ مِشْيَتَها من بيتِ جارتها .. مرُّ السحابة لاريثٌ ولاعجلُ
وقول الشاعر:
كأنّ سُهيلاً والنجومُ وراءه .. صفوفُ صلاة قام فيها إمامها
3 - بيان مقدار الحال وذلك إذا كانت صفته معلومة للمخاطب والمجهول مقدارها من القوة والضعف أو الزيادة والنقصان من ذلك قول الحسن بن وهب:
مدادٌ مثل خافية الغراب .. وأقلامٌ كمرهفة الحَدادِ
فالمشبه (الحبر) ومعلوم سواده لكن التشبيه هنا أفاد شدته ولم يقل الغراب بل قال (الخافية) وهي الأعظم سواداً في الغراب تبييناً لشدة هذا السواد.
4 - تأكيد حال المشبه وتقريرها في نفس السامع وذلك إذا كان كل من الحال ومقدارها معلومين.
قوله تعالى " والذين يدعون من دونه لايستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وماهو ببالغه".
الآية تتحدث في شأن عباد الأوثان وتصفهم بأنهم إذا دعوا ءالهتهم لاتستجيب لهم ولايعود عليهم دعاؤهم إياها بفائدة ,وقد أراد الله -سبحانه- أن يقرر هذه الحال ويثبتها في الأذهان فشبه هؤلاء بمن يبسط كفيه إلى الماء ليشرب فلا يصل إلى فمه بداهة؛ لأنه يخرج من خلال أصابعه مادامت كفاه مبسوطتين فالغرض من التشبيه تقرير حال المشبه.
5 - تزيين المشبه وتجميله , وذلك عند إرادة مدحه والترغيب فيه
¥