تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشك: هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لإحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك ماتساوى طرفاه وهو الوقوف بين الشيئين لايميل القلب إلى أحدهما فإذا ترجح احدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن فإذا طرحه فهم غالب الظن وهو بمنزلة اليقين0اهـ

وعلى هذا يكون الشك نقطة الوسط بين الظن واليقين، فإذا ثبت العلم بدليل أو قرينه ينتقل الى اليقين، وإن لم يثبت فيكون ظنا0

وعندما أقول: أظن الليلة أطول من البارحة0

فهو اعتقاد يحتمل الصحة دون دليل، فإذا انتهت تلك الليلة وثبت أنها أطول من البارحة فقد صار الظن يقينا، وإن لم يثبت فذلك شك بعيد عن اليقين، تماما كمسألة صيام يوم الشك، فيوم الشك هو آخر يوم من شهر شعبان وقد يكون أول يوم من رمضان، لذا أسماه الفقهاء يوم الشك، لأنه متأرجح بين الظن واليقين، فإذا صِيمَ ذلك اليوم وتمت رؤية هلال رمضان بعد مغيب الشمس فيحسب من رمضان، وإن لم تتم رؤية الهلال فهو آخر يوم من شعبان، ويكون اليوم التالي هو أول يوم من رمضان بيقين، فالقرينة الفاصلة هنا هي رؤية الهلال0

وقوله تعالى:)) يظنون أنهم مُلاقوا ربهم))

هو اعتقاد راجح لديهم بحقيقة الملاقاة، لذا يسمى الإيمان بالعلوم الغيبية بعلم العقائد، فنحن نعتقد بوجود الله تعالى بقرائن خَلْقِه ودلائل مخلوقاته، لذا فظننا بملاقاة الله تعالى يأتي بمرتبة اليقين0

وقوله تعالى يحمل ثناءا على عقيدة اولئك الظانون ملاقاة ربهم، لأنه أعلى مراتب الإيمان والعقيدة، وهو الإحسان، وقد وصف الرسول عليه الصلاة والسلام الإحسان بقوله: (أن تعبد الله، كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) 0

قال ابن جرير الطبري: الّذِينَ يَظُنون أنَهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ قال: لأنهم لم يعاينوا، فكان ظنهم يقينا، وليس ظنا في شك. وقرأ: إنِّي ظَنَنْتُ أنّي مُلاقٍ حسابيَهْ.

تقول لمن يجهلك عندما تريد أن تثبت حسن نيتك: أرجو أن أكون عند حسن ظنك0

وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه كثيرا ما يوبخ نفسه، فإذا مدحوه قال:

(اللهم أغفر لي ما لا يعلمون واجعلني خيرا مما يظنون).

قال تعالى: (وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين)

قال المفسرون: اليقين المذكور بالآية هو الموت، وقال بعض المفسرين أن اليقين هنا هو تمام العلم، وأن الإنسان إذا وصل لمرحلة اليقين بعبادته، سقطت عنه جميع التكاليف وحل له أن يفعل ما يشاء وكأنهم يقولون (أصبح من المبشرين بالجنة ولايضره مافعل بعد ذلك) وهذا تفسير شاذ تمجه العقول الصحيحة، وتأباه مقاصد الشريعة0

قوله تعالى:

{لَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

قال القرطبي:

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ} «الذين» في موضع خفض على النعت للخاشعين، ويجوز الرفع على القطع. والظن هنا في قول الجمهور بمعنى اليقين؛ ومنه قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ} (الحاقة: 20) وقوله: {فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا} (الكهف: 53). قال دُريد بن الصِّمّة:

فقلت لهم ظُنُّوا بألفَيْ مدجَّج سَراتُهُم في الفارسيّ المُسَرَّدِ

وقال أبو دُؤاد:

رُبَّ هَمّ فرّجته بغريم وغيوب كشفتها بظنون

وقد قيل: إن الظن في الآية يصح أن يكون على بابه، ويضمر في الكلام بذنوبهم؛ فكأنهم يتوقّعون لقاءه مذنبين؛ ذكر المهدوِيّ والماوَرْدِي. قال بن عطية: وهذا تعسُّف. وزعم الفَرّاء أن الظنّ قد يقع بمعنى الكذب؛ ولا يعرف ذلك البصريون. وأصل الظن وقاعدته الشك مع ميل إلى أحد معتقديه، وقد يوقع موقع اليقين؛ كما في هذه الآية وغيرها، لكنه لا يوقع فيما قد خرج إلى الحِسّ؛ لا تقول العرب في رجل مرئيّ حاضر: أظن هذا إنساناً. وإنما تجد الاستعمال فيما لم يخرج إلى الحِسّ بعد؛ كهذه الآية والشعر، وكقوله تعالى: {فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا} (الكهف: 53). وقد يجيء اليقين بمعنى الظن، وقد تقدّم بيانه أوّل السورة. وتقول: سُؤت به ظنًّا، وأسأت به الظن. يدخلون الألف إذ جاءوا بالألف واللام.

وبناءا على ماتقدم يكون الجواب على سؤال أبي حمد أن عدم المعاينة هي السبب، فيكون الظن قائما مقام اليقين، وكما لايخفى فإن تعريف الأيمان: هو تصديق بالجنان وعمل بالأركان0

هذا مالدي والله تعالى أعلم بالصواب0

وكل الشكر موصول لأستاذتنا/ أنوار الأمل زادها الله نورا وعفافا، فلا غنى لنا عن تصويباتها المليحة0

والسلام

ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 11 - 2009, 01:59 ص]ـ

" فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الارض "

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير