اي: هذا العطاء الذي اعطيناك من الملك والمال، والبسطة هو عطاؤنا، لا عطاء غيرنا، ف «أمنن، أو أمسك بغير حساب». أي: فأعط منه ما شئت، أو امنع، مفوض اليك التصرف فيه. أي غير محاسب على شيء من الأمرين.
ومثل ذلك قوله تعالى في عطاء المؤمنين: «وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ» هود 108، «إن للمتقين مفازا، حدائق واعنابا، وكواعب اترابا، وكأساً دهاقاً، لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا، جزاء من ربك عطاء حسابا» النبأ 36.
هذا هو الاصل في العطاء، ان يكون اسماً للمصدر اعطاء، اما الايتاء فأكثر اللغويين على تفسيره بالاعطاء .. والصحيح الذي عليه المحققون ان بين الايتاء والاعطاء فرقاً من وجهين:
احدهما: ان الايتاء يحتمل ان يكون واجباً، وان يكون واجبا، وأن يكون تفضلا. أما الاعطاء فإنه بالتفضل اشبه، نحو قوله تعالى: (انا أعطيناك الكوثر) الكوثر: 1. فهذا العطاء عطاءُ تفضل، بدليل ان الله سبحانه أمره بالصلاة، والنحر عقب ذلك، فقال جل جلاله: (فصل لربك وانحر)، ولو كان واجبا، لما امره بذلك. ومثله قوله تعالى:
(ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى: 4. ثم قال له: (فأما اليتيم فلا تقهر ـ وأما السائل فلا تنهرـ وأما بنعمة ربك فحدث).
ولكون العطاء اشبه بالتفضل، خص دفع الصدقة، في القرآن الكريم بالايتاء، دون الاعطاء، لكونها واجبة، نحو قوله تعالى: (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) الانبياء: 73، وقوله تعالى: (أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) البقرة: 277. فهذا من الايتاء الواجب، وهو في المال ـ كما ترى.
ومن الايتاد الواجب، في المال ـ ايضا ـ قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة) النساء: 24. ومن الايتاء الذي يكون تفضلا، في غير المال قوله تعالى: (لقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) سبأ: 10.
وثانيا: ان الاعطاء يستعمل في القليل، والكثير، من كل شيء، نحو قوله تعالى: (أفرأيت الذي تولى ـ وأعطى قليلا وأكدى) النجم: 33 ـ 34. وقوله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر) الكوثر: 1. ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى: 4، وقوله تعالى: (قال فمن ربكما يا موسىـ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) طه: 50.
أما الايتاء فلا يستعمل الا في الشيء العظيم، مالا كان ذلك الشيء، او غيره، ومثاله قوله تعالى: (او يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيماً) النساء: 54، وقوله تعالى: (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين) النمل: 15، وقوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا) النساء: 20.
ومن ذلك قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم). اي: قد اوتيت النعمة العظمى، التي كل نعمة، وإن عظمت، فهي اليها حقيرة ضئيلة، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم. وفي حديث ابي بكر رضي الله عنه: «من أوتي القرآن، فرأى ان أحدا أوتي من الدنيا افضل مما اوتي فقد صغر عظيما، وعظم حقيرا».
وقال الراغب الاصفهاني في كتابه (المفردات في غريب القرآن): «كل موضع ذكر في وصف الكتاب (آتينا) فهو ابلغ من كل موضع ذكر فيه ـأوتوا)، لأن (أوتوا)، قد يقال اذا اولي من لم يكن منه قبول، و (آتينا)، يقال فيمن كان منه قبول». فتأمل عظمة هذا الكلام، الذي يشهد انه تنزيل من رب عظيم!!
محمد اسماعيل عتوك
رياضة
فنون
منوعات
كتب وترجمات
الرأي
سياسة
محليات
اقتصاد
الأولى
حقوق الطبع محفوظة لمؤسسة البيان للطباعة والنشر
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[08 - 05 - 2004, 02:30 ص]ـ
جهد مشكور يا أستاذ محمد عتوك في محاولات البحث في الإعجاز البياني
ويلح علي الآن سؤال وهو لماذا جئت بقولك (وأجاب أحدهم) بلا تحديد اسمه وواضح أنك تقصد الدكتور فاضل؟
ثانيا ـ لم أفهم ما تريده بالضبط: أتريد أن تقول إنك أتيت بإضافات إلى ما قاله الدكتور أو أنك ترى أن كلامه خطأ وأنك جئت بالصواب دونه؟ مع إني لم ألحظ أنك جئت بما يخالف الدكتور ولكنك جئت بوجه زائد وهو الواجب والتفضل، وهذا من التنوع المطلوب.
وقوله إن الإيتاء يشمل النزع لا يعني أن كل إيتاء ينزع
ثالثا ـ تفضلت بالقول
الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة الهيثم 2
وهنا لابد من ان نفرق بين العطاء والاعطاء .. اما العطاء فهو النوال، واما الاعطاء فهو الانالة، وهو مصدر للفعل اعطى، والعطاء اسم لهذا المصدر، تقول اعطيته اعطاء وعطاء، كما تقول: اكرمته اكراماً وكرماً، فالاول مصدر، والثاني اسم ـ له. ويختص بما هو صلة ويكون في المال وفي غيره.
العطاء قد يكون اسما وقد يكون اسم مصدر
أما (كرم) فليست اسم مصدر، إنها مصدر ثلاثي سماعي
وقولك في العطاء: (إن اسم المصدر يختص بما هو صلة له) فأظن أنك تخلط بين الاسم واسم المصدر، لهذا أوردت لك الملحوظة الأولى عن مجيء الكلمة اسما واسم مصدر، فاسم المصدر هو بمعنى المصدر تماما ويعمل عمله، وأرجو من الإخوة في المنتدى أن يؤكدوا هذا الكلام أو ينفوه أو يصححوه
وقوله عز وجل: هذا عطاؤنا تحتمل الاسمية والمصدرية، وهذا من باب الدلالة الاحتمالية في اللغة وهي تعطي المعنى أبعادا أكثر، وتجمع له بين معان متعددة
وتعريف اسم المصدر في الكتب الحديثة: هو اسم يدل على الحدث المجرد من الزمان ونقصت أحرفه عن أحرف فعله لفظا وتقديرا ومن غير عوض
¥