تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فان قلت ك فقد يتصل الضمير بالفعل، على حدما يتصل (بهاؤما) و (هاؤم) وذلك قولك: قمتما، وقمتم، فهلاّ لم يدل اتصاله على هذا الوجه عندك انه اسم، إذ قد يتصل بالفعل ن على ما أريناك؟

قيل: هذا ليس بداخل على ما قلنا، لأن ما أوردته من قمتما ليس بأمر ن وهذه الكلم موضوعةٌ للأمر، فلو كان فعلاً لاتصل بها الضمير، على حد ما يتصل بأمثلة الأمر، فلما لم يتّصل به، على ذلك الحد. دلّ ذلك على انّه ليس بفعل فان قال: فهلاّ زعمت أنها أفعال، لأنه كما يتصل به الضمير، على حد ما ذكرته، مما يتصل بغير الأفعال، فقد اتصل به أيضا على نحو ما يتصل بالفعل، لأن أبا عمرو (الجرمي) قد حكى أن منهم من يقول: هاءا، وهاؤا، فهذا مثل: اضربا، واضربوا.

أو هلاّ قلت: انه يكون اسماً تارة، وفعلاً تارة أخرى ,

قلت: إن الذي قال: هاؤما وهاؤم، فهو عنده اسم، والذي قال: هاءا وهاؤا، فهو عنده فعل، كما أن من قال: مررت عليه، كانت الكلمة عنده حرفاً، والذي قال: (من عليه)، كانت عنده اسماً.

قيل: قد ثبت انه اسم، بالدلالة التي ذكرنا، من اتصال الضمير به، ومن قال: هاءا أو هاءي، فانه عنده اسم أيضاً، في الأصل، إلا انه لما كان واقعاً موقع مثال الأمر .... (36)

* باب مماّ يكون مرةً اسماً من أسماء الفعل، ومرةً مصدراً، ومرةً حرف جر:

قال الشاعر: (ابوزبيد الطائي)

حماّل أثقال أهل الود آونةً أعطيهم الجهد منيّ بله ما اسع

قال أبو الحسن في باب الاستثناء: إن (بله) حرف جر

قال أبو علي: ووجه كونه حرفاً، انه يمكن أن يقال: انك إن حملته على انه اسم فعل ن لم يَجُز، لأن الحمل التي تقع في الاستثناء، مثل: لا يكون زيداً، وليس عمراً، وعدا خالداً، فيمن جعله فعلاً، ليس شيءٌ منه أمرا، وهذا يراد به الأمر، وهو اسم للفعل، فإذا كان كذلك لم يجز، لأنه لا نظير له.

فان قلت: فلم لا تجعله المصدر، لان المصدر وقع في الاستثناء في قولك: أتاني القوم ما عدا زيداً، والتقدير: مجاوزتهم زيداً، فهو مصدر؟

فانه يمكن أن يقال: أن (ما) زائدة، وليست التي للمصدر، و (عدا) إذا قدرت زيادة (ما) كان جملةً، فليس في ذلك دلالة، لاحتماله غير ذلك، والحروف قد وقعت في الاستثناء، نحو: خلا وحاشا، ولا وجه لهذه الكلم إلا أن تكون حروف جر.

فإذا كان بله زيد، هنا ليس يخلو من أن يكون اسم فعل، أو مصدراً، أو حرفاً، وليس يجوز وقوع اسم الفعل هنا، لما قدّمنا، ولا المصدر، لأنه لم تقع عليه دلالة، من حيث جاز أن تكون (ما) زائدة في (ماعدا) كان حرف جر، لان حروف الجر قد وقعت في موضع الاستثناء.

وقال سيبويه: (أما ّبله زيداً، فتقول: دع زيداً، وبله هاهنا بمنزلة المصدر كما تقول: ضرْبَ زيدٍ).

قال أبو علي: فمن قال: بله زيداً، جعله بمنزلة دع، وسمي به الفعل ومن قال: بله زيدٍ، فأضاف، جعله مصدراً، ولا يجوز أن تضيف، ويكون مع الإضافة اسم الفعل، لان هذه الأسماء التي تسمى بها الأفعال، لا تضاف ألا ترى انه قال: جعلوها بمنزلة النّجاءَك، أي لم يضيفوها إلى المفعول به كما أضافوا أسماء الفاعلين والمصادر إليه، فهي في قوله على ضربين: مرةً تجري مجرى الأسماء التي تسمى بها الأفعال، ومرة تكون مصدراً ..... (37)

*باب ما لحقه الحذف من الحروف:

الحروف على ضربين: حرف فيه تضعيف، وحرف لا تضعيف فيه، فما كان فيه تضعيف من الحروف، قد يخفف بالحذف منه، كما فعل ذلك في الاسم والفعل بالحذف أو القلب، وذلك نحو: إن، و أن، ولكن، وربّ.

والقياس إذا حذف المدغم فيه، أن يبقى المدغم على السكون، وقد جاء:

أزهير أن يشب القذال فانه ربّ هيضل لجب لففت بهيضل

ويمكن أن يكون الآخر منه حرّك، كما لحقه الحذف والتأنيث، فأشبه بهما الاسم، كما حرّك الآخر من ضربَ، ولم نعلمهم خففوا ثمَّ. وحكى أبو عمر عن يونس أن لكن إذا خففت، لا تكون حرف عطف، ووجه قوله أنّ لكن إذا خففت، كانت بمنزلة إن وان، فكما أنها بالتخفيف لم يخرجا عمّا كانا عليه قبل التخفيف، فكذلك تكون لكن، فإذا قال: ما جاءني زيدٌ لكنّ عمروٌ، كان الاسم مرتفعاً بلكنّ، والخبر مضمر، وإذا قال: ما ضربتُ زيداً لكنّ عمراً، كان في لكن ضمير القصة، وانتصب زيدُ بفعلٍ مضمر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير