ومنه قوله تعالى: (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني): أي: والله لو بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، فاللام دالة على قسم مقدر، وتسمى "اللام المؤذنة والموطئة".
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (لئن لم تنته لأرجمنك)، أي: والله لئن لم تنته لأرجمنك.
وقوله تعالى: (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم)، أي: والله لئن أخرجوا لا يخرجون معهم.
وقوله تعالى: (لتبيننه للناس)، أي: والله لتبيننه للناس، وأصل: تبيننه: تبينوننه، بتوالي 3 نونات، فحذفت النون علامة رفع الفعل: تبينون، كراهية توالي 3 أمثال، ثم حذفت واو الجماعة الساكنة، كراهية التقاءها مع النون الأولى، وهي النون الساكنة، من نوني نون التوكيد الثقيلة، والله أعلم.
بتصرف من "شذور الذهب"، ص70، و"مباحث في علوم القرآن"، للشيخ مناع القطان، رحمه الله، ص270، وله في هذا الكتاب فصل بديع في "أقسام القرآن" ص265_271.
ومنه قوله تعالى: (إن هذان لساحران)، فمن ضمن توجيهات النحويين لهذه الآية:
أن "إن" هنا بمعنى: نعم، فيكون المعنى: نعم هذان لساحران.
كما حكي عن عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما، أن رجلا سأله شيئا فلم يعطه، فقال الرجل: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال: إن وراكبها، أي: نعم ولعن الله راكبها.
وكما في قول ابن قيس الرقيات:
بكر العواذل في الصبوح ******* يلمنني وألومهنه
ويقلن: شيب قد علاك ******* وقد كبرت فقلت: إنه
أي: نعم قد علاني الشيب وكبرت سني، ولا أزال على ما كنت عليه أيام الفتوة والشباب.
وكما سبق فتقدير الكلام على هذا الوجه: نعم هذان لساحران، وقد يبدو للوهلة الأولى، أن إعراب "هذان" مبتدأ، وهذا لا إشكال فيه، وإعراب "لساحران"، خبر، ولكن يرد على ذلك أن لام الابتداء لا تدخل على الخبر لذا وجب تقدير مبتدأ محذوف لـ "ساحران"، تدخل عليه لام الابتداء، ويكون السياق: نعم هذان لهما ساحران، وتكون جملة المبتدأ وخبره: (لهما ساحران)، في محل رفع خبر المبتدأ "هذان"، والرابط بين جملة الخبر والمبتدأ هو الضمير المنفصل "هما" العائد على المبتدأ "هذان"، والله أعلم.
وشاهد ذلك من كلام العرب:
أم الحليس لعجوز شهربه ******* ترضى من اللحم بعظم الرقبة
فـ "أم الحليس": مبتدأ، و "لعجوز" خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هي"، تتصل به لام الابتداء لأنها لا تدخل على الخبر، فيكون المعنى: أم الحليس لهي عجوز شهربه، وللبيت تخريج آخر لا يلزم معه تقدير محذوف وهو القول بأن اللام في الخبر "لعجوز" زائدة.
وقول أبي عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان قد امتن عليه يوم بدر:
فإنك من حاربته لمحارب ******* شقي ومن سالمته لسعيد
أي: من حاربته لهو محارب شقي ومن سالمته لهو سعيد، أو يقال بأن اللام في "لمحارب" و "لسعيد" زائدة في الخبر.
وجدير بالذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قتل أبا عزة بعد ذلك لما نقض الأخير عهده وعاد لهجاء الرسول صلى الله عليه وسلم، بتحريض قريش، وكان قد أعطاه عهدا يوم بدر ألا يهجوه، ولما طلب أبو عزة الصفح مرة أخرى، قال له عليه الصلاة والسلام: لا أتركك تسير في شوارع مكة تهز كتفيك وتقول: خدعت محمدا مرتين، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأولى الناس بوصف الإيمان خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وقول الشاعر:
خالي لأنت ومن جرير خاله ******* ينل العلاء ويكرم الأخوالا
أي: خالي لهو أنت، أو يقال بأن اللام في "لأنت" زائدة في الخبر، والله أعلم.
بتصرف من "منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل" (1/ 195_197، 296) و "منتهى الأرب بتحقيق شرح شذور الذهب"، ص 78.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 04 - 2006, 03:50 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
¥