تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن يكون الأمر، على ما ذكر، من ارتفاع (الذين هادوا) بالابتداء، ولكن يكون ما بعدها هو خبرها، وليس خبر إن، فكأن خبر إن هنا هو المحذوف، فيكون التقدير: والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فالمبتدأ: (والذين هادوا)، والخبر: (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، وتكون هذه الجملة قد اكتملت دون فصل، ويتبقى لدينا جملة: (إن الذين آمنوا)، فهي مفتقدة لخبر متمم لها، فيقال بأن خبرها قد دل عليه الخبر المتأخر "فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، ويكون التقدير: والذين آمنوا كذلك.

ولا شك أن الوجه الأول أرجح، لأن الخبر المتقدم فيه دال على المتأخر، وهذا هو الأولى، أن يدل متقدم في السياق على متأخر يتلوه، خلاف الوجه الثاني الذي دل فيه المتأخر على المتقدم، والله أعلم.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد يقال هنا بأن الواو "عاطفة" وليست استئنافية، ولكنها لا تعطف "الذين هادوا والصابئون" على اسم إن المنصوب، وإنما تعطفهما على محل "إن واسمها"، ومحلهما هنا الابتداء، والمبتدأ مرفوع، فيكون السياق من باب عطف مرفوع على مرفوع، وهذا اختيار الكسائي، رحمه الله، وهو يسمى بـ "العطف على المحل"، والمحل هنا هو الابتداء، كما تقدم، وهو خلاف الأصل لأن الأصل أن العطف يكون على اللفظ، والله أعلم.

وتجدر الإشارة، أيضا، إلى أن قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه: (والصابئين)، بالنصب عطفا على لفظ اسم إن المنصوب، وهي مروية عن ابن كثير المكي، رحمه الله، ولا إشكال فيها.

ومعنى الآية واضح لا إشكال فيه، فلا سبيل للنجاة في أي زمن من الأزمان لأي فرد من أفراد هذه الأمم: المؤمنين واليهود والصابئين والنصارى .......... إلا باتباع رسالة السماء، وقد ختمت برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فسدت كل الطرق إلى الجنة ببعثته إلا طريقه، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، وعليه لا يجوز لأحد أي يقول بأن الآية نصت على أن من اليهود والنصارى مؤمنون بالله واليوم الآخر، فما المانع من دخولهم الجنة مع بقائهم على دينهم؟، لا يجوز لأحد القول بذلك لأن هذا القول يصح إذا ما أطلق على أتباع موسى صلى الله عليه وسلم من المؤمنين، قبل بعثة عيسى صلى الله عليه وسلم، أو أطلق على أتباع عيسى صلى الله عليه وسلم من المؤمنين، قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد بعثته عليه الصلاة والسلام فلا دين يقبله الله إلا ما أنزله عليه، ولو كان اليهود والنصارى الموجودون في زماننا هذا مؤمنين بالله واليوم الآخر حق الإيمان لأداهم ذلك إلى اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فمن آمن بموسى وعيسى صلى الله عليهما وسلم لزمه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وإلا كان متناقضا مفرقا بين المتماثلات فكلهم رسل الله، فعلام التفريق بينهم ودينهم واحد وهو الإسلام؟!!!، والله أعلم.

بتصرف من "شرح شذور الذهب" ص84، و "مباحث في علوم القرآن" ص185.

ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 04 - 2006, 09:47 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومن ذلك أيضا قوله تعالى: (أمن هو قانت آناء الليل)، عند من جعل الهمزة للاستفهام، خلاف من جعلها للنداء كالفراء، رحمه الله، فتقدير الكلام على القول بأنها للاستفهام: أمن هو قانت آناء الليل خير أم هذا الكافر، أي المخاطب بقوله تعالى: (قل تمتع بكفرك قليلا)، فحذف شيئين:

معادل همزة الاستفهام وهو: "أم"

والخبر بعدها: "هذا الكافر"

ونظيره قول أبي ذؤيب الهذلي:

دعاني إليها القلب إني لأمره ******* سميع فما أدري أرشد طلابها

أي: لا أدري أمن الرشاد طلبها؟، فتقدير الكلام على القول بحذف المعامل والخبر:

فما أدري أرشد طلابها أم غي:

فيكون معادل همزة الاستفهام في "أرشد": "أم"

ويكون الخبر: "غي"

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير